أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الخشية من اشتعال الانتفاضة سبب توقّف العدوان مؤقتّا !

بقلم : رشاد أبو شاور ... 5.3.08

إذا ما أوقف العدو الصهيوني، وجنرالاته، وآلته العسكريّة المدمّرة، الهجوم على أهلنا في قطاع غزّة، هو الذي توعّد ( بشويهم)، فإنه لا يفعل هذا خشيةً من الإدانة العالميّة، فتصريحات أمين عام الأمم المتّحدة هي انحياز في الجوهر للعدوان الصهيوني، وأمريكا كفيلة بإفشال أي قرار في مجلس الأمن يدين الكيان الصهيوني.
أمّا الصمت العربي الرسمي، فهو تواطؤ مستمّر غير مفاجئ، فالحصار، وإغلاق المعابر، هو عربي رسمي مفضوح.
لقد وجدت نظم الحكم العربيّة في حالة الانقسام الفلسطينيّ مبررا لعجزها، وخنوعها للإدارة الأمريكيّة في زمن بوش، وكلّها تستجدي بقاء حكمها وكراسيّها.
العدو الصهيوني بدأ في إعادة حساباته، مع تصاعد غضب شعبنا في الضفّة، فنذر تجدد الانتفاضة بدأت تلوح في شوارع الخليل، ورام الله، ونابلس، وطولكرم، وبيت لحم، وجنين، ومخيمات البطولة التي ملأت سمع العالم في الانتفاضتين.
جرائم جيش الاحتلال التي اقترفها في مدن ومخيمات القطاع، لم يكن هدفها تصفية حماس، والجهاد، والأجنحة العسكريّة، حسب، ولكن هدفها تدمير إرادة الشعب الفلسطيني كلّه، وسوقه كالقطيع خانعا مستسلما لما يراد له، بدون مقاومة.
بدء التحرّك الشعبي الفلسطيني بشّر بهبوب رياح انتفاضة جديدة، وهذا ما لا يريده قادة الكيان الصهيوني، وإدارة بوش المجرمة، وهو نقيض مخططاتهم...
قد يتوقّف العدوان مؤقتا، لنفس الهدف الذي قدمت كونداليسا رايس ( للمنطقة) من أجله، وهو دفع قيادة السلطة للتراجع عن مقاطعتها للقاءات مع أولمرت، وتنفيس تفاعل الحالة الانتفاضيّة الثوريّة الفلسطينيّة، وإبداء جديّة أمريكيّة لفظيّة باستئناف عملية السلام!.
نحن بالتأكيد مع التقاط الأنفاس، لدفن شهدائنا، وإحصاء خسائرنا، وإنقاذ جرحانا، ولكننا ينبغي أن نتنّبه إلى أن ما جرى هو فصل في الحرب الطويلة بيننا وبين عدونا المجرم المراوغ، الذي يدير معركته بلؤم...
تصاعد شعار الوحدة الوطنيّة، والضغط على القيادات الفلسطينيّة لترّص الصفوف، والمطالبة بقوّة بالتوقّف عن التفاوض مع العدو، وإنهاء مسيرة سلام (أوسلو)، هذا ما يدفع عدونا لإيقاف نيران صواريخه، ونيران دبّاباته، وهدير طائراته، التي أحرقت لحم أطفالنا، مؤقتا.
أخشى ما أخشاه، بعد كّل هذا الصمود، وهذه التضحيات، وبدء التحركات الشعبيّة العربيّة التي تعيد روح التآخي والتعاطف والدعم لشعب فلسطين، أن تعود الحالة الفلسطينيّة الانقسامية إلى سابق حالها، وكأننا لا ضحيّنا، ولا صمدنا، ولا تعلّمنا من عدونا الذي ينهب أرضنا، ويحرقنا، ولا يعطينا سوى الموت!.
شعبنا في قطاع غزّة صمد، تحمّل، ضحّى، ولكن انتصار شعب فلسطين ما زال بعيدا، ومن سيتوهم أنه انتصر بتوقّف آلة العدوان مؤقتا، فإنه يغرق في الوهم، فهذه المعركة ليست معركة حزب الله في تموّز 2006 ، لأسباب كثيرة.
لا بدّ أن نسأل أنفسنا عن تغيير عدونا لخططه، فهو عدو لا إنسانيّة ولا رحمة في قلبه، وخسائره في الميدان متواضعة، والرأي العام العالمي لا يقلقه، فردود فعله ضعيفة..
إذا كان عدونا يخشى الانتفاضة، فلنجعل منها سلاح شعبنا الذي دوّخ عدونا من قبل، والذي رفع راية قضيتنا وكفاحنا عاليةً...
الغرق في الوهم قد يفوّت فرصة إنجاز وحدتنا الوطنية في ميدان المعركة، وإشعال نيران الانتفاضة، سلاح شعبنا المجرّب الأمضى...
من يستعجل الحصاد، نقول له: البذور ما زالت ثاوية في التربة، وموسم الحصاد بعيد، وهو موسم شعب فلسطين بكّل حصّاديه الزارعين، منذ عشرات سنين الكفاح المتواصل...!