بقلم : ريم عبيدات ... 4.2.09
لزملائي وزميلاتي المؤمنين والمعنيين بقضايا المرأة بصفتها قضية مركزية في محيط أخطر قضايا الإنسان سيادية دعونا نتصفح شيئاً من فسيفساء المشهد النسائي الغزية. فعام 2008 أو “عام الحصار” للإنسانية والنبض والطير المسافر فوق غزة، الذي ظنناه الأبشع، لم يتوقف عند حدود قتل 19 فلسطينية من غزة عبر التوغلات المتوحشة وإطلاق النيران البربرية... فجريمة حرب واحدة شهدها مخيم جباليا الشهور الأولى من العام الماضي أودت بحياة (110) فلسطينيين بينهم (27) طفلاً و(6) نساء في يوم واحد وقتلن جميعاً أثناء وجودهن داخل منازلهن جراء الاستخدام “الإسرائيلي” المفرط للقوة المميتة من دون تمييز. وجوه كثيرة لنساء ينتظرن أطفالاً وأزواجاً يأتون بعد قليل مثل “غادة العبد” ذات 27 ربيعاً التي كانت تعد الإفطار لأطفالها، ليكون جثمانها إفطارهم الأبشع.
ما خلفه عام الحصار على المشهد الصحي يصعب حصر تأثيراته في الأنثى تاركاً مئات المريضات وعشرات المستخطرات محرومات تماماً من أية فرصة علاج، حاصداً بأقل من نصف العام المشؤوم 13 امرأة نتيجة حرمانهن من السفر لتلقي العلاج، أو عرقلة سفرهن، أو نقص الأدوية في مشافي غزة. ليرفعن عدد الحيوات التي حصدها وحش عام الحصار إلى 32 امرأة يجسدن لوحات لصور الاستهتار “الإسرائيلي” بالحياة الإنسانية للفلسطينيين. وليزهق في فصل آخر اسمه العالقون على المعابر ست نساء أخريات توفين من بين الجموع العالقة على معبر رفح لحوالي شهرين. وجوه المأساة الصحية التي انفردت فيها المرأة الغزية، بحاجة لوقفات طويلة، من أمراض فقر الدم المختلفة، وانعكاساته على أسوأ معدلات صحة الأجنة والمواليد وارتفاع أرقام المبتسرين والتشوهات الجنينية. كما سقوط الرحم، وكثير جداً من الوجوه في مواجهتهن لمخاطر صحية للاحتياجات الأساسية اللازمة للبشر وفي مقدمتها الطاقة ومياه الشرب.
فيما المأساة النفسية تعجز عن توقعها الإمكانيات الذهنية لمواجهة مئات النساء، لقسوة تعجز حتى المخيلة الآثمة عن إجبارهن على مشاهدة مقتل أبنائهن وتشوههم. والزواج كمؤسسة وحالة إنسانية كان الضحية الأقسى للمأساة، حيث اضطرار الكثير من الأسر إلى تزويج فتياتها زواجاً مبكراً، كما تأجيل الكثير من الزواجات لاستعصاء شروط تسيير وإدارة الشأن الأسري حتى في مقتضياته الأساسية لدى جيل جديد من الشبان بسبب الحصار.
تراجيديا المرأة الغزية موسوعة كبيرة من المجلدات، وتحتاج إلى وقفة حقيقية مع ذواتنا وقضايانا المصيرية وعلى رأسها “قضايا النساء الحقة” حتى قبيل الشهر الأخير من حدث ضجت له أركان الأرض والسماء.. للحديث صلة..