أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
خضراء رام الله وقفراء غزه !!

بقلم : د.شكري الهزيل ... 28.03.2009

[* خيار الحفاظ على مقومات القضيه الفلسطينيه, ام خيار الركض وراء سراب" دولة" الوهم؟ ]
في خضم بحثي الدائم في طيات التاريخ الفلسطيني وفي ثنايا الاحداث والمستجدات على الساحه الفلسطينيه لفت نظري عنوان خبر في قصاصة صحيفة ناطقه بالعربيه تصدر في فلسطين ويصدرها ويديرها على مايبدو فلسطينيون" مؤسرلون" او ما شابه ذلك, حيث جاء في قصاصة الجريده ان الشرطه الاسرائيليه " اعتقلت 50 فلسطينيا تواجدوا في البلاد بصوره غير قانونيه", والبلاد تعني هنا الكيان الاسرائيلي المتواجد على ارض فلسطين, وعلى القطب الاخر من قارات الدنيا قرأت تعليقا لفلسطينيا على خبر منشور في موقع عربي حول معاناة اطفال غزه من الجوع والعوز بسبب الحصار, حيث يشمت هذا الفلسطيني المزعوم في حال اطفال غزه ويُحمل "حماس" المسؤوليه عن هذا الوضع ,ولا ينسى[ المُعلق] ذكر انه من رام الله.., ولاحظوا معنا المُستتر والضبابي في هاذين المثالين كدليل رمزي على: الى اين وصلت الاحوال الفلسطينيه في طقوس نُكران الذات وجلدها بالمُطلق الى حد ان يصبح تواجد الفلسطيني القادم من الضفه او غزه الى بلاده فلسطين ال48 بحثا عن العمل و لقمة العيش, تواجدا غير قانونيا, وان يصبح سبب جوع اطفال غزه هو " حماس" وليست الاحتلال الاسرائيلي والانظمه العربيه ومشتقاتها الفلسطينيه الخائنه وبالتالي ماهو جاري اليوم على الساحة الفلسطينيه بشكل عام وللشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا هو ظهور ظواهر كثيره ووجهات نظرمتعدده من اقصى الوطنيه ومرورا بالانتهازيه الفصائليه وحتى اقصى الظواهر التي تصبح فيها الخيانه الوطنيه مجرد وجهة نظر!!... نعم : هنالك في حساب الحسابات وضبط ضوابط مقومات القضيه الفلسطينيه اخطاء وطنيه وتاريخيه لايمكن تجاوزها دون التطرق اليها والتعامل معها في اطار اجراء مراجعه تاريخيه وسياسيه للاسباب التي اوصلت القضيه الفلسطينيه الى وضعها الحالي المزري’, واكرر المزري والمحزن والماساوي,.. ومُكرها اخاك هنا لابطل حين نقول ان القضية الفلسطينيه اليوم ضائعه في طيات سراب السلام المزعوم ووهم قيام الدوله الفلسطينيه, وبين ثنايا فصائل حُماة الانقسام والشرذمه الجاريه على ساحة غزه المحاصره ورام الله المحتله, وبالتالي تبدو اليوم وللاسف السفينه الفلسطينيه تائهه و هائمه على وجهها في عرض البحر العالمي والاقليمي والوطني دون رُبان ودون بوصله , وعلى متنها كامل الشعب الفلسطيني الذي ينتظر حط الرحال و شاطئ الامان منذ عقود طوال وكثيره , ولكن للاسف هنالك من بيننا من يُصر على اغراق السفينه الفلسطينيه وليست انقاذها ويختزل كامل حقوق الشعب الفلسطيني ومقومات القضيه الفلسطينيه في اوهام واحلام الفاسدين والعاجزين والعدميين من بين الفلسطينيين انفسهم الذين ركبوا مراكب جانبيه تضمن بقاءهم الذاتي والشخصي والفصائلي, وتركوا السفينه الفلسطينيه تحوم وتعوم وتلتطم بامواج الصهيونيه الاحتلاليه والاحلاليه, والامبرياليه المجرمه, والرجعيه العربيه العميله, لابل قد اتاحوا الفرصه لاسرائيل وامريكا ومشتقاتهم من عرب بان تذبح غزه من الوريد الى ا الوريد, وتدمر عروبة القدس خطوه خطوه وقطعه قطعه وبيت بيت وحارة تلوى الحاره الى حد ان يقف اساس المسجد الاقصى على فراغ الحفريات والانفاق الاسرائيليه.. سيبكي فيما بعد عرب وفلسطينيي الرِده على اطلال الاقصىى المبارك!... خطوة خطوه تحاول اسرائيل سحب الشرعيه عن الوجود الفلسطيني ليست في فلسطين ككل ورفض عودة اللاجئين, لابل ان الاستيطان والاحلال الصهيوني بدأ يزحف الى داخل المدن الفلسطينيه ومساحاتها الهيكليه والجغرافيه الى حد اعلان اسرائيل عن نية هدم حارات عربيه كامله في القدس.. البستان..سلوان, ناهيك عن زحف الاستيطان الصهيوني في الضفه الفلسطينيه والى داخل وعمق محمية دولة خضراء رام الله ,,, والعجيب في الامر ان اللسِنة المُهرجون لم تحفَّى[حافي] من ترديد وتكرار التبشير بقرب قيام الدوله الفلسطينيه وعاصمتها القدس.. [ ابوديس!!].. وين على رام الله ولفي يا مسافر...زمان... اليوم :وين على محمية رام الله ولفي يا تائه وضائع!!... وين على كامب ديفيد.. وين على مدريد,,.. وين على اوسلو .. وين على واشنطن ... وين على القاهره,,,وين على طابا.. وين على شرم الشيخ!!.. كُل هذا الوِين الهائل ولم يتبقى لنا سوى محمية خضراء رام الله .. سبحان الله.. بالطبع للا ننسى الالقاب في جمهورية خضراء رام الله: من وكيل ووزير, وكبير المفاوضين ومدير الدائره, ومدير الكوارث الوطنيه, والاطفائيه وحتى سيادة وفخامة الرئيس الفلسطيني.. رئيس دولة الوهم و اللَهِم .. وهم الجغرافيا والديموغرافيا.. ولهِم ما تيسَّر من اموال وموارد فلسطينيه,, ولا ننسى طبعا "الانقلابيين" في غزه .. على ماذا انقلبوا؟... لاادري!. جائز انهم انقلبوا على دولة خضراء رام الله ليؤسسوا قفْراء غزه ...دولتين فلسطينيتين:: خضراء وقفراء.. والثالثه قادمه او موجوده ولم تتبلور بعد::خضراء لم الشمل الفلسطيني عن طريق وزارة الداخليه الاسرائيليه,,.. وحل دولي واقليمي مقبول حتى تحقيق حلم العوده وحق العوده الى دولة خازستان وعبَّاسان وعبدربوستان..!!.. في خضراء رام الله وقفراء غزه: الناس مكدسه كالسردين في مساحة علبة سردين .. محاصره بكذب سلام اسرائيل وامريكا ووهم دولة فلسطينيه مطاطيه وحرباة متقلبه في الوان وشكل ولغة كبير المفاوضين الفلسطينيين: لغه متقلبه ومتجدده وبعيده كل البعد عن الواقع الاستيطاني الصهيوني الزاحف حتى الى حصار عنق الفلسطيني... دولة عُنق الزجاجه وسجن الضفه والقطاع!!
في عام 1973 خاض الجيش والشعب المصري اروع الملاحم البطوليه في حرب اكتوبر, ولكن السادات اصر على ان تكون الحرب حرب السادات وليست مصر العربيه وتكون اخر حروب مصر مع اسرائيل, والحقيقه ورغم تأكيدنا على بسالة الجيش والشعب المصري البطل, الا ان السادات الذي اختطف نتائج الحرب والنصر قد اسس مدرسة كامب ديفيد التي دمَرت دور وعروبة مصر الى حد ان يختزل فيه حسني مبارك عظمة مصر الدوله في نظام حكم دكتاتوري وعميل, والحقيقة الاخرى هي ان مدرسة كامب ديفيد 1978 كانت الاساس والام الروحيه لمؤتمر مدريد1991 ولمدرسة اوسلو 1993 اللتي دمَّرت مقومات القضيه الفلسطينيه واختزلتها في واقع" دولتي" خضراء رام الله وقفراء غزه و النظام السياسي الفلسطيني الراهن بشقيه الفاسد والعاجز من جهه والعدمي والانتهازي من جهه اخرى.... كل ماجرى في فترة ما بين التواريخ المذكورة اعلاه من احداث وعلى راسها الانتفاضات الفلسطينيه[ 1987 و 2000] هو مجرد احداث وتفاصيل أُفرغت من مفهومها وحُرفت عن اهدافها لتوظف في اتجاهات واهداف اخرى اهمها نشأة حماس 1987 وتطورها فيما بعد ,واتفاقية اوسلو1993 وافراغ منظمة التحرير وتجويفها من الداخل, ومن ثم بروز دور الفصائل[ ا لاعلانات والبيانات] خلال انتفاضة الاقصى ليختلط الحابل بالنابل والضباب بالظلام,لتبرز معالم بداية غرق القضيه الفلسطينيه في حلكة التفاصيل والمبادرات الامريكيه والصهيونيه, والاقليميه, والفصائليه الخ, ومرورا بالقتال الفلسطيني الفلسطيني عام 2007 في غزه, وحتى نشأة خضراء رام الله وقفراء غزه والحصار والعدوان الصهيوني 2008\2009 .. كل هذه الاحداث وما حملته من مأسي وويلات على القضيه الفلسطينيه والشعب الفلسطيني كانت مصادرها ومنابعها واضحه:: كامب ديفيد, اوسلو , اسرائيل, وامريكا وبالتالي لايمكنك مثلا ان تعزل بين اوسلو و حماس واحداث غزه لانه ببساطه : اوسلو هي اللتي سمحت لحماس بالمشاركه في الانتخابات وهي بالاصل[ اوسلو] سبب ومصدر القتال الفلسطيني الفلسطيني والانقسام الفلسطيني السياسي الى حد العمى السياسي والتغاظي عن ان اسرائيل لم تترك لا مساحة جغرافيه ولا سعة ديموغرافيه لاقامة الدوله الفلسطينيه ضمن وهم مفاوضات " السلام" المزعوم التي اصبحت فيه البؤر الاستيطانيه الصهيونيه[ في الضفه] اللتي كانت صغيره عام 1993, اصبحت اليوم مدن استيطانيه ضخمه وكبيره وتحتل ارض فلسطينيه واسعه وشاسعه في الضفه الغربيه لابل انها تزحف نحو خضراء رام الله والمقاطعه!!.. الكذبه التاريخيه والمأساويه التي تبنتها خضراء رام الله والانظمه العربيه[ المبادره السعوديه..قمة بيروت 2002] هي قيام الدوله الفلسطينيه على الاراضي المحتله عام 1967 والسؤال المطروح: ماذا تبقى اليوم من هذه الاراضي[ 1967] بعد كل هذا الاستيطان الصهيوني الحاصل على هذه الاراضي والمُستمر اليوم ايضا بتواطؤ من انظمة الحكم العربيه وخضراء رام الله وكبير المفاوضين الفلسطينيين المزعوم ومدير دائرة المفاوضات المزعوم في منظمة التحرير المخطوفه منذ عقود!!.. ماهو جاري على ارض الواقع لايترك مجالا لا لدوله فلسطينيه[ اوسلو] ولا حتى لحكم ذاتي فلسطيني[ كا مب ديفيد]!!. الواقع ان اسرائيل استبدلت روابط القرى الفلسطينيه العميله [1981] التي تأسست على اساس كامب ديفيد, ب خضراء رام الله على اساس اوسلو... اسرائيل وامريكا لن يسمحا ابدا بقيام دوله فلسطينيه ولا بعودة اللاجئين, وما سيسمحان ويرحبان به هو موجود اليوم في خضراء رام الله وقفراء غزه وضياع معالم مقومات القضيه الفلسطينيه!!... . حتى لو افترضنا وامننا بامكانية قيام دوله فلسطينيه وصدَّقنا مزاعم كبير المفاوضين " المفرطين",,, ..اين وكيف ستقوم دولة الوهم هذه؟؟.....لربما دوله مُعلقه على الطابق الثاني في اجواء وسماء فلسطين؟؟!!!
الان وفي ظل عودة نتانياهو[نُذكر باتفاقية واي ريفر 1998سيئة الذكر بين نتانياهو وعرفات] الى الحكم وتأييده المعلن لاستمرار الاستيطان في الضفه الفلسطينيه, ومعارضته بالاصل لقيام دوله فلسطينيه, فلا بد من الاخذ بالحسبان ان الامر يتطلب اكثر من وحده فلسطينيه وهميه ومحادثات في القاهره لابل ان ما يجري في القاهره قد يكون تمهيدا لعودة تفويض التيار التفريطي الفلسطيني بالاستمرار في المفاوضات حول ما طرحته اتفاقية واي ريفر 1998 من تصورات حول الحل النهائي للقضيه الفلسطينيه, وهي تصورات[ لا تسع هذه المقاله ذكرها بالكامل] سيئه وتفريطيه ولا تترك اي اساس او مقومات في القضيه الفلسطينيه الا وهدمته او طالبت بالتخلي عنه وعلى راسه حق العوده, لابل انها تسعى الى حل نهائي يبقي الاستيطان الاسرائيلي في الضفه ويضمن تطورها جغرافيا وديموغرافيا...اذا كان الهدف من محادثات القاهره الجاريه بين الفلسطينيين اعادة اللُحمه والوحده الفلسطينيه , فهذا هدف سامي ومبارك,,, ولكن حذارا ثم حذارا من مفاوضات الحل النهائي وتفويض النهج التفريطي الفلسطيني من جديد بادارة هذه المفاوضات مع حكومة نتنياهو.. ويبقى القول دوما ساريا :: ما ضاع حق ووراءه مُطالب!!... وان يبقى الحق الفلسطيني مفتوحا وممدودا عبر التاريخ والزمن, فهو افضل الف مره من " حل نهائي" ظالم ووهم دوله فلسطينيه لن تقوم ولن تتعدى في حدودها خضراء رام الله....تحياتنا لكم اينما كُنتم وتواجدتُم مع الاصرار على ان الحق الفلسطيني لن تُحصله لا خضراء رام الله ولا قفراء غزه!!

*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع , ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه