بقلم : ريم عبيدات ... 1.11.08
من كل حدب وصوب شددن المسير يمثلن الطيف الفكري والثقافي والسياسي والمهني العربي. المناقشات التي ارتفعت حرارتها الى سقوف غرف المحاضرات المختلفة جلبت وجوه الطلبة الفضولية من كافة أرجاء الجامعة، والتي تمحور أغلبها حول تفعيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وكيفية تحويل ذلك الى استراتيجيات وبرامج حقيقية “البعيدة عن غلواء جعجة الخطابات” التي تفيض بها الساحة العربية، والتي أعيتنا بمطحنتها صباح مساء، ويكفينا ما آل اليه وضع خطط التنمية العربية البائس، وكثرة الحديث عن إدماج النساء، ليلد الفيل فأرا بعد نفق طويل، مسفرا عن حقيبة وزارية هنا، أو كوتا نسائية هناك.
تصدرت ناصية الكلام سيدة عربية معروفة بنضالها الحقيقي عبر مؤسسة مجتمع مدني، تعمل بصمت منذ ما ينوف على الثلاثين في تنمية المرأة في أقسى انماط الريف العربي. لتضع بسؤالها “القنبلة” الحضور في حيرة شديدة، حين تساءلت بذكاء يخلو من البراءة: لماذا كان كل هذا الجدل في العالم العربي والاسلامي حول مشاركة المرأة السياسية؟ وتفعيل مشاركتها العامة؟
فيما لم تستثأر فيه حمية أي من ذات “المرجعيات” للكثافة العطنة التي باتت تخنق حياتنا إزاء تواجد المرأة المهين عبر كافة حلقات الصناعات الترفيهية حتى الخطرة والقاتلة منها؟ من دون ان يهز ذلك شيئا من الحفائظ التي من المفترض ان تتجه لها ثورات الرفض والتجفيف، ليعلق رئيس الجلسة أعمالها على الفور متذرعا بانتهاء الوقت.
أليس ما أصاب صورة المرأة من تشويه، بل وتدمير من جراء الفضائيات والإعلان التجاري على وجه التحديد، ومن الهدم الاعلامي والسينمائي والتلفزيوني عموما لوجه النساء وقضاياهن؟
إذن لماذا كل هذا الهجوم الدائم على مسألة “المرأة والسياسة” و”المرأة والقضاء”، التي تحفل بكل هذه الضوضاء العربية، والمعارضة الشرسة. ولما لا تستأثر معركتنا مع الشر والظلامية والتخلف والتراجع التنموي وغيره، بعشر هذه المعارك. ولما لا يستثيرنا امتهان النساء كأدوات لصناعة الترفيه؟
أفي الأمر انعكاسا عميقة لجذور تفكيرنا البطريركي الذي يقبل أن تكون المرأة كائنا ما كان، إلا كياناً كاملاً وصانعاً حقيقياً لمختلف أشكال قرارات الحياة؟ إذ يرى في المراة أداة للترفيه والمتعة حتى المشينة منها، ولو كان ذلك على حساب المجتمع والقيم التي يستخدمها ذاتها، في معركته للهجوم على تولي المرأة للمناصب السياسية او القضائية، أو كل ما من شأنه أن يقول ان المرأة كائن عقلي ايضا.
كم نحتاج لتصبح أولوياتنا حقيقة أولوياتنا ولنتجاوز أنواتنا الضيقة ومصالحنا الشخصية الناتئة تاريخياً. ونجرب الانحياز لأنفسنا الحقيقية ومستقبلنا ولو لمرة واحدة في العمر؟