بقلم : راسم عبيدات ... 09.08.2013
واضح بان افق المفاوضات ومساراتها بدأت تغلق،وبأن الحرب ستتقدم على التفاوض والسياسة،وكنتيجة لذلك تم الغاء قمة بوتين- اوباما التي كان من المقرر ان تعقد على هامش قمة العشرين في مطلع أيلول القادم،فالمبعوث الأمريكي،بندر بين سلطان فشل في إقناع الروس وبوتين بالتخلي عن الأسد،حيث قدم له بندر إغراءات مالية بقيمة 15 مليار دولار على شكل صفقات أسلحة ومساعدات إقتصادية،ناهيك عن المصالح والنفوذ،ولكن بوتين إختار الأسد على تلك الصفقات والإغراءات،وبندر خرج متوعداً بأن جبهات الحرب ستفتح،حيث قامت امريكا وحلفائها من مشيخات الخليج ومعهم جماعة الخلافة الإسطنبوليه،بضخ عشرات الألاف من الإرهابين على الساحل السوري،وقاموا بأكبر عملية تطهير عرقي،من اجل خلق فتنة طائفية في سوريا،تدفع للإحتراب الداخلي والحرب الأهلية،فقد جرى قتل عشرات العائلات العلوية هناك،وخطف الأطفال وسبيت وأغتصبت النساء،واحتل هؤلاء الإرهابيين عدة قرى على الساحل السوري،قبل ان يتمكن الجيش من إستعادة زمام المبادرة هناك،ويلاحق تلك العصابات المجرمة،ويبدأ بإستعادة السيطرة على تلك القرى التي سيطر عليها القتلة والمجرمين،ويبدو بأن رهان أوباما على عدم حضور تلك القمة،والذي في ظاهرة قضية الجاسوس سنودن الذي احتضنته روسيا،كان يخفي في باطنه،حدثاً كبيراً حدوثه سيؤدي الى تغير إستراتيجي في المعادلات التفاوضية بين روسيا وحلفائها من جهة وأباما ومعسكره من جهة اخرى، وبما يمكن أوباما وحلفاءه من فرض شروطهم في المفاوضات مع الروس،ويبدو ان بندر وعد اوباما بالتخلص من الرئيس الأسد عبر الإغتيال،حيث سارعت قناتَي الخداع والتضليل الإعلامي الخنزيرة"الجزيرة والعبرية"العربية" لبث خبر إغتيال الرئيس السوري بشار الأسد أثناء توجه لأداء صلاة العيد في مسجد أنس بن مالك،من خلال سبعة عشرة قذيفة هاون اطلقها ما يسمى بلواء التوحيد، الإسلامي وليظهر زيف وكذب هذا الخبر من خلال اللقطات التي بثت للرئيس الأسد وهو يغادر المسجد ويقود سيارته بنفسه.
ربما هو العامل الحاسم في تغيير اوباما لموقفه من حضور القمة،رغم ان هناك ثمة عوامل جوهرية أخرى،دفعت بأوباما الى عدم حضور تلك القمة،فالتطورات على الأرض جعلت من إمكانية حدوث تسوية امريكية - روسية على طريقة لا غالب ولا مغلوب غير ممكنة الحدوث،ففي سوريا النظام يحقق إنجازات وانتصارات ويستعيد زمام السيطرة على الوضع،وفي لبنان الأسير يفشل بالسيطرة على صيدا،وبالتالي خلق الفتنة الشيعية – السنية في لبنان،ذهبت بذهاب الأسير وعصابته المجرمة،وفي مصر وهو العامل الأهم خرج الإخوان من السلطة وتهاوى مشروعهم،وهم الحليف الإستراتيجي للأمريكان في مشروع نشر وتغذية الفتن المذهبية والطائفية وشعبنتها (الشيعية – السنية والقبطية – الإسلامية)،وفي مواصلة الحرب على سوريا،وايضاً التحركات الواسعة لقوى المعارضة في تونس من أجل التخلص من المشروع الإخواني وسلطته،والتململ في ليبيا والتحرك للقوى القومية من اجل إستعادة السلطة هنا،كل هذه العوامل تدفع بأوباما الى عدم حضور تلك القمة،فالحضور يعني التسليم بالشروط الروسية للتسوية.
قمة بوتين-أوباما من المفترض ان تعالج كل الملفات المختلف عليها بين الطرفين،وبما ينشيء ليالطا جديدة بين الطرفين،الإنسحاب للقوات الأمريكية من أفغانستان،والملف النووي الإيراني والقضية السورية والمفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية،وكل الملفات المتصلة بالشأن الآسيوي بما فيها الملف الخاص باسلحة الدمار الشامل الكورية،وكذلك القضية المصرية وسقوط والمشروع الإخواني.
حتى تنضج الظروف لمفاوضات على طريقة لا غالب ولا مغلوب،لا بد من إجراءات بوسائل اخرى غير السياسة لفرض شروط تلك المفاوضات،فهناك حديث عن ان امريكا تخطط لمد ما يسمى بالمعارضة السورية بأسلحة حديثة ومقاتلين،لتغير المعادلات على الأرض من خلال إحتلال مدينة درعا السورية على الحدود الأردنية،وكذلك نرى بان التوتر يتصاعد بشكل كبير على الجبهة اللبنانية،حيث كثرة التصريحات الإسرائيلية عن قدرات حزب الله العسكرية والصاروخية،وبان حرباً قد تندلع مع حزب الله في أية لحظة،وكذلك فإن مشاركته إلى جانب الجيش السوري في الحرب ضد العصابات والإرهابيين لم تضعفه،بل زادته قوة،وحاولت اسرائيل جس نبض الحزب وجاهزيته في عملية التسلل الأخيرة التي جرح فيها أربعة جنود اسرائيليين،اما على الجبهة المصرية،فقد حسمت موقفها إلى جانب الإخوان،من خلال الحديث الجديد بأن ما حدث في مصر هو إنقلاب على الشرعية والديمقراطية،في تصعيد امريكي ضد الجيش والحكم الجديد في مصر،وقد عهد بهذا الملف الى ماكين وبندر،من اجل ممارسة ضغوط على السيسي وقيادة الجيش،من اجل إيجاد تسوية،بحيث يكون للإخوان حصة كبيرة في السلطة وصنع القرار،وإذا ما رفض السيسي ذلك،فسيتم العمل على إغراق مصر بالفوضى الخلاقة،والفتن المذهبية والطائفية والحروب الأهلية،وجرها الى النموذج الجزائري.
أوباما يلغي مشاركته في القمة الروسية – الأمريكية،واردوغان يؤجل زيارته الى روسيا وتصعيد قطري- سعودي ضد موسكو،وتهديدات اسرائيلية بشن حرب على حزب الله ولبنان،وتطورات غير مشجعة أمريكيا وخليجياً وتركياً على الصعيد السوري،حيث مشروعهم لإسقاط الأسد يتعرض لإنتكاسة كبيرة،وحلم جنبلاط ودعوته لحزب الله بأن يعيد حساباته ،لأن ايام الأسد باتت معدودة ذهبت ادراج الرياح،والأسير يفشل فيما اوكله إليه بندر من إحتلال صيدا،ووضع سلاح الفتنة مقابل سلاح المقاومة،ونشر الفتنة المذهبية شيعية – سنية،وتفشل معها محاولات زعزعة امن وإستقرار لبنان،والمشروع الإخواني يهزم في عقر دار الإخوان،ومحاولات منع حماس الإبن الضال الى المعسكر الذي إحتضنها وحماها قد تفشل،حيث اللقاءات مع الإيرانيين وحزب الله تمهد لتلك العودة،وفرض الشروط الأمريكية - الإسرائيلية على جبهة التفاوض مع الفلسطينيين،غير ممكنة في ظل بقاء الأسد ونصر الله قويين.
إذاً نحن أمام إنسداد لأفق السياسة والتسوية،والوضع بات يعلن عن تقدم الخيار العسكري على الحل السياسي،ولبنان ودمشق هما بوابتا السلم والحرب،وفي تقرير مصير وخارطة المنطقة.