بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 30.12.07
كنت أتامل في حال العرب والمسلمين في يوم عيدهُم, وكنت وما زلت على قناعه راسخه ان هذا العربي المخلوق العجيب قد تعود على الفرح المقلوب والترح الدائم في غابة هزائم لا تنتهي, وهذا العربي هكذا هو كان وما زال كائن يولد ويعيش ويتزاوج ويتكاثر في اجواء العواصف والكوارث والهم والغم, من زمن الى زمن ومن عقد الى اخر يُرمى به الى الحفر السحيقه, ولا انكر عليكم حين اعلمكم انهُم في ارضنا أصاغوا في قوالب صهيونيه كل شئ من جديد.. اصاغوا الجغرافيا واصاغوا التاريخ والانسان.. اصاغوا شكلا جديدا للبحر والبر والشمس والمكان والمدن والقرى والسهل والجبل الفلسطيني, وحين تركت جغرافيا المكان والتلة الجميله قبل عقد من الزمان::عدت ولم اجد التله ولا المكان الذي ابتلعه الاستيطان والمستوطنات اليهوديه! وهكذا قلت بيني وبين نفسي اننا عرب الاشعار والشعارات نصل دائما مُتأخرين بعقود وقرون اذا تعلق الامر بمواعيد حاسمه, ومن ثم وبعد فوات الاوان نعطي الاحداث تواريخ ونندب يوم حدوثها لابل نحيي ذكراه وذكرى مجازر واحداث لم تعد تتسع لها عدد ايام السنه العاديه .. لربما نحتاج الى بناء سنة على الطابق الثاني!! وهكذا توالت علينا الاحداث وتكررت وظلينا نركض كل في حقائقه المطلقه في محيط هشا شكله و فحواه مجرد ديكورا مهزوما ومهزوزا ومهشما تهشيما يتعدى مقولة النار في الهشيم...هكذا نبتت الاشجار والاعشاب منذ اكثر من نصف قرن على اطلال يافا وخراب حيفا ومساجد عسقلان والمجدل وبئر السبع التي تحولت الى حانات وزرائب ومتاحف,,, وظل كل منا يركض وراء السراب والكذب العربي الرسمي والشعبي ننشد تفاهات الامور في ظل ولائم لحمنا الحي نُقدس الهزيمه والعيد ونستهزأ بمقدساتنا والوطن..... القدس وما ادراكم حال القدس الشريف يا عرب وانتُم الناحرون والمنتحرون على جدران تاريخكم في يوم النحر وفي يوم العيد,, ومتى بالاصل كان لنا يوما خاليا من نحرُنا ومن دمنا ومن لحمنا الحي الذي يُقطَع اربا اربا في غزه وجنين والقدس وبغداد...املأ فمك بالمليان بلحم العيد بحلوى العيد بغناء العيد, وهُناك ايها العربي الهائم على وجهه وغائب عن واقعه تكورت الكلمات واللوكات كجمر احترقت في اتونه الحقيقه:::: الحقيقه والواقع في بلادنا كانت دوما غريبه ومُستغربه والمطلق الواضح والساطع يحتاج الى تعتيم وتحوير حتى نستوعب الجاري الرابض على صدورنا الثكلى والعاريه بعراء وجودنا وحفاء اقدامنا رغم تظاهرنا الابدي بالمستُورين ونحن اللذي تسطع عوراتهُم الوطنيه كل صباح وكل مساء وكل عيد ونحن المنحورون والمُضحَّى بهم وعليهُم....تزداد مسافات الهزيمه الذي يقطع فيه عمرنا مسافاته ...ومن عيد الى عيد ومن احتلال الى احتلال ومن ظلال الى احلال ومن القدس الى بغداد دارت دوائر الزمن علينا جيل بعد جيل!! غربة الروح وغربة الوطن المُنتحر والمنحور والمنحوت في عقولنا وكياننا.. حياتنا يتيمه اليمه كما هي اعيادنا الوهميه وكياناتنا الزنديقه المولوده خارج شرعية الوطن والمكان وحتى كرامة الانسان::: تموت اطفالنا ونساءنا وتنحَّر على معابر العرب كما تولد وتموت على معابر وحواجز اسرائيل,,,, يتسلل مُصلينا الى القدس قبل العيد وبعده والمحظوظ من يصل متسللا الى باحات الاقصى الشريف,, والالاف تقضي يومها تنتظر رحمة مُحتل غادر لربما يسمح لها بالصلاة في القدس!! حتى الصلاة في بيوت الله والاقصى صارت بتصريح وتحت رحمة اسرائيل ناهيك عن هذا الاذلال الرهيب الذي يتعرض له الفلسطيني في طريقه الى العباده والى القدس والى المسجد الاقصى المبارك!!.. كيف يتساوى الموت بالحياه والضحيه بالجلاد والعيد الغارق بالدم والذل العربي يخرج من ردن الصباح وكأن شئ لم يحدث والامر العادي يتكرر من عيد الى عيد وزوار المقابر في بغداد وغزه وفلسطين والعراق في زيادة مضطربه من عام الى عام ومن عيد الى عيد و كأن هذا مانتمناه من عيد الى عيد::: ازدهار وكبر المقابر وزيادة عدد القتلى والموتى من العرب!! وفي المقابل يسمع العرب العاربه امنيات صلاه العيد القادم في القدس الذي اصبح اقصاها وعربها عبارة عن نقطه في بحر من الاستيطان الصهيوني الذي يبتلع القدس العربيه عاما بعد عاما وعيدا بعد عيدا على انغام تهاني حكام العرب بالعيد تلوى العيد وكأنهُم قاصدون مع سبق الاصرار على تهويد القدس والهاءنا بلعبة العيد وبركاته المزعومه في ظل حالتنا المأزومه!!... كذب في كذب وتضليل في تضليل هذا الذي تسمعونه حول القدس وما تبقى من القدس الذي يبتلعها الاستيطان الصهيوني المدعوم ماليا واقتصاديا من قبل راعية السلام المزعومه.. امريكا المجرمه... وفي المقابل لا يحصل عرب القدس ومسلميها ومسيحييها على اي دعم عربي يُعزز صمودهم وبقاءهم في القدس امام هجمة صهيونيه تهدف الى احتلال القدس فوق الارض وتحتها!!.. هذا هو الواقع والكلام الاخر مجرد هراء وشعارات لحاكم ومحكوم عربي مهزوم ومأزوم!!!
جبل الاوهام المتراكمه هو نفسه جبل الخيبات العربيه المتواصله التي تنحر في عظام هذه الامه المتأكله والمتهالكه والمصلوبه في وسط اوطانها..... كيف يفرح الناس في ظل غابات الخيبات والموتى تملأ الثلاجات والطرقات من غزه الى بغداد!!! كيف تفرح الناس على نحيب طفل جائع في غزه واخر يبكي ابيه وامه وينعي لوعة غياب الحنان وسطوة الحرمان!! اين هي هذه العروبه والاخوة في العروبة والاسلام وصوت المؤذن يصم اذان قاطني مساحات ما بين المحيط والخليج!! اخوتكم في الدين والعروبه على الورق والوهم فقط وحين تحط الشدة رحالها في غزه والقدس ما عليهُم الا تغيير محطة فضائيه بأخرى اكثر خُلعا واكثر غُربه!!!.. ما كَلُُوا من زرع الهوان والانحطاط والنشاشيل والالقاب في روح وطن يحتضر وشعوب تمارس شعائر الكذب على الذات منذ عقود مضت!!
القدس والقدس ومن ثم القدس صارت مجرد تسليه تدغدغ مشاعر امة هجرتها الكرامه والكينونه...أمه هائمه على وجهها في صحراء التيه الابدي.... عابره لا تسأل حتى عن اشارات الطريق,, ولا تعرف البوصله المؤديه الى القدس ولم تسمع بالقدس الا في نشرات الاخبار ولا هي ابهه لما تتعرض له القدس من اباده جغرافيه وديموغرافيه على يد صهاينه يسعون ليلا نهارا الى تغيير معالم القدس سواء من خلال الحفريات التي تطول المقدسات الاسلاميه او الاستيطان اوالاحتلال المباشر,, ومع كل هذا يجدون من العرب والفلسطينيون من يجلس معهُم في انابوليس وتل ابيب والقدس المحتله!!!... الاستيطان الصهيوني في القدس يحظى بالدعم الصهيوني والامريكي والغربي, والمفارقه ان عرب القدس وسكانها الاصليون يعانون من الفقر والحرمان ولا يحظون بالدعم العربي والاسلامي,, وهُم[ اي العرب في القدس] الصامدون في القدس والقابضون على الجمر ليلا نهارا والمدافعون النشاما عن الاقصى الشريف وقبة الصخرة ومسرى محمد صلعم,,,, وهُم الاجدر الاول بالدعم العربي والاسلامي الذي ظل طريقه في طريقه الى القدس!!. القدس لمن يدافع عنها وليست لمن ينساها ويخونها موضوعيا وعمليا!! امة لا يحركها العدوان على الاقصى المبارك وتهويد القدس وبناء احياء يهوديه ضخمه في الجزء الشرقي من القدس وجدار وحصار صهيوني مضروب حول القدس!! امة كهذه تصمت على تهويد القدس ولا تحرك ساكنا... من وما الذي سيحركها ويحرك ضميرها ونخوتها يا ترى!!.. امة تتوهم العيد في ظل حصار وموت غزة هاشم ودمار بغداد!!!
العرب هؤلاء الكائنات الغربيه التي تسير من تيه الى تيه وتتقاذفهم امواج البحار العاتيه بلا بوصله ولا اشارا ت ولا عناوين ولا خطوط حمراء ولا بيضاء تداخلت عليهُم الالوان والاحداث الى حد انهُ لم يعُود بامكانهم التفريق بين ما يفرضه الزمن الصهيوني من حقائق في القدس وبين حال عربي مشلول اكل الزمن وشرب عليه!!.. القدس زهرة المدائن وعروس عروبتكم تُزف الى مذبحة الاستيطان الصهيوني في ظل صمت عربي مطبق يؤذن بموافقه طوعيه او قسريه على ما يجري للقدس من تهويد ما وراءه تهويد:: الارض.. االمكان.. المقدسات... الحجر والبشر وحتى باطن الارض وليست مافوقها فقط....يكتمل المخطط الصهيوني التهويدي والاحلالي في القدس يوم بعد يوم,,, وهنالك في غابة الهزيمه والتهافت العربي من يؤمن ب"""" السلام"" المزعوم وحتى ذلك الحين لن يبقى لا ارض فلسطينيه تحتضن الدوله الفلسطينيه المزعومه ولا قدس عربيه كعاصمه للدوله الفلسطينيه!!... وهم وسراب يتلاشى وتتلاشى معه كل بزوغ فجر معالم عروبة القدس اللتي تغرق في بحر الاستيطان الاسرائيلي, وحتى تلك الجزيره العربيه التي حاصرها الاستيطان في القدس بدات تغرق وتنحسر... انها جزيرة العوض اللتي تناساها العرب وتركوها تسقط نخلة بعد نخله وزيتونه بعد زيتونه ورقعة ارض بعد الاخرى, ومأذنة بعد مأذنه , وحي بعد الاخر, والقدس تستغيث ولا من مجيب!,, وكأن العرب يقولون لها:: لماذا تستغيثي بنا!! بربكي لا تستغيثي بنا نحن الاموات والاكفان المكفنه!!! وغدا وبعد بعد غد سنندب الحظ ومن ثم نعود الى نومة الكهف!! انهُم العرب يا قدس:::::::: هجرتهُم النخوه ومعنى الاستغاثه ولا حياة لمن تنادي في ضجيج الوهم العربي الحالم بقدس تاتيه هكذا كهبه في زمن النهب الاسرائيلي والصهيوني والخيانه العربيه والفلسطيينيه " الاوسلويه" اللتي تكذب وتكذب حتى يتوهم الناس والعرب ان القدس بخير,, وهي على عكس هذا تماما!!... القدس منكوبه بالاستيطان الصهيوني والتواطؤ العربي والفلسطيني مع تهويد القدس.... ايا كان الامر, فأني ابلغتكُم جزء ضئيل من واقع القدس وما هو جاري في القدس وما ادراكم ما هو حجم كارثة التهويد الواقعه في القدس,,, وما ادراكم ماهو جاري لابناء القدس الصامدين من تهميش وغياب الدعم العربي لصمود العرب في القدس... الصور التي تُذاع عليكم وراسخه في اذهانكم ياعرب وتشاهدونها في فضائيات عرب كارلو صور قديمه لا تُعبر عن حال وصورة القدس في الوقت الراهن وما تتعرض له زهرة المدائن من تهويد وتدمير للهويه العربيه والاسلاميه!!.. القدس ليست في خطر فقط لابل في عين عاصفة الخطر الصهيوني التهويدي!!