أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
صحوة رام الله !

بقلم : د. فايز أبو شمالة  ... 08.03.2009

لم أقصد من عنوان الصحوة أن أوجد المقاربة بين ما يجري في العراق وفلسطين، ولا تشبيه حكومة رام الله، والدور الذي تقوم فيه بما يقوم فيه رجال الصحوة الذين أوجدتهم أمريكا لمحاربة المقاومة العراقية، وإنما قصدت بالصحوة: تلك المسيرة الحاشدة التي طافت شوارع رام الله تحت شعار: "هبوا للدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية، الكيان المعنوي للفلسطينيين". وأحسب هنا أن كل الذين هبّوا كان دافعهم الوطن، وتلك الحالة الفلسطينية المنتمية الصادقة، التي أودعت كنزها الوجداني والسياسي في الميثاق الوطني الفلسطيني، فصارت المسيرة في ظاهرها ضد تصريحات السيد خالد مشعل، ولكنها في باطنها تقول: إن تحرير منظمة التحرير من آسريها هي الخطوة الأولى لتحرير فلسطين، بالعودة إلى الميثاق الوطني الذي ولدت من رحمه المنظمة، والتي تقول فيه المادة [19] تقسيم فلسطين الذي جرى عام 1947 وقيام إسرائيل باطل من أساسه مهما طال عليه الزمن لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطيني، وحقه الطبيعي في وطنه، ومناقضته للمبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، وفي مقدمتها حق تقرير المصير.
الذين مشوا في مسيرة التأييد لمنظمة التحرير في رام الله نطق وجدانهم: ماذا سيخسر الفلسطينيون لو حلوا السلطة، وألقوا بهمّها في وجه المحتل الإسرائيلي؟ ما دواعي حضور خط السيد محمود عباس في المشهد الفلسطيني؟ ألم يوصلنا خط المفاوضات إلى تقسيم الفلسطينيين سياسياً، وجغرافياً، وهذه الحالة من الضياع، والتغييب، والتدمير المنهجي للضفة الغربية، وقطاع غزة؟ هل ظل متسع في السياسة الفلسطينية للحديث عن مفاوضات ولاسيما بعد فوز أحزاب اليمين المتطرف في إسرائيل؟.
أمام هذه الواقع السياسي الجديد ليس أمام للسيد محمود عباس إلا أن يقبل استقالة سلام فياض، وأن يحل السلطة برمتها، فقد انتهت صلاحيتها، ولم تعد الممثل الشرعي والوحيد، ولا تمثل أدنى طموح سياسي فلسطيني، وإنما تقوم بدور وظيفي، على إسرائيل أن تتحمل هذا الدور في الضفة الغربية بشكل مباشر، وأن تقوم المقاومة بواجبها في التعامل مع المحتل بشكل مباشر أيضاً، على أن يبقى قطاع غزة وديعة في يد حماس، تتحمل مسئوليته الإدارية والمالية إلى حين تسليمه إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى أكبر تنظيمين فلسطينيين متحاورين في القاهرة ألا يضيّعا كثير وقت في لجان عمل ثانوية، يصعب جزر الهوة فيهما بين المتحاورين، والرجوع إلى الأصل؛ وهو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، لتضم كل الفلسطينيين، وقواهم السياسية، والتنظيمية، والشعبية، ولاسيما أن ميثاق المنظمة، والأسس التي قامت عليها، وبرنامج عملها موضع إجماع فلسطيني، ولم يتبق إلا ترتيب البرنامج السياسي المرحلي، وإعادة صياغة مؤسسات منظمة التحرير على الأسس التي قامت عليها سنة 1964، مع التجديد، وترتيب تسلسل المستوى القيادي، على أن تكون قيادة تمثل وجدان شعب مشرد، يسعى لتحرير أرضه، قيادة مواجهة ميدانية، وتسلل بين الخنادق، يهرب من ثقلها كل طالب حياة، ولا يقترب من نارها إلا من جف عود دنياه.
بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين، بايعت حركة حماس الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، فوقف الشهيد نزار ريان، وقال على مسامع المحتشدين: لقد بايعناك سباقاً إلى الشهادة. لقد تحقق ذلك للرنتيسي بعد أربعين يوماً من البيعة، ولحقه ريان بعد أربع سنوات.
أنعم وأكرم بكل فلسطيني يتقدم للقيادة على طريق الشهادة، لا بهدف السيادة.