أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الجرح في غزة مفتوح .. فهل يكون العلاج بالاستنكار دون الافعال؟!

بقلم : محمد عثمان ... 09.02.2009

غزة خرجت من تحت ركام الحرب تنفض من على نفسها غبارها, وتكشفت الكثير من الحقائق المروعة والأكثر دموية غير التي شاهدناها من صور في ظل الحرب على الفضائيات العربية والعالمية , حقائق يصعب على أي كان تصديقها وان كانت أصبحت ثابتة لاشك فيها فهي محزنة بالنسبة لي ولك ولكل العالم عدا هؤلاء الناطقين والداعمين لدولة الاحتلال وسياستها الهمجية في كل الأوقات ومهما كانت الأفعال , فانك أيضا تشعر بالحزن المختلط بالاشمئزاز حين ترى مسئولا أو رئيسا ما لدولة أجنبية وبعض العرب يصرح بأن "وزر" هذه الحرب يقع على الطرفين أي دولة الاحتلال والفلسطينيين معتبرين من خلال ذلك كلا الطرفين منهما الضحية ومنهما الجلاد , بمعنى انه ساوى ما بين ما حدث في قطاع غزة من إبادة جماعية وهمجية من قبل دولة الاحتلال وما بين ما أحدثته صواريخ المقاومة في جنوب الأراضي المحتلة عام 1948م , و بالتوازي مع ذلك فقد ساوى بين الضحية الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه وهدم بيته على رأس قاطنيه في الكثير من الحالات وقتل الأطفال والعائلات وما بين بضع عشرات أصيبوا من المستوطنين الذين احتلوا الأرض ... فهذه المساواة كلها تأتي من باب الحيادية , الحيادية التي لامعنى لها في هذه الحالة سوى محاولة التعتيم على جرائم المحتل وتبريرها.
حين نجد فرنسا في منتصف الحرب على غزة وفي أشدها تحاول تأجيل التصويت على قرار لمجلس الأمن لمدة أربع وعشرون ساعة بحجة التفكير مليا في القرار الذي هو )من صياغتهم هم والأمريكيين)!! ,أما في الحقيقة فهو برأيي من اجل إعطاء فرصة كاملة لدولة الاحتلال لإكمال ما بدأته وإنهاء مهمتها بأسرع وقت ممكن , فهذا الشئ لا يثير تعجبي نظرا للدعم الكامل منهم لدولة الاحتلال وإنما يجعلني متأكدا لأعلى درجات اليقين أن من يحاول التغطية على جرائم المعتدي بالحرب فلن يكون بعد الحرب سوى ناطقا باسم ذلك المعتدي ولن يكون في صف الضحية أو منصفا لها مثلما حصل مع فرنسا.
مواقف الشعوب العربية وحتى الأوروبية التي لا حول ولا قوة لها مشكورة عليها , أما معظم قادة الدول العربية إلا من رحم ربي , فهل هم فعلا كانوا مع غزة ونصروها؟ , فالإجابة هنا لا تقتضي الوقوف عند هذا السؤال طويلا لأنها بسيطة ونشير إليها إلى تلك التحركات الخجولة التي جاءت بعد بداية الحرب بأسبوع لاقتناص قرارا من مجلس الأمن الدولي الذي لن يقدم أو يؤخر في ظل دعم الولايات المتحدة الأمريكية اللامحدود لدولة الاحتلال و عدم احترام دولة الاحتلال أيضا لتلك القرارات والتي من المفترض أن تكون نابعة من الشرعية الدولية , وكان آخر تلك التحركات ما قبل انتهاء الحرب بأيام قلائل بعد استشهاد وجرح الآلاف من الفلسطينيين من خلال عقد قمتين في الدوحة والكويت... ولكم الحكم!!
وفي خضم ذلك كله كانت آلة الحرب الإسرائيلية تمعن في قتل وإبادة الأبرياء في قطاع غزة مستخدمة شتى الوسائل والسبل والأسلحة المحرمة دوليا , وكان العالم بجانبه الرسمي كله صامتا ومتململا وكأنه يعطي من خلال صمته إشارة لدولة الاحتلال الإسرائيلي بأن تستمر فيما تفعل ولا أحد يعترض عليها وان كانت بعض التصريحات تخرج من حين لآخر تستنكر وترفض ما يقوم به الإسرائيليين والفلسطينيين!!
وفي النهاية يبقى الألم ألم , والجرح مفتوحا ورحلة علاجه طويلة , ومن استشهد لا عودة له إلى الحياة مرة أخرى , ومن أصبح يتيما لا عودة لأهله , ولا يفيد أي استنكارات وشجب حتى لو كانت للضحية والجلاد معا , والمطلوب هو ليس إيقاف فقط ما تم البدء فيه من عدوان غاشم وإنما محاسبة من قام بالفعل , فهل تجدي الاستنكارات دون أفعال ؟ و إلى متى سيبقى الفعل مؤجلا إذن؟

كاتب/صحفي .. قطاع غزة.. مدينة رفح