بقلم : ... 08.10.2014
في سابقة خطيرة من نوعها منذ احتلال القدس والمسجد الأقصى عام 1967 وتزامنا مع عيد "العرش" اليهودي؛ اقتحمت قوات الاحتلال المصلى القبلي في المسجد الأقصى وقامت بإلقاء قنابل الغاز والصوت على المصلين داخله، ما أدى الى إصابة العديد منهم واندلاع حريق بسجاد المصلى وتصاعد الدخان منه. فيما لاحقت عناصر الاحتلال المسنين في باحات المسجد الأقصى وقامت بإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية بشكل عشوائي، أسفرت عن إصابة حوالي عشرين مصلي تفاوتت إصاباتهم بين متوسطة وخطيرة.وكانت قوات الاحتلال قد أغلقت منذ ظهر أمس الثلاثاء أبواب المسجد الأقصى أمام كافة الرجال دون سن الخمسين، وقامت برفع الجيل الى ما فوق الستين للرجال والنساء منذ فجر اليوم، ونصبت الحواجز العسكرية على المداخل والطرقات المؤدية الى المسجد وقيدت من حركة المقدسيين في البلدة القديمة لليوم الثاني على التوالي؛ تمهيدا لاقتحامات مجموعات يهودية للمسجد طيلة أيام عيد "العرش" الثمانية، يتوقع فيها منع دخول شرائح واسعة من المسلمين وتوفير غطاء أمني للاقتحامات اليهودية التي تحمل طابع ديني متطرف، كتطبيق فعلي للتقسيم الزماني في المسجد الأقصى.وذكر شهود عيان أن قوات الاحتلال اقتحمت المصلى القبلي مسافة 15 متر وقامت بإطلاق وابل من قنابل الصوت والغاز نحو المصلين وزوايا المصلى، فيما انتشر العناصر في باحات المسجد الأقصى – البالغة مساحته 144 دونم، وقاموا بملاحقة المسنين الذين استطاعوا الاعتكاف منذ الأمس وطردتهم بالقوة، بينما وفرت مسارات "آمنة" للمقتحمين اليهود والسياح الأجانب خلال المواجهات.وكان نائب رئيس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني الشيخ كمال خطيب قد تواجد منذ صبيحة الأمس في المسجد الأقصى مع المئات من المرابطين والمعتكفين، برفقة أعضاء وقيادات بارزة في الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني، في حين استشعر الغياب القسري للشيخ رائد صلاح عن مشهد الاعتكاف، بعد أمر إبعاده المتواصل عن القدس والمسجد الأقصى منذ العام 2007.وأعرب خطيب عن ثقته بأنه لن يكون للاحتلال موطئ قدم في المسجد الأقصى رغم هذه الممارسات الاحتلالية وأن اليد العليا ستكون للمسلمين والعرب وحدهم. ووجه كلمته الى الاحتلال قائلا "إن هذا المسجد الذي تحاولون احتلاله وتهويده يوميا قد راح ضحيته 22 شهيد في العام 1990 من القرن الماضي، إضافة الى ثلاثة عشر شهيدا مع اندلاع انتفاضة الأقصى ارتقوا من أجله. وأن جذوة الأقصى ستبقى مشتعلة رغم أنوفكم". وأضاف أن ابتسامة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي أمر بوقف مظاهر الرباط في القدس والأقصى، لن تدوم، مؤكدا على يقينه بالنصر لأن الأقصى للمسلمين وحدهم، ولن ينال الاحتلال فيه الا السراب.فيما ذكر مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكيسواني مباشرة بعد توقف الأحداث قبل صلاة الظهر، أن نية الاحتلال كانت مبيتة باقتحام الأقصى والاعتداء عليه والمصلين. وأضاف "رغم أننا طلبنا بالأمس من الشرطة عدم فتح باب المغاربة لتجنب هذا الوضع، إلا أن الشرطة ضربت هذه الدعوة بعرض الحائط، وقامت باقتحام المسجد الأقصى بقوات كبيرة وحاصرت المصلين واعتدت عليهم قبل إفراغ المسجد منهم".وأشار الكيسواني أنه في ذكرى مجزرة الأقصى يتم اقتحامه لفرض هذا الواقع بالقوة، بالتعاون بين الحكومة وأعضاء كنيست وجهاز الشرطة. ونوّه الى أنه تجري منذ الأمس اتصالات مع القصر الملكي في الأردن لوضعهم في صورة الحدث الذي يريد الاحتلال منهجته بالقوة والعربدة. فيما أرسل نداء من بيت المقدس يدعو فيه الى دعم المسجد الأقصى والفلسطينيين في صمودهم أمام إجراءات الاحتلال حتى زواله.واستنكر رئيس لجنة المتابعة في الداخل الفلسطيني محمد زيدان هذه الاجراءات التي قال أنها تصاعدت بشكل غير مسبوق منذ عدة أشهر واصفا إياها بالخطوات الجدية لتقسيم المسجد الأقصى. وذكر أن الحكومة الاسرائيلية كانت قد أبلغت السفير الأردني عبر وزارة خارجيتها عن التخطيط من أجل تقسيم زماني للمسجد الأقصى، يمنع فيه دخول المسلمين في الفترات الصباحية بشكل ثابت. فيما أشار الى أن هذا الحديث تعدى كونه تصريحات رسمية، دلالة على أننا نقف على أعتاب مرحلة جديدة يتوجب على المسلمين في العالم وخاصة المسؤولين والرؤساء أن يأخذوا الأمر بمحمل الجد، بعد ثبوت محاولات الاحتلال استنساخ الوضع القائم في المسجد الابراهيمي في الخليل، والتهديد بإشعال المنطقة بنيران لا تحمد عواقبها.وأضاف أنه تم تشكيل لجنة من أجل ملاحقة الأمر والتواصل مع المملكة الاردنية وإطلاعهم على الأمر، باعتبار أن المسجد الأقصى يقع تحت إشرافها. وأعرب عن أمله بأن تترجم هذه الرسالة بشكل عملي، وأن يأخذ العاهل الاردني الأمور بشكل جدي أكثر مما هو عليه الآن، لضرورة التحرك السريع ومسؤوليتهم في حماية المسجد الأقصى المبارك.من جهته رفض المهندس عبد الله العبادي من وزارة الأوقاف الاردنية في اتصال هاتفي، تصرفات الاحتلال وحملته المسعورة على المسجد الأقصى، ومنع دخول موظفي الأوقاف من الدخول منذ السابعة من صباح اليوم، في مقابل السماح باقتحام اليهود والمتطرفين.وأضاف " إن السيادة على الأراضي الفلسطينية ومن ضمنها المسجد الأقصى تعود لدولة فلسطين، أما الوصاية على المسجد فهي أردنية هاشمية، ولا يتعارض ذلك مع دأب المملكة على فك الحصار عن المسجد الأقصى". وطالب جامعة الدول العربية والاسلامية بالتدخل من أجل حماية المسجد الأقصى، والتزام اسرائيل بالاتفاقيات والمعاهدات المبرمة بين البلدين.وتدعي شرطة الاحتلال أن اقتحامات اليهود اليومية للمسجد الأقصى هي "زيارات سياحية" لا تحمل دوافع دينية، في حين تطالب شخصيات رسمية وسياسية في الحكومة الحالية وفي منظمات الهيكل في "حقها" بالصلاة في المسجد الأقصى، بعد نجاحها في تقنين الاقتحامات وتوفير الحماية الأمنية لها.ويقتحم اليهود المسجد الأقصى يوميا بين الساعات 7:30 و 11:30 صباحاً، وبين الساعة 13:30 و 14:30، ، فيما تطالب أوساط بزيادة هذه الفترة وإتاحة الاقتحامات من أبواب أخرى عدا عن باب المغاربة، وهو ما صرحت به الاذاعة الاسرائيلية بمناقشة الاقتراح بفتح باب القطانين أمام المقتحمين اليهود، تمهيدا لتخصيص أبواب أخرى للاقتحامات!!