بقلم : علي الكاش ... 21.9.08
[من وعاظ السلاطين إلى وعاظ المحتلين/5]
ما يزال بعض الرجال يتعامل مع المرأة من منطق السيادة الذكرية باعتبارها ليست أكثر من عورة واختلفوا حتى في تحديد رقعة العورة ولكن يمكن أجمالها بأنها من قمة الرأس إلى أخمص القدمين ما عدا الوجه, وأنها ناقصة عقل ودين, ولنتصور مقارنة بين مدام كوري على سبيل المثال ورجل جاهل أحمق, فكوري تعد ناقصة عقل والأحمق يكون كامل العقل! وزيادة في البخس قالوا إنها خلقت من ضلع اعوج, رغم أن الضلع الأعوج ورثته من الذكر المتمثل بأبينا آدم عليه السلام, وأعطوا الأسبقية لآدم لأنه خلق قبلها فجاءت هي في المرتبة الثانية وبقيت كذلك منذ اليوم الأول للخليقة حتى الألفية الثالثة تعاني من هذا التمايز الاجتماعي الظالم, ولم يكتفوا بذلك فحملوها جريمة إغواء آدم والخروج من الجنة وبالتالي حملوها وزر المآسي والنكبات التي حلت على البشرية سواء كان لها دور في ذلك أو لم يكن. وأطلقوا عليها كلمة (حرمة) ودخلت في حيز المحرمات رغم أنفها شأنها شأن دم الميت ولحم الخنزير, وأقصر واجبها على تحصين فرجها وإمتاع الرجل لتكون مستودعا لتفريغ شهواته وتوفير أسباب راحته, وأن توانت في هذا الأمر سيكون مأواها جهنم وبئس المصير, بغض النظر عن طبيعة هذا الرجل ومستواه العقلي والثقافي والاجتماعي وبغض النظر عن صلاحيته العقلية والنفسية والجسدية والجنسية.
في المجتمع ألذكوري أطلقوا عليها الكثير من الصفات التي ما أنزل الله بها من سلطان فهي غاوية استمدت هذه الصفة من الخطيئة الأولى فهي رسول الشيطان في دائرة بريد جهنم وهي حليف إبليس, ومصيدة الشيطان فما اجتمعت برجل إلا وكان جليسهما الثالث الشيطان, وعصي إصلاحها على الأنبياء أنفسهم دليلهم إغواء النبي يوسف وفسق امرأة لوط وكفر امرأة نوح وجنوح سارة زوجة أبو الأنبياء وغيرهن, وجعلوا منها ألعوبة وأفعى وعقرب وذئبه ولبوه وغيرها من صفات الأذى والتوحش, ثم مافتئوا يسمونها الجنس الأضعف والأدنى فحملوها وزر الحروب القديمة فهي السبب في معركة ذي قار بعدما امتنع النعمان بن المنذر من تزويج ابنته لملك الفرس وهي سبب حرب البسوس وحرب الفجار الثانية وهي التي حاكت الدسائس والمؤامرات, وعادوا فمجدوها وسميت بعض العشائر العربية بمسميات النساء كبجيلة ومعاوية ونويرة, وأدوها كطفلة لم تعرف من الدنيا شيئا رغم أن كتب التأريخ لم تشير سوى لحالتين فقط تعودان الى قيس ابن عاصم وعمر بن الخطاب (رض)بعد أن كانوا يعظموها كآلهة كما هي في مختلف الأمم القديمة فهي فينوس و عشتار و افروديت.
حزمة من المتناقضات حول النظرة الى المرأة سيما عند بعض رجال الدين الذين يتعاملون مع نصوص محددة ويرفضون التعامل مع بقية النصوص, فنموذج المرأة عندهم هي الحرمة الناقصة العقل والدين وهي من متاع الرجل, فهي وفق الشرع شهادتها بنصف شهادة الرجل حتى ولو كانت تحمل أعلى الشهادات العلمية والرجل أمي لا يعرف القراءة والكتابة, وشهادتها شهادة نصف رجل حتى لو كانت في قمة الورع والصدق والأمانة والرجل في حضيض الكذب والنفاق والرياء, وهي تمتلك نصف الإرث حتى لو رغبت ببناء مسجد وأخيها فاسد يبغي فتح ملهى ليلي هكذا يفسرون الشرع متناسين الآيات التي مجدت المرأة وأعطتها مكانتها المرموقة في المجتمع حتى الجنة التي وعد بها الله سبحانه وتعالى المؤمنين فأنه وضعها تحت أقدام الأمهات, أنظر أقدامهن وليس أياديهن, ووصية الرسول قبل وفاته كانت الرفق بالقوارير.
المرأة بشكل عام مخلوق تعرض إلى ظلم تأريخي بشع لا يمكن غفرانه ولا يمكن وصفه على مدى الدهور وكانت حصة المرأة العربية والمسلمة في الصدارة دائما فما وقع عليها لم يقع على قرينتها المسيحية واليهودية وحتى المؤمنات بالديانات الوضعية كالبوذية والكونفوشيوسية وغيرها وفي الوقت الذي تحررت المرأة في العديد من الدول من قيود النظرة الدونية فمازالت المرأة العربية والمسلمة مقيدة بهذه النظرة الضيقة, ومن المؤسف أن يكون رجال الدين من الدعاة لهذا الظلم الاجتماعي والإصرار على إبقائه رغم انه يجافي التعاليم السماوية, وقد بلغت التجاوزات حدا لا يمكن تصوره عندما استعانوا بأحاديث ملفقة نسبت للنبي محمد(ص) لتبرير رؤيتهم الظالمة وتثبيتها بشكل يصعب دحضه, وقد بالغ بعض رجال الدين في بخس المرأة حقها بشكل يدعو إلى السخرية والتهكم فمنها على سبيل المثال اعتبرت شأنها شأن الحمار والكلب تقطع الصلاة عن القائم بها أن مرت أمامه وهذا إجحاف وسخافة حاشا للدين أن ينطق بها وحاشا لعاقل أن يؤمن بها فهل المرأة التي عظمها الله جل وعلا بأن يضع الجنة تحت أقدامها أن تعامل كالبهائم؟ المرأة في عرفهم نجسة وملامستها تعني النجاسة وألفوا آلاف الكتب في الطهارة والحيض والنفاس كأن المرأة فقط تمتلك هذه الصفات متناسين أن الله جل وعلا منحها إياها وهي ليست من صنيعتها وناقشوا المسألة كأنها من أولويات الدين وأركانه الأساسية.
وحتى في التعامل الاجتماعي فالمرأة اعتبرت فتنة وضلالة وجب الحذر منها فهي غاوية لعوب خائنة ولا يجوز تأمينها عند أية جهة وأوصوا" ثلاثة لا تؤتمن المرأة والسلاح والفرس" أي أنها عوملت هذه المرة كبهيمة من جهة وكجماد من جهة ثانية. والبعض يعتبرها دمية ولعبة وتسلية فهي ليست سوى أداة لهو للرجل ومتعته ووعاء لتفريغ شحنته الجنسية وهي أيضا ماكنة لتفقيس الأطفال وتربيتهم. بمثل هذه العقول العفنة تم التعامل مع المرأة العربية والمسلمة وما تزال هذه النظرة غالبة في المجتمع العربي المتخلف سيما بين رجال الدين من أصحاب اللحايا الكثة الذين يصنفون المرأة كمطبخ وغرفة منام, وبالرغم من المكانة العالية التي أرتقتها المرأة في العالم والاتفاقيات والعهود الدولية التي أبرمتها العديد من دول العالم بخصوص تغيير النظرة الدونية للمرأة ومنها اتفاقية منع التمييز ضد المرأة لكن حتى الدول التي وقعتها ومنها العربية فأن حال المرأة لم يتغير في واقع الأمر إلا بشكل نسبي.
وقام جهابذة الدين باختراع فتاوى مثيرة للسخرية والتفكه جعلت المسلمين أضحوكة بنظر الآخرين, فكانوا معاول حقيقية لتهديم الإسلام بدلا من توطيد أركانه وخدمته ونشر مبادئه السامية ومنها فتوى تحتم على الموظفة أرضاع الموظفين الذين يشاطروها المكتب حتى تكون محرمة عليهم! وأخرى تسمح للعاشقين بتبادل القبلات على الهواء من دون عقد شرعي, وأخرى وفتوى تسمح للزينبيات بأن يعاشروا عدة رجال معا بالمتعة لانشغالهم بحروب الأمام عجل فرجه ولا بد من ترويحهم كأنهم يحاربون خارج حدود دولتهم آلاف الأميال وبعيدا عن نسائهم. إنها فتاوى تصلح لأن تكون فصول في مسرحية ضاحكة أو أن تصدر من رجل فاسق خليع وليس رجل دين يعرف الله ويلتزم بحدوده, بالطبع فأن المرأة هي الضحية الأولى والخاسر الأكبر من هذه الفتاوى العجيبة التي تأتي استكمالا للنظرة التأريخية الدونية لمكانة المرأة.
في عراقنا الحبيب قبل الغزو الأمريكي للعراق بلغت مكانة المرأة العراقية شأوا عاليا وأمست في طليعة المجتمع وتبوأت مختلف المناصب والمسئوليات فهي العالمة والطبيبة والمهندسة والشاعرة وأستاذة الجامعة والأديبة والموظفة الكفوءة, وساهمت بشكل فاعل في رفد مسيرة المجتمع المعرفية والعلمية بحيث أمست موضع اعتزاز من قبل الدول العربية والإسلامية على الصعيد العالمي, وبعد حملة محو الأمية في العراق أرتقت المرأة إلى عالم المعرفة حتى ولو كانت بحدود ضيقة ولكنها خرجت بفخر من زنزانة الأمية والجهل وأمست الجامعات العراقية مراتعا خصبة للمنافسة بين المرأة والرجل, بل أن بعض الكليات عجت بنساء أكثر من الرجال بين طلابها وغالبا ما تكون المتفوقات من النساء, وتمتعت المرأة العراقية بنفس الامتيازات التي أختص بها الرجل من حيث الدراسة والتعيين والعمل وقيادة السيارات وشغل مقاعد البرلمان والمناصب العليا في مؤسسات الدولة ورئاسة الكليات والمعاهد ودخلت في حقول الدفاع والشرطة والتصنيع العسكري لأول مرة في تأريخ العراق الحديث, وكانت هناك خطوات أخرى للارتقاء بمكانة المرأة ومنها تولي المناصب الوزارية ومجالات أخرى لكن الغزو الأمريكي عصف بها.
بعد الغزو الأمريكي حاولت بعض التيارات السياسية التي تتخذ من الدين ستارا لعملها تغيير قانون الأحوال الشخصية في العراق بالشكل الذي يخدم أجندتها أو أجندة بعض دول الجوار, ولكن هذه المحاولات فشلت أمام إصرار أطراف أخرى على رفضها, وبالرغم من إن المرأة من الناحية الصورة والرسمية احتلت مقاعد في البرلمان واستوزرت بعض الوزارات غير المهمة وهي بادرة جيدة لكن الواقع الاجتماعي يحدثنا بغير ذلك فالخسارة كانت أكبر من الربح الوقتي إذ إن التغييرات الجديدة تتعارض مع أجندة رجال الدين من المعممين والسلفيين على حد سواء حيث يلتقي الرافدان المتناقضان في هذه النقطة وهذه من غرائب الأمور, فعادت النظرة الدونية للمرأة بشكل غريب بل أنها تجاوزت الماضي, فرجعت مكانة المرأة إلى كونها فتنة وإغواء ومصيدة للشيطان وفخ للشرك والكفر, وبدأت عملية تصفية للنساء بشكل لا يصدق سيما في مدن الجنوب والبصرة بالتحديد وبلغت نسبة الضحايا من النساء التي وصلت أجسادهن الممزقة إلى مشرحة الطب العدلي 20% من الجثث المستلمة, كما تزايدت نسبة الانتحار بين النساء الكرديات في شمال العراق بسبب الظروف القسرية التي تعيشها المرأة بمعدلات مضاعفة عام بعد آخر رغم الشعارات الطنانة حول النهج الديمقراطي والحريات وحقوق الإنسان التي يتشدق بها أبواق الاحتلال.
وبدأت محنة المرأة العراقية تطفو على سطح التناقضات فالأوضاع المزرية بعد الغزو حطت من مكانة المرأة العراقية فهناك عدد من الأرامل قدره الدكتور صلاح أمين بحوالي(560) ألف امرأة في حين تزيده بعض المنظمات الدولية المعنية بالشأن العراقي إلى أكثر من مليون امرأة, وتقدر الدوائر الرسمية تزايد حالات الطلاق بسبب العنف الطائفي بنسبة 200% عام 2006 عن عام 2003 في حين تراجعت نسبة الزواج لنفس الفترة بنسبة 50%, وتحدثنا المحامية سحر الياسري بأن عدد السجينات في العراق يزيد عن(10)آلاف امرأة تم اغتصاب 90% منهن من قبل قوات التحالف والشرطة العراقية وارتفعت معدل الجرائم في اختطاف النساء واغتصابهن وقدرتها بعض الدوائر عام2004 بحوالي(18) ألف حالة وتفاقمت الحالة سوءا في السنوات التي تلتها, وبدا فرض الحجاب إجباريا على النساء وتهديدهن بترك العمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وانتشرت ظاهرة زواج المتعة في جنوب العراق وفي مناطق العتبات المقدسة نفسها بتشجيع ومباركة رجال الدين والمراجع الملوثة بفيروس الجنس وانتشرت ظاهرة الأمراض الجنسية نتيجة هذا الفعل وتجاوزت حالاتها الآلاف وتتكتم الحكومة عن نشر مثل هذه الإحصائيات المدمرة للمجتمع العراقي.
فالمرأة كما يشيع رجال الدين غير الأفاضل حدودها لا تتجاوز أركان بيتها وهي خلقت لمتعة الرجل وتغذيته وتدفئته وإنجاب الأطفال والتفرغ لهم هذا هو مكانها الحقيقية وإلا فلا! وفي نهاية المطاف تأتي رصاصة الرحمة لوأد المرأة العراقية من قبل من يدعو نفسه آية الله - برأ الرحمن منه ومن فتواه- فبدلا من معالجة وضع المرأة بشكل منطقي ويتوافق مع التعاليم الإسلامية كما يفترض, وإعادة المرأة إلى مكانتها الاجتماعية اللائقة كأم وزوجة وأخت وقريبة وصديقة مع اعتذار عن السوء الذي لحق بها وتعويضها عن السنوات العجاف السبع التي بدأت مع الاحتلال, يطل علينا احد سكنة الكهوف وهو آية الله إسحق الفياض الأفغاني مرتديا عمامة الشيطان ليتلو علينا فتوى جديدة تجيز خياطة غشاء البكارة للمرأة الزانية وذلك حماية لكرامة بيتها وعشيرتها, وإفراطا في البلاهة فأن الفتوى خرجت من الكهف لتتناقل عبر الفضائيات وتصل إلى أرجاء العالم, وبين حيص الناس وبيصهم وحيرتهم وإنكارهم واستنكارهم للفتوى اطل احد سعاة الكهوف الشيخ علي الربيعي الناطق بأسم الفياض ليؤكد بأن الفتوى صحيحة مبررا هذه المهزلة بمهزلة أخرى"على اعتبار الشريعة اهتمت بحياة الإنسان فكل ما يؤدي لضياع حياة الإنسان لا بد من الوقوف بوجهه" وسئل الربيعي الفهيم: وإذا زنت البنت وحملت من الزنا فهل يجوز لها أن تسقط الجنين؟ فيجيب "إذا كانت حياتها بمأمن لا يجوز لها، وأما إذا كانت بمعرض الخطر لا بد من الحفاظ عليها ولا مانع من إسقاط الجنين في حال لم يصل للشهر الرابع".
الفتوى لا تقل إسفافا عن مبرراتها فهو يعتبر الشريعة اهتمت بحياة الإنسان وأنه يستوجب الوقوف ضد كل ما يؤدي إلى ضياع الإنسان! ولا نعرف كيف نفسر هذه السفسطة واللغو! إن كان هذا المنطلق حقا فلما لا تعالج المسألة كمسببات وليست كنتائج طالما إنها ما زالت تنخر في المجتمع العراقي بسبب ترويج رجال الدين زواج المتعة والحث عليه وتحليله بمعنى انه يتحملون جزءا غير هين من المسئولية عن هذه المسألة, إضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاهرة بسبب ممارسات الاحتلال الأجهزة الأمنية والشرطة العراقية, كما أن الفساد ينتشر قرب العتبات المقدسة أي بمقربة من رجال الدين أنفسهم, ولماذا لا تقف المراجع وقفة طيبة لمعالجة هذا الخلل طالما أن بيدها الإمكانات المالية(المليارات) والمعنوية(الفتاوى)؟ وكيف يفسر المرجع معنى الوقوف ضد كل ما يؤدي إلى ضياع الإنسان وكأن فقدان البكارة للمرأة والاضطرار إلى ممارسة الزنا لا تمثل حالة الضياع بعد؟
العلامة الجهبذ يتعامل مع المرأة بطريقة بشعة فإن كانت حامل من الزنا فلا يجوز أن تسقط الجنين, ولا نعرف هل سينسب هذه الجنين إلى المرجع أو لمن يعينه وهل سيقوم بالأنفاق عليه ورعايته ومعالجة الخلل في مكانته الاجتماعية عندما يتعدى سن الطفولة؟ ولكن المرجع لا يجد بأسا من إسقاط الجنين قبل بلوغه الشهر الرابع بغض النظر عن حالة المرأة والخطورة التي يمكن أن تنتج عن ذلك؟
من المعروف أن مسببات الزنا في العراق الديمقراطي هو هتك الأعراض بسبب اختطاف النساء والاعتداء الجنسي من قبل عناصر الميليشيات المسعورة وحالات الاغتصاب من قبل قوات الاحتلال والشرطة العراقية كما نوهنا عنها وانتشار ظاهرة زواج المتعة والتغرير بالنساء من قبل رجال الدين وزيادة عدد الأرامل بسبب العنف الطائفي والظروف الاقتصادية والاجتماعية وانتشار ظاهرة المخدرات والكبسلة بين الشباب وترويج المحتلين للجنس عبر بيع عشرات الألوف من المجلات والأقراص الليزرية الجنسية وغيرها من الأسباب, والضحية في هذه الجريمة هي المرأة بالطبع والمسألة تحتاج إلى رؤية متكاملة وعلاج يتناسب وحجمها يشارك فيه الخبراء والمختصون لمعالجة هذا الخلل وليس عبر فتوى هي أشبه بمن يعالج حريق غابة برش ماء من قطارة عين!
الفتوى تفتقر إلى العلمية بل الجدية في معالجة وضع المرأة بالإضافة إلى تجاهلها الأسباب واهتمامها بالنتائج فأنها لا تناقش الموضوع من وجهة نظر الكرامة الجمعية وإنما تتحدث عن كرامة البيت متجاهلة كرامة المرأة نفسها, وهل للبيت كرامة أن كانت ربة البيت زانية؟ كما إنها تتزلف للعشائر فتتحدث عن كرامة العشيرة وفق نظرة ضيقة بدوية متجاهلة كرامة المجتمع قبل العشيرة, ومن المعروف أن هذه المسألة(الزنا) تسوى من قبل العائلة ولا يسمح بوصولها إلى أسماع أقرب الناس فما بالك بالعشيرة! وقبل هذا كله أين المرأة من كل ما كتب عنها فهي باعتبارها ضحية من ضحايا رجال الدين والحكومة والمجتمع كيف سيتم التعامل معها وكيف تعالج متاعبها النفسية والاجتماعية والأذى الذي لحق وسيلحق بها, أليس من الأجدى أن تعالج هذه المسائل قبل معالجة سمعة العشيرة؟
قبل ترقيع البكارة لابد من ترقيع أدمغة هذه الشراذم والطفيليات التي تعيش على الدين وتتكسب منه, ولا بد من ترقيع الفتاوى المسمومة المنطلقة من النظرة الدونية للمرأة وفق أطروحة فنطازية تستند إلى السيادة الذكورية مازالت متعشعشة في الجحور والكهوف رغم دخولنا الألفية الثالثة, وكلمة أخيرة لأصحاب العمائم كفاكم ضحكا على الذقون. فقد بحثتم في معظم كتبكم باستفاضة مبالغ بها عن مواضيع الحيض والاستحاضة واللواط والنفاس والمتعة والبكارة فيكفينا جهدكم آجركم الله! فأما أن تعالجوا ما جنت أيديكم حقا أو أكفونا بصمتكم المعتاد والعاقبة للمتقين.