أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
كُتّاب متصهينون !

بقلم : رشاد أبو شاور ... 11.02.2009

لم تنته حقبة كُتّاب المارينز، الذين برز دورهم كمروجين لاحتلال العراق، ونشر الديمقراطية بجنازير الدبابات، بل والدعوة لإسقاط نظم حكم عربيّة أسوة بمنجز إسقاط نظام الحكم في العراق، على اعتبار أن نشر الديمقراطيّة رسالة أمريكا (البوشيّة)، ألإنقاذيّة للشعوب المسكينة العاجزة عن تحرير نفسها بقدراتها الذاتيّة!
غابت المصطلحات، ونجوم التبشير بها، ولكنهم لم ييأسوا، ودورهم لم يأفل، فهم سُخروا لمهام جديدة تشكّل امتدادا للحقبة السالفة، وهم يسلّمون راية خدماتهم من يد إلى يد، أو من قلم إلى قلم...
ولأنه، وهذا لا يحتاج لبراهين عليه، لا فرق بين دعاة الليبراليّة والديمقراطيّة الأمريكيّة والمتصهينين، رغم محاولات التستّر والمراوغة الكلاميّة الشكليّة، فقد افتضح أمر الكتّاب، والمفكرين، والمنظرين، والصحافيين، نكرات ومعروفين، كمتصهينين في خدمة الكيان الصهيوني مباشرة بلا مساحيق ولا ماكياج على الوجوه والأفواه والكلام.
لم يعد المتصهينون يخفون وجوههم، فمنطلقاتهم تبدأ من معاداة (المقاومة) فكرا، ونهجا، وممارسة، والتشكيك بها، وبنتائجها، انطلاقا من أن الكيان الصهيوني باق، وطبيعي، ولا تجب معاداته، أو التعرّض له ولو بالكلام!
لم يرعو هؤلاء من فضائح الاحتلال الأمريكي للعراق، ومن مخازي الفساد والفاسدين الذين دخلوا العراق مع الدبابات والطائرات وتحت غطاء صواريخ الإبادة، وتسرّبوا عبر تفجير النعرات والنزعات الطائفيّة بين أبناء البلد الواحد، والتاريخ والجغرافيا والمستقبل الواحد.
تدمير بلد، وتخريب حياة أبنائه ونهب ثرواته، ونفطه، وتجويعه، وتسميم أجساد مواطنيه بالأمراض التي تفشّت من الأسلحة التي جرّبت عليهم، لم تزحزح هؤلاء التابعين المرتزقة عن غلواء عدائهم لقضايا أمة يفترض أنهم ينتسبون لها.
هؤلاء أنفسهم، ومعهم طفيليات جديدة، يدّعون الفكر، وينتحلون صفة الصحافيين، والباحثين، والمنظرين، تقدموا خطوات إضافيّة، فانحازوا للكيان الصهيوني، الذي فضح تصهينهم بتبنيهم والترويج لكتاباتهم التي تخدمه أكثر مما يخدمه كتّاب يهود صهاينة!
لسنا نحن من يفضحهم، ويرميهم بتهمة التصهين، ولكنهم قادة الكيان الصهيوني أنفسهم، وعلى موقع وزارة خارجية الكيان الصهيوني!
قبل أيّام نشرت بعض مواقع الإنترنت المحترمة، التي يشرف عليها عرب أوفياء لأمتهم، أسماء عدد من الكتّاب، والصحافيين، والمفكرين، الذين كرمتهم تسيبي ليفني، بتبنيهم، والاعتراف بهم كسفراء لدولة الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي، لأن كتاباتهم تخدم وجهة النظر (الإسرائيليّة)!
عمّم ناشطون يقظون عرب أسماء هؤلاء المتصهينين، بالبريد الإلكتروني، فوصلت إلى مئات ألوف المواطنين العرب، وإمعانا في الصدقيّة نشروا عنوان موقع وزارة خارجية الكيان الصهيوني وعليه بعض مقالات أولئك المتصهينين.
أحدهم يكتب في الصحافة الكويتيّة ـ أحجم عن ذكر اسمه حفاظا على نظافة صفحات 'القدس العربي' ـ فاقرأوا بعض ما جاء في واحدة من مقالاته التي يدعو فيها الكيان الصهيوني إبّان الحرب على غزّة إلى سحق:.. الخونة والغدّارين الفلسطينيين بلا رحمة، كما سحقوا حزب الله من قبل، باعتبارهم مجرمين وقتلة إرهابيين يعضُون اليد التي تمتد إليهم بالخير ...
عندما تُرجم هذا الكلام وقُرئ في اجتماع وزارة العدو، هبّ أولمرت واقفا، رافعا ذراعيه صائحا: هذا أكثر صهيونيّة من هيرتزل نفسه!
تسيبي ليفني قررت إعادة نشر كُل مقالات (هؤلاء) المتصهينين التي نُشرت من قبل في صحف ومواقع (عربيّة)، على موقع وزارتها، لأنها عبريّة تماما!
الشخص نفسه موجودة مقالته على الموقع، وهو بالتأكيد سعيد لأن تفاهته وصلت إلى من يلتقي معهم بالحقد على فلسطين والفلسطينيين، وعلى حزب الله، وعلى المقاومة العراقيّة، وعلى كل مقاوم عربي!
يعتبر هذا الشخص أن جيش العدو سحق حزب الله في حرب 2006، من فرط حبّه وشغفه بذلك الجيش، الذي يعترف هو وقادته أنه انهزم في تلك الحرب، وأنه لم ينتصر في حربه على غزّة، وإن حقق رغبته في تدمير بيوت الفلسطينيين، وقتل أطفالهم، ورشّهم بالغازات نفسها التي استخدمها المارينز في إبادة أهل الفلوجة العراقية!
القائمة بأسماء كتّاب المارينز المتصهينين تضم كتّابا كانوا يساريين ماركسيين، بدّلوا ألوانهم الحمراء، وتنفّطوا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ووجدوا مكاسب مريحة بالانتقال إلى الليبراليّة والديمقراطيّة البوشية، وفلسفة المحافظين الجدد.
هؤلاء فيهم فلسطيني، وأردني، ومصري، ولبناني، وكويتي، وسعودي، و..غيرهم، وهم يكتبون في صحيفتين ممولتين نفطيّا، وموقع يضمّهم كمروجين للعداء للعروبة، وفلسطين، والمقاومة...
هؤلاء يجمعهم العداء للإسلام، فهم يرمونه بالسلفية ـ وممولوهم هم من شجّع على السلفيّة ـ والتعصّب، والإرهاب، والجهل، وممولوهم هم ناشرو الجهل والتخلّف في بلاد العرب.
الديمقراطيّة التي يتشدقون بها، والتي أفسحت لحماس الفوز في الانتخابات التشريعيّة الفلسطينيّة، ينكرونها، ويديرون الظهور لها، ذلك أن الشعب بنظرهم جاهل، ويستحق الوصاية عليه، بل ويستحق العقاب على خياره!
هؤلاء يرمون المقاومة بتهمة التعصّب، وهم ضمنا يزكّون الكيان الصهيوني، وينزهونه، ولا يمسونه بسوء، لأنهم لو فعلوا سيدينون الديمقراطيّة الأمريكيّة التي أحرقت العراق، وصواريخها تحرق أهل فلسطين.
بين هؤلاء مسرحي كان كبيرا، نضبت موهبته، فاختار تقديم خدماته، وتحوّل من مبدع إلى مهرّج يُضحك عليه بعد أن فقد الإعجاب، وبات مثيرا للسخرية والاشمئزاز!
بينهم فلسطيني انتقل من الكتابة عن المقاومة، وأدبها، إلى التشويه، فقط لينفذ بريشه، لقاء الحصول على اللجوء السياسي، بعد أن أفرغ كُل ما لديه من معلومات، وخان ماضيه، ومن كانوا رفاقه!
بين هؤلاء من كان قوميّا، يساريّا، فباع القوميّة، وفلسطين، والماركسيّة، ليفوز بنصيب من مال النفط، من كتابات وتنظيرات تافهة!
كُلُهم تنفّطوا، وأفسدهم النفط، النفط الذي يتآمر على فلسطين، والذي رأيناه في معركة غزّة يُفسد أي لقاء عربي رسمي، حتى لا تُقال كلمة تعاطف، مجرّد تعاطف مع شعب أعزل، يحرقه الصهاينة بالفسفور الأمريكي!
هذه الأقلام المنحطّة المتصهينة هي الخطاب والموقف الحقيقي لنظم حكم عربيّة متصهينة، فضحتها معركة غزّة.
في معركة غزّة سقطت نُظم حكم، وأقلام، وبعض الفنّانين، وصحف ساقطة من زمااان، وفضائيّات نفطيّة مفضوحة بصق عليها ملايين العرب...
هذه مناسبة لتحيّة (الجزيرة) بمراسليها في فلسطين، في قطاع غزّة، وفي الضفّة، الذين نقلوا للعالم بالصوت والصورة، جرائم الكيان الصهيوني، للمذيعين والمذيعات، ومعدّي البرامج، والقائمين على هذه الفضائية التي حرمت العدو من أن يقترف محرقة غزّة في العتمة، فلا يراها العالم الذي روّعه ما نقلته 'الجزيرة' ...
وهذه مناسبة للتذكير بالشرفاء وما أكثرهم، في وطننا العرب، والعالم ...
يكفي أن أذكّر بالفنان الكبير محمد صبحي الذي صرّح في مواجهة سفاهة بعض الفنانين، والإعلاميين: من يهاجم المقاومة، مكانه مزبلة التاريخ...
وهذه مناسبة لأحيي فنّانا عالميا رائعا، هو روبرتو دو نيرو الذي قال لمحاوره على فضائية (سكاي): لا لوم على (إسرائيل) لما تفعله في غزّة، وهنا دهش محاوره، وسأله وهو العارف بتعاطفه الدائم مع الفلسطينيين: كيف هذا؟ أوضح دو نيرو دون قلق على مستقبله الفني من اللوبي الصهيوني المهيمن على هوليوود: لو هاجمك كلب مسعور فأنت لا تلومه، وإنما تلوم صاحبه ..أمريكا هي المسؤولة عن الكلب المسعور (إسرائيل)!
أترون الفرق بين كتّاب كانوا عربا، واختاروا أن يكونوا في خدمة كلب أمريكا المسعور، وفنانين ومبدعين عرب، وغير عرب..يواجهون السعار الأمريكي الصهيوني؟!
نعم هناك عرب، نظم حكم، وأقلام، وفضائيات..متصهينون، ينبحون منحازين لكلب أمريكا المسعور!