أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
النكبه شيَّدَت وأنشأت دولة فلسطين العُظمى في قلب كل فلسطيني!!

بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 17.5.08

النكبه وما ا دراكم ما النكبه وما جرى للشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى ويومنا هذا وبحلول الذكرى ال60 للنكبه نقول ان النكبه كانت وما زالت بمثابة زلزال مُدمر وتسونامي دَمَّرَ المدن والقرى الفلسطينيه من جهه واقتلع الشعب الفلسطيني الامن بين ليلة وضحاها من ارضه فلسطين من جهه ثانيه وبالتالي ماجرى هو مؤامره صهيونيه امبرياليه احاكت خيوط مُصيبة ومأساة كبرى حلت بالشعب الفلسطيني الذي اصبح باكثريته منذ عام 1948 شعبا لاجئا سواء في داخل الوطن او خارجه !!..وبعد ان كان فلسطين[ اسم مذكر] وطن عامر بشعبه الفلسطيني اصبح بين ليلة وضحاها كيان لفرق الموت الصهيونيه اللتي لاحقت الشعب الفلسطيني واعتدت عليه بمساندة الغرب الامبريالي وطردت اكثريته الساحقه من وطنه واستولت على اكثر المدن والقرى الفلسطينيه في فلسطين, ومن ثم عادت فرق الموت والاحلال والاحتلال الاسرائيلي عام 1967 لتحتل كامل الارض الفلسطينيه حيث جاءت النكسه والمرحله الثانيه من الاحلال والتشريد وهي المرحله التي ما زالت مستمره لابل ان النكبه الفلسطينيه ما زالت مستمره منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا على جميع وعلى كامل التراب الفلسطيني اللذي يتعرض فيه جميع قطاعات ومناطق التواجد الفلسطيني [ الضفه والقطاع والداخل] الى عدوان سافر على الارض والانسان الفلسطيني الذي يعاني من الاحلال والاحتلال والتهويد من الجليل الى النقب ومن رفح الى جنين ومن القدس الى الناصره ومن بيت لحم الى طول كرم ومن الغرب الى الشرق ومن الشمال الى الجنوب الفلسطيني !!...دوما نقول: لا تفرحوا بالصيد ياصائدين:: هذا فلسطين من الامور الصعائب!, وما ضاع حق ووراءه مُطالب!!
لم تبرح صورة اللجوء الفلسطيني وتشريد الشعب الفلسطيني ذهني منذ عقود مضت ودوما اتصور القرى والمدن والحياة الفلسطينيه كيف كانت قبل النكبه وكيف كان فلسطين وطن عامر بأهله قبل عام 1948 وما جري ويجرى للشعب الفلسطيني و للمدن والقرى الفلسطينيه المهجره بعد عام 1948 وحتى يومنا هذا ,وكيف دأبت اسرائيل على اهمالها وتخريبها وتدميرها, وكيف اعتمدت الصهيونيه استراتيجية الاحتلال والاحلال الجغرافي والديموغرافي, وبما اننا نكتب هنا عن النكبه اللتي شيدت دولة كامله لحب فلسطين في قلوب الفلسطينيين فلابد ان أسرد عليكم هاتين الحدثين اللتين اثرا في حياتي الى حد انني تمنيت ان اكُن فلسطينيا مالم أولد فلسطينيا!!.الحدث الاول ... النكبه رددتها والدتي ام سالم طيب الله ايامها واعانها على مرضها,على مسامعي منذ الصغر حيث شُرد اهلها عام 1948 من بلادهم في النقب وقٌتل اخيها[ خالي] سالم على يد العصابات الصهيونيه, وظل سالم هذا والنكبه عالقا في راسي حتى ذكرته في احدى مقالاتي بعد عقود من مقتله واخبرت والدتي انني كتبت عن مقتل اخيها سالم, وكانت ممنونه وفخوره بزرعها في نفسي حب الوطن من خلال قصة خالنا والنكبه!! والحب والرحمة كل الرحمة على روح والدي الطاهره الذي اسهب في الحديث عن النكبه وكان شاهدا على ما جرى لمدينة بئر السبع في الجنوب الفلسطيني عام 1948 عندما تأمر عليها الانجليز واحتلتها عصابات الهاجانا الصهيونيه وشردت اهلها,, وهذا المنظر هو ما صبغ حياة والدي ولم يفارقه فيما بعد طيلة حياته ليزج بنا في ساحات النضال مبكرا وفي زمن لم يستوعب فيه محيطنا معنى التظاهر واحياء الذكرى كان والدي يدفع بنا صغارا ويدفع لنا اجرة السفر والسفريات الى نقاط التظاهر والمظاهرات في فلسطين ويسألنا فيما بعد كيف كان وماجرى في المظاهرات, ولا انسى رحلة والدي مع اذاعة صوت العرب وسماعه من خلال صندوق العجب[ المذياع] خطابات الزعيم الخالد جمال عبد الناصر حول فلسطين وتحرير فلسطين والنكبه الفلسطينيه!!.... اما الحدث الثاني فكان فاصلا في حياتي الوطنيه والكتابيه وهو حدث عجيب : حيث انني عملت في بداية الثمانينات من القرن الماضي لفترة وجيزه في تل الربيع[ تل ابيب] الواقعه بجانب مدينة يافا الفلسطينيه المنكوبه الواقعه على ساحل البحر الابيض المتوسط, وبينما كُنا في العمل قال لي زميلي[ لم اعد اذكر اسمه للاسف] في العمل من احدى القرى الفلسطينيه في الجليل : يبدو انك تحب السياسه وسأهديك غدا كتابا تقرأه في وقت الفراغ, ولم يذكر شيئا عن فحوى الكتاب, وفي اليوم التالي وعندما جلب لي الكتاب وبعد العمل ذهبت واخذت معي الكتاب وجلست على شاطئ البحر في منطقه لم اجلس فيها من قبل في يوم من الايام, وبدأت اقرأ في ذلك الكتاب الشهير, وكعادتهم العُنصريون والشرطه في تل ابيب يسالون العرب دوما عن هويتهم وما هم فاعلون في المكان, وفي ذلك اليوم سألني ذلك الشرطي الاسرائيلي ماذا اقرأ وماهي فحوى الكتاب وكنت لَبقََّا واجبته انه كتاب حول السحر والجن وابتسم وقال لي كلام "عربي" فاضي!, الا انه لم يعرف انني كنت اقرأ كتاب باسم " فلسطيني بلا هويه" ان لم تخني الذاكره كاتبه صلاح خلف [ ابو اياد], وفي الكتاب يروي صلاح خلف قصة الارهاب الصهيوني وتشريد اهل يافا, ومما رواه خلف قصة امرأه يافاويه ركبت المركب المغادر والهارب من نيران " الهاجانا" الصهيونيه وحين ترك المركب المُعبأ باللاجئين الفلسطينين الهاربين ميناء يافا تذكرت المرأه انها في غمرة الخوف والارهاب قد نسيت ابنها الرضيع في بيتها في يافا, وحاولت اقناع ربان المركب بالعوده الى شاطئ يافا الا انه لم يتمكن من العوده حفاظا على ارواح المئات من الفلسطينيين المتواجدين في المركب, ورغم ان ركاب المركب حاولوا تهدأة روع المرأه التي لاتجيد السباحه, الا انها لم تتمكن من تحمل الصدمه فقفزت من المركب الى عرض البحر في محاوله بالعوده الى يافا لجلب ابنها, ومن ثم ابتلعتها الامواج و ابتلعها البحر!! في هذه اللحظه رفعت نظري من الكتاب والسطور [ويا للصُدف والهول!]: ليقع نظري مباشره على يافا والبحر وشاطئ يافا اللتي كانت في مرمى نظري كامله وشامله كما يصورها الكتاب . كانت بيوتها العتيقه والمهمله تكتسي لباس حزن وسنين النكبه!!. كنت شابا صغيرا وبكيت ذلك اليوم وحدي على شاطئء يافا من هول قصة المرأه ومنظر بيوت يافا المهجوره,,, واذكر ان موسيقى اغنيه انجليزيه كانت تنطلق من سماعة مطعم يهودي اقيم في وعلى بيت فلسطيني مُشرد على شاطئ يافا :: الاغنيه كانت تتحدث عن السفر والابحار الى البعيد,,, ومنذ ذلك اليوم وانا مُسافر في النكبه ومبحر في فلسطين ويافا اللذان لم يتركانني طيلة هذا السفر الطويل والمستمر وما زلت:: مسافر ومُبحر وامل بشاطئ امان وعودة للشعب الفلسطيني بعد ستون عاما من النكبه,, وامل بعودة تلك المرأه الفلسطينيه الى شاطئ يافا لتلقى ابنها الستيني!!
يوم شرد شعبنا الغاصبون والمتأمرون ظنوا خاطئين اننا انتهينا وانتهى اسم فلسطين و كما قالت غولدا مئير انذاك ""ان جيل النكبه سيموت في المنافي والمخيمات والاجيال القادمه ستنسى فلسطين",,.. خاب ظن مئير ومن سبقها وخلفها من صهاينه وكما هو حال والدي ووالدتي كان حال الملايين من الفلسطينيين الذين زرعوا حب فلسطين في قلوب الاجيال الفلسطينيه المتعاقبه وطنا ومهجرا لابل ان كل فلسطيني وفلسطينيه مهجره و مهجر زرع وحفر في عقل ووجدان ابناءه وبناته واحفاده صورة حيه لا تموت حول قريته اومدينته اللتي شرده منها الصهاينه والقوى الامبرياليه القذره وعلى راسها مايسمى حتى اليوم ""هيئة الامم المتحده", لابل ان الفلسطينيون لايبحثون اليوم عن الفردوس المفقود فقط لابل يعيشونه في قلوبهم وحنينهم الجارف وحبهم الذي انشأ دولة من الحب لفلسطين في قلب كل فلسطيني سقفها الامل والعزيمه وجُندها هذا الاصرار الكبير والهائل الذي تتلاقفه الاجيال الفلسطينيه بحتمية عودة فلسطين وعودة الحق الفلسطيني وعودة الخيول الفلسطينيه الى مرابطها وعودة اهل يافا وحيفا والرمله وكفر برعم وصفوريا واللجون وعسقلان وبئر السبع واسدود وصفد ومئات المدن والقرى الفلسطينيه المهجره,, عودتهم الى بلادهم السليبه الذي يحتفل على ارضها اليوم كيان غاصب بنشأته الدمويه والاجراميه الذي بنى فيها اركان كيانه على قبور ومدن وقرى الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينيه!!..نعم ولمن خانتهم الذاكره والذكرى..:: يوم استقلالهم المزعوم كان يوم نكبتنا وابى من ابى وشاء ومن شاء وتأمر من تأمر وهل يتوقع احدا مثلا ان لا يشارك المجرم جورج بوش في ستينية اسرائيل!؟,, ولكن السؤال الاهم: هل هذا البوش او ذاك الاولمرت ومن سبقهم في قيادات كيانات الاغتصاب والامبرياليه,,كانوا شيئا اخر او اصدقاء للشعب الفلسطيني قبل اكثر من ستون عام؟؟.. الجواب قطعا :: لا.. والاهم ان المجرمين سيبقون يحومون حول جريمتهم حتى يتم اكتشافهم وفضح جريمتهم! , وهذا ما قام ويقوم به الشعب الفلسطيني منذ اكثر من ستون عاما وها هو الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا اكثر تصميما وتنظيما يحيي الذكرى الستون لنكبة فلسطين, ويدرك ان النضال طويل وشاق ليست مع الصهاينه والامبرياليه الامريكيه فحسب لابل ايضا مع من انشقوا عن صفوف الشعب الفلسطيني من فلسطينيون وعرب رده نافقون تاريخيا!!.. .. ما لم يدركه الاعداء والمتأمرون هو ان الفلسطيني كما كتب لي احدهُم من مهجره قبل فترة: ان الفلسطيني يحلم اولا بجنته فلسطين على الارض,,,, وعلى نفس الصعيد كتبت لي فلسطينيه شابه مهاجره: ان فلسطين بالنسبه لها ليست زواج ولا طلاق ولا سعاده ولا اكل ولا شرب لابل انها قضية حياة او موت لها ولابناءها:: حياة حلم العوده ا او موت هذا الحلم والحق.!!.. هكذا يفكر اكثرية الفلسطينيون , وهكذ ا خلد الشعب الفلسطيني جيلا بعد جيلا وجدان حب فلسطين من قلب النكبه الذي قلَبَ واحبط فيها الصمود الفلسطيني احلام بن غوريون وغولدا مئير ورابين وشارون واولمرت: كل واحد من هذه الاسماء كان له سجل اجرامي واستراتيجية اباده::: رابين حمامة السلام المزعومه هو صاحب نظرية عدم ابقاء حجر على حجر من القرى الفلسطينيه المهجره عام 1948 وقام بتدمير مئات من القرى الفلسطينيه حتى لايعود الفلسطينيون الى قراهم ورابين هذا نفسه صاحب نظرية تكسير عظام الفلسطينيين[ انتفاضه عام 1987]!!... وشارون هو ابو الاستيطان الاسرائيلي صاحب نظرية تقطيع وتدمير الفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى انتفاضة الاقصى2000 وما بعدها!! وهنالك كم هائل من المجرمين بحق الشعب الفلسطيني,,, الا انهم جميعا مجتمعين لم يكسروا شوكة النضال الفلسطيني وعزيمة الشعب الفلسطيني على تحقيق حق العوده, لابل ان من تأمروا على حق العوده من عرب و فلسطينين من امثال رعاة "" وثيقة جنيف" لم يفلحوا حتى في صيانة حبر وثائقهم الهالكه....نتمنى ان لا نراهم يُحيون او يشاركون نفاقا في الذكرى الستين للنكبه الفلسطينيه!!.... مالم يعرفه الاخرون اننا بنينا في قلوبنا الاف البيوت والاف المدن والقرى الفلسطينيه وكل ماهدمت اسرائيل بيتا شيدنا بدلا منه وتعويضا له الف بيت في قلوبنا...يافا وحيفا صارتا الف يافا وحيفا في قلوبنا النابضه والعامره بفلسطين وحب فلسطين الى ان صرنا شبابا وشيبا واطفالا جُند وسفراء فلسطين على طول وعرض العالم ووطمن ومهجرا... انتهينا منذ امد من البكاء على الاطلال واستوعبنا ما حصل بعد النكبه و الصدمه , وهبت القلوب الفلسطينيه لتحيي الحياة في الاطلال وتنهض من تحت الركام لتبني وتحرث وتزرع ما يقتلعه الغاصبون هؤلاء الذين لم يحتلوا الار ض والديار فقط لابل وصلوا حتى عتبة دار الفلسيطيني هادفين لطرده واقتلاعه ولم يستوعبوا اننا باقون طالما بقى البلوط والزيتون ولطالما عرفنا ان النكبه رغم قسوتها وفرضها علينا الا انها جزء من تراثنا الوطني والحضاري ومنبع هويتنا الوطنيه الفلسطينيه, وجزء لا يتجزأ منى مشروعنا الانساني وحقنا في الوطن لابل ان النكبه هي اللتي شيدت اعظم الدول في قلوب الفلسطينيين الذين لن يتنا زلون عن حقهم الانساني بالعوده الى وطنهم.....دولة فلسطين المزروعه في قلوب الفلسطينيين كانت وما زالت النكبه والعدوان على الشعب الفلسطيني وُقود لوجودها ووقود لوجود هذا الشعب الفلسطيني البطل.....لن يهزم ويكسر دولة القلوب الفلسطينيه احدا ولا هذا الكيان الغاصب,,, ولن يفت في عضد اصرارهُم على البقاء والعوده احدا ومقابل هذا الاصرار لن تنفع طائرات الاباتشي ولا المدفع ولا حتى الاباده الجماعيه التي تمارسها اليوم اسرائيل في قطاع غزه!! النكبه والعدوان اسس اكبر دوله حضاريه وانسانيه في قلوب الفلسطينيون وهم ماضون في طريق استعادة حقوقهم رغم ما تشهده الساحه الفلسطينيه من صغائر العقول والامور وانشقاقات فصائليه وقبليه وفئويه بغيضه,,,,, ..الفلسطينيون اكبر بكثير من صغائر ما يبثه الاعلام المغرض وهم يرون فلسطين بكبرها وكبرياءها وتاريخها الخالد والمناضل...يرونها ويعايشونها دولة عظمى في قلوبهم تستحق اكثر من تضحيه واكثر من مجرد تفاهة مشاريع السياده المنقوصه بلا عوده!.... ولولا العوده وحق العوده وتشريد الشعب الفلسطيني لما كان اصلا هنالك ضروره لا للنكبه ولا حتى قضيه فلسطينيه نطلق عليها هذا الاسم!!.. القضيه الفلسطينيه جوهرا وشكلا هي اللاجئين وحق عودتهم والامور الاخرى ايضا مهمه ولكنها دون العوده لا شئ... اسرائيل انشأت كيانها على ارض فلسطين,, ولكنها خسرت رهانها على عامل الزمن والنسيان وهاهُم الفلسطينيون بعد ستون عاما على النكبه قد شيَّدوا دولتهم العظمى في قلوب كلها ايمان وعزم على ان الظلم ماضي والحق باقي!!.. تحية للشعب الفلسطيني اين ما كا ن موجودا وطنا ومهجرا والرحمة كل الرحمة على من سقطوا من شهداء على مدى قرن من النضال الفلسطيني والرحمه ايضا على من وافتهُم المنيه من فلسطينيين في المنافي دون تحقيق حلمهم بالعوده الى وطنهم!! والمثل البدوي يقول : من خَلَََّف[ انجب] ما مات!!! والفلسطينيون وطنا ومهجرا انجبوا البقاء وملايين من فرسان العوده... وحياكم الله وطنا ومهجرا..

*الكاتب : باحث علم إجتماع ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه