أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
اجتياز شروط الرباعية

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 13.03.2009

أصرت حماس على عدم الاعتراف بشروط الرباعية، وحتى هذه اللحظة تتمسك بموقفها، وتصر من حيث المبدأ على أنها لن تتحاور، ولن تقبل المشاركة بحكومة فلسطينية وفق هوى الرباعية، ولن توافق على تهدئة مع إسرائيل، وفتح المعابر، وفك الحصار وفق شروط الرباعية، وتقول لمن يشترط عليها الموافقة على شروط الرباعية لبدء الحوار، وحسن الجوار، وفتح المعابر، وفك الحصار مثلها العربي: أعلى ما في خيلكم أركبوه، فقد ركب رجال حماس حصان المقاومة، وأمسكوا بلجام الثوابت الفلسطينية، وصهلوا في الميدان: لا للشروط.
الذين اشترطوا على حماس لم يقعدوا مكتوفي الأيدي، بل سعوا بكل ما أوتوا من قوة كل الفترة الماضية الممتدة من تاريخ فشل حكومة الوحدة الوطنية، وما أعقبها من اقتتال، وانقسام فلسطيني داخلي، وما تلا ذلك من حصار، وإغلاق معابر، حتى جاءت الحرب على غزة بما تحمل من معانٍ، ورسائل ليس أقلها فرض شروط الرباعية بالقوة العسكرية على حماس إن لم يكن اقتلاعها نهائياً من الجذر، والتخلص من عنادها.
حتى الآن يمكن التسجيل لحماس نقاط انتصار في هذا المضمار، فلم يدق عنقها، ولم تلو ذراعها ليفرض عليها في الميدان الاعتراف بشروط الرباعية، ولكنها في الوقت ذاته تحاور في القاهرة على تشكيل حكومة وحدة وطنية بهدف فك الحصار، وفك الحصار مشروط بالقبول بشروط الرباعية، وحماس تقول: لا، فما العمل؟
أمام الفلسطينيين أمران؛ الأول: إما أن تنزاح حركة فتح إلى مواقف حماس، وتوافقان على حكومة فلسطينية لا تعترف بشروط الرباعية، وفي هذه الحالة تكون المواجهة فلسطينية إسرائيلية مباشرة على إعادة صياغة مفهوم الحرب والسلام من جديد، على أن يتم فرض هذا الموقف الفلسطيني الموحد على الدول العربية، والتي بدورها ستسهم في الضغط على الأطراف الدولية التي أسقطت من يدها ورقة الانقسام المهمة، وفي تقديري أن هذا أمر صعب، لأن أجواء الخلافات الداخلية الفلسطينية لا تسمح بالثقة المفرطة بين الطرفين، ولأن مفهوم الكرامة الحزبية لا يأذن بالتراجع عن المواقف، ولأن تكلفة التنكر للشروط الرباعية عالية على من تعود الإمساك بزمام السلطة، والقيادة، والتعامل مع المجتمع الدولي الذي ما زال يصر على شروط الرباعية بلسان وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون.
الثاني: أن تحترم مواقف حماس المبدئية الرافضة لشروط الرباعية، ـ تصريحات وزير الخارجية الفرنسية "كوشنير" فيها تراجع عن شروط الرباعية ـ والعمل المشترك على صياغة برنامج سياسي يكون مقبولاً إلى حد ما على المجتمع الدولي، ولكنه لا يفرط بالثوابت الفلسطينية، والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، ولن تعجز الطاقة الفلسطينية في ابتداع هذا البرنامج بذكاء، الذي سيمكن الفلسطينيون من التغلب على انقسامهم، وحصارهم، وفي الوقت نفسه لا يترك الساحة الدبلوماسية نهباً لمدعي السلام، ولاسيما أن العرب أمام حكومة يمينية متطرفة من "فجلن وليبرمان، وبوجي" تفرض التعاون، والتنسيق الفلسطيني والعربي لحشرها في الزاوية، وتحقيق نقاط سياسية لصالح القضية الفلسطينية.