أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
دولتين لشعبين! كيف ذلك؟

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 27.02.2009

من المعروف إسرائيلياً أن حزب "كاديما" هو الشق المعدل من حزب الليكود، إذ لا فروق أيديولوجية بين الشقين، ولاسيما أن70% من أعضاء "كاديما" كانوا أعضاء في الليكود، قبل أن يؤسسوا حزب "كاديما" إثر تفجر الخلاف بينهما مع مساعي "شارون" ومؤيديه لتطبيق خطة الفصل عن قطاع غزة، ليصبح "كاديما" الشق الأكثر برجماتية سياسية، وقدرة على التعامل مع المتغيرات الميدانية، والمؤيد لفكرة دولتين لشعبين، ولكن دون تحديد العمق الجغرافي لكل دولة ولاسيما أن الدولة العبرية ذاتها لم تحدد حدودها بعد.
هذا الانفتاح السياسي اللفظي على العالم مكنّ الدولة العبرية من تحقيق أغراضها التوسعية، والسياسية، بطرق عسكرية عنيفة دون أن تثير حفيظة المجتمع الدولي، الذي لا يحبذ انزياح المجتمع الإسرائيلي الواضح إلى أحزاب اليمين المتطرف، وهذا ما يدفع سياسي مثل "بنيامين نتان ياهو" إلى مواصلة السعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تدعمها أغلبية الشارع الإسرائيلي، لما لها من قدرة على تفادي ردة فعل المجتمع الدولي السلبية من حكومة يمينية ضيقة، وهذا ما تدركه "تسفي لفني" وهي تضغط على زعيم الليكود للوصول إلى التبادلية في السلطة، وتتمنع عن المشاركة في الحكومة الائتلافية ما لم يقر بيان الحكومة بفكرة دولتين لشعبين، مجرد الإعلان اللفظي بشكل يرضي المجتمع الدولي، ويسمح للمناورة السياسية، ولكن هذا ما لا ينسجم مع خط الليكود السياسي، رغم درايته بإمكانية التلاعب بالمضمون، إلا أنه من ناحية عقائدية يرفض أن يفتح ولو طاقة صغيرة في حائط السد المنيع لفكرة دولتين لشعبين بين البحر والنهر، ما عدا ذلك، فإن "نتان ياهو" مستعد لاستمرار الاتصالات السياسية مع الفلسطينيين، فقط الاتصالات السياسية وإلى أبد الآبدين.
رغم هذا الوضوح الإسرائيلي الذي يشق الصخر، تتعثر السياسة الفلسطينية الرسمية في التعامل مع المتغيرات، ويصر السيد عباس على ضرورة اعتراف أي حكومة وحدة وطنية فلسطينية بشروط الرباعية، وكأن هذه اللازمة صارت بنداً من بنود الميثاق الوطني الفلسطيني، في الوقت الذي لم يتحقق للفلسطينيين أي تقدم حياتي، أو تحرير أراضي، أو حتى رفع حاجز واحد من مئات الحواجز التي تقطع أوصال الضفة الغربية، نتيجة الالتزام الفلسطيني بالمقدسات الرباعية.
لقد وقعت السلطة الفلسطينية في رام الله فريسة التلفظ الإعلامي الإسرائيلي، وراحت تصفق لجملة: "دولتين لشعبين" وكأنها إنجاز كبير، بينما دللت التجربة التفاوضية أنها جملة فضفاضة ما دامت لا تشير إلى الأراضي المحتلة سنة 1967.
إن دولتين لشعبين قد تعني التفاوض على نسبة الأراضي التي ستقام عليها الدولة الفلسطينية، وهنا يكمن الخطر الذي فتح شهية "تسفي لفني" زعيمة حزب كاديما لتقول: "الدولة الفلسطينية لجميع الفلسطينيين" ليصير الهدف من دولتين لشعبين التخلص من فلسطيني 48، والوصول إلى دولة يهودية خالصة، وقد تؤدي الفكرة إلى تبادل الأراضي، ليصير التخلي عن أراضي القلب الفلسطيني النابض في الضفة الغربية مقابل توسيع قطاع غزة بأراضي صحراوية قاحلة على الحدود المصرية.
لقد أدرك المتطرف "ليبرمان" اللعبة السياسية، وأهمية التلاعب بالألفاظ، فأعلن بشكل مغاير لبرنامج حزبه السياسي عن تأييده لقيام دولة فلسطينية. وفي تقديري؛ لا بأس لدي "ليبرمان" أن تكون هذه الدولة الفلسطينية في مدينة أريحا على البحر الميت، ولكن بعد عشرات السنين من التفاوض العبثي!!.