بقلم : صالح النعامي ... 24.12.08
قامت الدنيا ولم تقعد عندما فاز قبل سنوات زعيم اليمين في النمسا يورغ هايدر في الإنتخابات التشريعية في بلاده، ونجحت الحملة التي شنتها إسرائيل والدوائر اليهودية المرتبطة بها في اقناع العالم، وتحديداً كلاً من أوروبا والولايات المتحدة بنزع الشرعية عن تولي هايدر مقاليد الأمور في النمسا، بحجة أنه يتبنى مواقف تتقاطع مع النازية الألمانية. و بفعل هذه الحملة فأن هايدر الذي توفي قبل عدة أشهر في حادث سير، لم يتولى أي منصب رسمي، رغم تمتعه بتأييد شعبي عارم في النمسا، وهي دولة مستقلة وذات سيادة. لكن إسرائيل التي رفعت لواء الحرب ضد هايدر ونزعت الشرعية عنه، هي تحديداً التي تفتح المجال أمام صعود نجوم الساسة الذين يجاهرون بإعجابهم بمؤسس النازية هتلر، بل ويدافعون عن سياساته!!!.
فايغلين معجب بهتلر
مؤخراً أجرى حزب الليكود اليميني انتخاباته التمهيدية لاختيار أعضاء قائمة الحزب للكنيست القادمة، وكانت المفاجئة عندما نجح موشيه فايغلين وهو زعيم ما يعرف بـ " القيادة اليهودية "، وهي تنظيم عنصري معادي للعرب في الحصول ليس فقط على مكان مضمون في قائمة الليكود للكنيست، بل أنه نجح في ضمان أماكن لعدد كبير من الذين يشاركونه مواقفه الفكرية والسياسية في قائمة الحزب للكنيست. وفايغلين الذي أصبح رجل الليكود القوي، يجاهر بإعجابه بالنازية الألمانية، ولم يتورع في مقابلة أجرتها معه صحيفة هارتس عن التعبير بإعجابه بهتلر. وقال متحدثاً عن مناقب النازية " النازية دفعت المانيا من أوضاع متردية الى أوضاع خيالية من الناحية الايديولوجية والمادية- الشبان الألمان القذرون تحولوا الى شبان نظيفين مرتبين وحظيت المانيا بنظام نموذجي وحكم سليم ونظام شعبي". وحول شخصية هتلر يقول فايغلين " ادولف هتلر كان يعشق الموسيقى اللطيفة وكان رساما ولم يكن النازيون ثلة من الزعران فقط، هم فقط استخدموا الزعران والمثليين جنسيا". كما أنه يؤكد رغبته في تقليد هتلر تحديداً في تملصه من القوانين، حيث يقول " أنا ضد القوانين بصورة مبدئية. وأنا اعتقد أن هناك حاجة للمزيد من الثقافة والعقيدة والتقليل من القوانين ". فايغلين عبر عن اعجابه بالنظام التعليمي الألماني في عهد النازية، واعتبر أن إسرائيل بإمكانها أن تستفيد منه كثيراً.
أقوال فايغلين نشرت باللغتين العبرية والإنجليزية، لكنها لم تؤدي الى أي رد فعل غربي مهما كان، فضلاً عن أن النمساويين الذين تعاملت معهم إسرائيل بشكل مهين ومذل، لم يتطرقوا لذلك بأي شكل من الأشكال، مع أنه من غير المستبعد أن يأتي اليوم الذي يجلس فيه فايغلين حول طاولة الحكومة الإسرائيلية ليس فقط كوزير، بل حتى كرئيس وزراء.
يريد تصفية الوجود العربي الإسلامي
لكن إن كان للأوروبيين أن يقولوا كلمتهم ضد صعود فايغلين، فأنه كان الأحرى أن يكون للعرب موقف إزاء البرنامج السياسي الذي ينادي به فايغلين جهاراً نهاراً، والذي يهدف صراحة الى تصفية الوجود العربي والإسلامي في فلسطين. خطورة فايغلين تكمن في حقيقة أنه أصبح الرقم الصعب في الحزب الذي تؤكد كل استطلاعات الرأي أنه سيفوز في الإنتخابات القادمة وسيشكل الحكومة الإسرائيلية القادمة. ففي الوقت الذي يتحدث فيه العرب عن الحوار والسلام، فإن فايغلين يطالب بتهويد المسجد الأقصى ومنع الفلسطينيين من أداء الصلاة فيه على اعتبار أنه مكان يخص اليهود وحدهم، فضلاً عن أنه أبدى تأييداً غير متحفظ لمحاولة بعض التنظيمات الإرهابية اليهودية تدمير الحرم. وبالنسبة للشعب الفلسطيني، فأن فايغلين يرى أنه لا يوجد ولم يكن هناك شعب فلسطيني، ولم تكن ابداً دولة فلسطينية.وهو يرى أن تسوية سياسية للصراع يجب أن تستند الى تصفية أمل الفلسطينيين في التحرر. ويقول " اذا كان أمل الفلسطينيين يتمثل في طردنا، فان تصفية أملهم ستأتي عندما نوضح باننا نتمسك الى الابد بكل اجزاء ارض اسرائيل "، مشدداً على أن تصفية الأمل الفلسطيني تعني ستساهم في تجفيف منابع المقاومة الفلسطينية. رجل الليكود القوي هذا يرى أنه يتوجب على الفلسطينيين أن يحققوا مصيرهم في الدول العربية وليس على أرضهم. فايغلين ذو القوة الطاغية في إسرائيل هو الذي أبدى تعاطفه العلني مع الجزار باروخ جولدشتاين الذي نفذ مجزرة الخليل في العام 1994، حيث قتل 29 فلسطينياً اثناء سجودهم في صلاة الفجر، بل واعتبره " صديقاً ". وهو لم يتورع عن الدعوة لتدمير مدينة رام الله ، فضلاً عن أنه دعا جهارة الى خروج اسرائيل من الأمم المتحدة. لكن فايغلين لم يكن الوحيد من شذاذ الآفاق الذين دفعت بهم الإنتخابات التمهيدية الأخيرة في حزب الليكود، فقد فاز في هذه الانتخابات أشخاص أخرون لا يقلون إجراماً عنه مثل، الجنرال يهود ياتوم الذي كان قائد شعبة العمليات في جهاز المخابرات الداخلية " الشاباك "، وهو الذي تباهى بأنه قام بكلتي يديه بتحطيم رأسي أسيرين فلسطينيين في العام 1981 بعد محاولتهما اختطاف حافلة إسرائيلية، وذلك بعد استسلامهما.
واللافت أنه بإستثناء ثلاثة فقط، فأن جميع أصحاب الأماكن المضمونة في قائمة الليكود الإنتخابية هم من الذين يرفضون إقامة الدولة الفلسطينية ويرفضون الإنسحاب ولو من شبر واحد من الأراضي العربية المحتلة.
هذا هو الليكود، الحزب القادم لحكم إسرائيل من جديد ، وها هم رجاله ومواقفهم، فهل مع هؤلاء يجدي حوار أو سلام؟!!
بدلاً من الرهان على التسويات والحوارات بشتى تصنيفاتها، فعلى العرب أن يهبوا في حملة دولية لتجريم النظام السياسي الإسرائيلي الذي يسمح بصعود النازيين الجدد.