بقلم : مسلم محاميد ... 7.3.08
ثلاثون عاماً تمرُّ كجرحِكَ
تكبُرُ فيه الزنابقُ
تنمو الحياةُ
وأنتَ ستبحثُ عن وطنٍ
تداعبُ أنملةٌ من يديه
جبينَك، صدرَك، وجهَك، شعرَكَ
تبحثُ عن قمرٍ مستديرٍ
يداعبُ منه الضياءُ شراعاً
سيمخرُ ماءَك ليلاً
ويمخرُ موجَك ليلاً
ويمخُر قلبَكَ
دونَ انتظارْ
****
ثلاثونَ عاماً
وجرحُك يمضي
فيسقطُ نجمُ الحياةِ على وجنتيكَ
ويتعبُ فيكَ وفيهِ المدارْ
ثلاثونَ عاماً
وغزّةُ تقعدُ عندك مثلَ الأميرةِ
خلفَ انتظارِكَ، خلفَ حصارٍ
على القلب يجثو
كتلكَ المساحةِ ضاقت
وفيكَ اتساعٌ
وخلفَ الجدارِ سيقبعُ خوفُكَ
مثل الجدارْ
****
ثلاثونَ عاماً تُطِلُّ، تُطيلُ انتظاركَ
تُشعلُ عند الحصارِ حصاركَ
تُمسِكُ منك المنافيَ من أوّل الدرب
نحو الحياةِ وحتّى الرّبيعِ لدى المقلتينِ
سيرقصُ فوق الدماءِ ويرقص فوق البكاءِ
ويشربُ نخبَ
الحنين الأبيّ إلى الوطنِ المتهادي إليكَ
انبعاثاً جديداً لوعيٍ جديدٍ
عليه يموتُ الحصارُ وينحسرُ المارقونَ
ويشتعلُ القمرُ الأوليُّ، يموتُ ويحيى
بنورٍ ونارْ
****
ثلاثونَ عاماً تطولُ وأنت تداعبُ غزّةَ في القلبِ نامتْ
عليه استراحتْ، وفيه ستكبرُ
تكبرُ غزّةُ
فيهِ سَتَسْعى
لوجهِك، تسعى
للونِك
تأتي إليك تعانقُ فيك الجراحَ الطويلةَ
قالتْ: "عرفتُكَ منذ انبلاجِك صبحاً نديّاً
ومنذ اقتحامِك موجاً أبيّاً
يعانقُ كلَّ البطولةِ فيكَ
لأعرفَ أنّك صدرٌ رحيبٌ
وأنّكَ قلبٌ يطيبُ عليه الحنانُ
يفيضُ، الحنانُ
ليرقى بقلبيَ، يعلو
جميعَ معاني الحانْ
إذا ما جمعنا الحنانَ بقلبين فاضا
فإنّ الحنانَ سيُغْرِقُ كلّ الرياضِ وكلّ الجِنانْ
وأعجبُ إذ كان قلبك منه تغار
جميعُ الجبالِ
ومنه يغارُ اتساعُ البحارْ"
*****
"وتمضي الليالي
وخمسةَ عشرةَ عاماً مضينَ
وكنتُ أعانقُ فيك الحياةَ
أموتُ فأعشقُ لونَ المماتِ
وأحيى فأشدو لتلك الحياةِ
الشعورَ البطولةََ، لا حدّ
للحبِّ يجتاحُ قلبيَ
جيشاً عظيماً
وجنداً تساورُ صوتَ خطاهم
بقايا اشتياقٍ
شظايا احتراقٍ
ولونُ انتصارْ"
****
"يفتّتُ موجي منك الصخورَ بقلبكَ
علّ القلوبَ
تعودُ كما كان
منها البنفسجُ ينبتُ
يلتفُّ فوق
يديّ، وفي
معصميّ جراحُ السّياطِ
وصلصلةٌ
للحديدِ تعانقُ طعمَ
الحديدِ على ساعديّ
عشقتُ الحديدَ
عشقتُ القيودَ وعانقتُ
منك حديدَ الفؤادِ، حديدَ
اليدينِ، حديدَ الحقيقةِ، لونَ الحديدِ
وطعم الحديدِ
فكنتُ أعانقُ فيك السّلاسلَ
كنتُ أعانق فيك الحصارْ"
****
"تمنيتُ لو أنّ عندك نومي سريرٌ يضمُّ عناقاً طويلاً
فيلتحم الجسدانِ
وتصبحُ منّي، وأصبح منك
امتداداً لعقلك لوناً لوجهك
تصبحُ في الصدر خيرَ وسامٍ
تمنّيت لو أن طعم شفاهك عانق منّي جنون الشفاه
ولو أن قُبلةَ ذاك الجنونِ
تذيبُ الشفاهَ بشهدِ الشّفاهِ
تكونُ امتداداً لكلّ امتدادِ
ولو أن وجهك أمسي ويومي
وقوتي وزادي
ولو أن حبكّ يغمر كلّ فؤادٍ
عليه ستنمو الورود ليصبح كلّ حديقة حبٍّ
ستنمو وتنمو، فيغدو فؤادُكَ
لونَ فؤادي
تمنيّتُ لو أن في الحيّ مسكنُ هذا الفؤادِ يكونُ لَعَلِّي
أكونُ القريبةَ منك، جداراً
أكونُ لديكَ الحقولَ اخضراراً
أراقبُ وجهَك يوماً ليفتحَ فيّ الجراحَ اتقاداً
فيصبح وجهكَ عندي، نهاراً
ويَصحُوَ بيني وبينكَ
ألفُ نهارْ"
****
أقولُ:
"لماذا وطأتِ استدارةَ دربي
وكلّ الدّوائرِ
عندَ الجدارْ؟!
لماذا جعلتِ الفؤادَ شهيداً
على موج بحرك يقتاتُ موتاً
ويعشقُ موتاً
ويستلُّ موتاً من الرملِ عندكِ
من لحنِ عشقٍ حواه المحارْ؟
عشقتُكِ غزّةُ
هذي دمائي
شعاعُ الغروبُ،
شروقاً سيمتدُّ من
مطلعِ الأقحوانِ
إلى وجعٍ عندَ أصلِ الشّعاعِ
وموتِ سيلثمُ
ثغراً لهذا الجدارْ
وليس الأفولُ الطريقَ لقلبٍ
سيسكبُ ماسَ الدماءِ لديكِ
فإنّ الأفولَ سيعرف مَن كذّبوه، سيعرفُ مَن أنكروه
سيعرف من زيّفوا الطُّهرَ يوماً...
وإنّ الأفولَ طريقُ الغزاةِ
سيأتي
لتشرقَ غزّةُ شمسُكِ
نصراً
يفكّ القيودَ، يميطُ لثامَ الحقيقةِ
إنّ انبلاجَ الحقيقةِ
خيرُ انتصارْ