بقلم : ريم عبيدات ... 22.10.08
لماذا يصر الكثير من إعلاميينا على اختزال النساء مهما بلغت درجة تقدمهن الفكري أو المهني أو العقلي، فمهما بلغ حجم منجزها تسأل المرأة كيف توفقين بين عملك ووجباتك المنزلية؟
الدعوة إلى مثل هذا التساؤل الدائم بامتياز في الحوارات الإعلامية حول “تفوق النساء” بصورة عامة والمقابلة التي أجريت مع المستشارة تهاني الجبالي أول قاضية في مصر ونائب رئيس المحكمة الدستورية، لتجيب بصورة بسيطة ومباشرة ومستنكرة بقولها للسؤال جملة وتفصيلا: “إن التوفيق بين العمل والواجبات المنزلية ليس بهما أي تعارض أو عبقرية فردية موضحة ان كل السيدات لديهن أعمال بالإضافة إلى واجباتهن الأسرية”.
ورغم تنوع أدوار المرأة منذ بدء الخليقة الا أنه من المستغرب استمرار اللغط حول قدرات المرأة التوفيقية رغم مرور قرون على اشتغال النساء، وهو بصورة أو بأخرى من باب الغمز بقناة التشكيك بالقدرة النسائية.
فالسؤال المكرور الذي تُسألهُ النساء من كافة الميادين الفكرية والمهنية، حول كيفية التوفيق بين الأسرة والعمل لم يسأل يوماً ما لرجل، على اعتبار ان الرجال خارجون تماماً من تاريخ البيوت وجغرافيا الأسر.
ويبدو ان تواطؤاً تاريخياً بامتياز عقدته كافة القوى بمساندة الكاهن الأكبر “الإعلام” للتفتيت الدائم لصورة المرأة وإنجازاتها. ومواصلة إشعارها طوال الوقت بانتقاصها واستكثار الأشياء عليها. القاضي الجبالي استنكرت في مقابلتها تلك ما وصفته بالثنائيات في التعامل مع دور المرأة العام والاجتماعي.. مؤكدة أن هذه ليست إلا قضية مفتعلة وأن آلاف الملايين من النساء في العالم يعملن في جميع الميادين طوال الوقت.
الاسئلة والمقابلات والبرامج الإعلامية العربية الألف بائية إياها لا تسهم إلا في حك القشرة السطحية فقط للقضايا. على شاكلة هل كان دخول المرأة لسوق الأعمال موضة أم تقليداً للغرب؟؟... الخ.. وإذا ظل الأمر على ما هو عليه من استسهال تغطية قضايا المرأة إلى هذا الحد، فإن تفاقمها جوهرياً سيظل يداهم مجتمعاتنا ساعة بساعة.
ناهيك عن الفرق الشاسع بين واقع المرأة الشائك وتفاقم حدة الظروف التي تحيط بالمرأة العربية من هجرات وحروب وبؤر توتر تزخر بها المنطقة العربية وتلف نفسها كخيط من نار على عنق المرأة من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتحديات التعليم والعمل الضاغطة على أنفاس المنطقة بأكلمها على رأسها. فيما يراوح الإعلام العربي مكانه في تهميش قضايا المرأة والطروحات المسطحة لكل ما يتعلق بها، وإخراج المرأة وقضاياها تماماً من دائرة التاريخ.