أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
إعجاب عبر البريد الإلكتروني!

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 17.03.2009

في زمن التكنولوجيا يمكن قياس دقات قلب المقال بشكل يومي، ومعرفة نسبة السكر في عروقه، ومدى انتشاره، وحساب تأثيره في النفوس، وهو يشق طريقه وحيداً، يقتحم مزيداً من المواقع الإلكترونية، والصحف التي تضمه إلى صدرها، وسط فرح الكاتب الذي يرى مقاله يتجاوز حدود المكان، ويطوف الأركان، ليرتد إليه برسائل تقدير أو عبارات احتجاج.
قبل أيام نبتت لي أجنحة وطرت كالعصافير، وأنا أحظى برسائل احترام كبير، وإعجاب وفير، ولاسيما أن المتصلين عبر البريد الإلكتروني ليسوا قراءً عاديين، أو هواة تواصل، بل أصحاب مواقع نشر، وصحف، لهم باعهم في الكتابة، ودرايتهم بالرأي، فما أسعدني وأنا التقط منهم عذب الكلام! وأفتش عن سبب الإعجاب؛ هل هو لشخصي، أم للفكرة التي أتعرض لها؟ هل الإعجاب بالأسلوب، أم للألفاظ التي انتقيها، أم لطريقة عرض الفكرة، أم الإعجاب لجرأة طرح الموضوع، وعدم التهيّب؟
وكي لا أوغل كثيراً في غابة التوقع، رحت أحلل السبب الذي حرّض صحيفة فلسطين للاتصال بي طلباً لكتابة مقال يومي، وليس بيني وبين رئيس تحريرها السيد "مصطفي الصواف" أي معرفة. وما هو القاسم المشترك بيني وبين الدكتور "شكري الهزيل" في موقع "ديار النقب" ولماذا اهتمت بمقالاتي "هداية درويش" في موقع كل الوطن السعودي، وما الذي يربطني بالسيد "طيب رشاد" في اليمن، لماذا كتب لي أصحاب موقع "معراج المغاربة" من المغرب الأقصى يقولون: "شرف لنا أن ننشر كتابات رجال مثلكم سخروا القلم لنصرة قضية وطنهم وقضية الأمة جمعاء". ونفس اللغة جاءت من السيد "محمد المشاعلي" في موقع "ذات العماد" في الأردن، وهذا ينطبق على موقع "كلنا غزة" بالإضافة إلى عشرات المواقع التي تعودت على نشر مقالي مثل شبكة أمين، وموقع التجديد العربي، وإخباريات، وقدس نت، والحقائق اللندنية، وواتا الثقافية، وطريق النصر، والوسيط، ودنيا نيوز، ومصر الحرة، وإصلاح، وشبكة لطيف، وموقع وطن، ومركز الزيتونة، والراصد، والمركز الفلسطيني للإعلام، وشبكة المعلومات، وفلسطين الآن، وفلسطين اليوم، وغيرها عشرات المواقع الإخبارية الممتدة على طول وعرض الوطن العربي.
لقد عرفت السبب، وأدركت أن الإعجاب ليس لشخصي، وإنما لغزة، وللمقاومة، ولصمود شعبها، وللكرامة العربية التي عششت في النفوس، وانتعش معها قلمي.
ولعلّ أرق ما جاءني من كلمات تبل الريق، وتمسح العرق، وسرت على محياي كنسمة الجنوب، ما كانت من امرأة عربية ترأس تحرير كل الوطن، تقول: أقدم نفسي كواحدة من أشد المعجبات، والمتابعات لكل ما يصلها من كتاباتك، أنا "هداية درويش" إعلامية سعودية، بصدق أحرص على قراءة مقالاتك التي تصلني بشكل يومي، واشعر أنك من الكتاب الذين نفتقد فكرهم وتوجهاتهم في هذه الأيام الصعبة. وكتب السيد "طيب رشاد" سكرتير صحيفة "الثقافية" الصادرة في اليمن يقول: أدعوك للكتابة معنا، وتشريفنا بمواضيعك الجميلة، وحسك المرهف، وأسلوبك الأدبي الرائع.
ما أسعدني وأنا أعود بكتاباتي إلى الحضن العربي، وأنا أشق جلد غزة الناشف، وأخرج من ضائقة الحصار، ومن سجن كلمة "فلسطيني" تلك التسمية التي خنقت أفقي العربي، وضيقت علي ما اتسع من بلاد المسلمين، وحشرتني وحيداً، منعزلاً مع ضعفي، وفقري، وقلة حيلتي، وطالبتني أن أكون نداً للصهيونية العالمية، وحلفائها، في حرب غير عادلة، تجبرني أن أردد مع الشاعر، وأنا أرتد إلى ألأصل:
إنْ تُفْصَلْ القَطرةُ عن بَحْرِها فَفي مَداهُ مُنْتِهى أمْرِهَا.