بقلم : ابراهيم ابو صعلوك ... 26.8.06
ما أن نشبت الحرب بين المقاومة اللبنانية وإسرائيل حتى اندلع تعاطف الشعوب العربية والإسلامية مع إخوانهم من الشعب اللبناني كالنار في الهشيم في أصدق موجة من التعاطف المليء بالنخوة والمروءة العربية ,حيث شملت هذه الموجة الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط ومن الطبيعي في مثل هذا الجو المفعم بالإحساس بانبعاث هذه النخوة والمروءة بعد أن ظن الكثيرون أنها قد ماتت وأصبحت مجرد ذكريات يتغنى بها الشعراء ويحن إليها الشرفاء أن يأمل الإنسان العون من الإخوة والأصدقاء فاشرأبت أعناق الكُثر من الناس لاستشراف العون والمساعدة من إخوانهم حكام العرب لكنهم خيبوا الآمال كعادتهم ولا داعي للخوض في أسباب ودوافع ذلك لان الناس قد ملوا وسئموا من الخوض في مثل هذا الموضوع وما دمنا في هذا السياق وكأني بالمتنبي وهو يقول "ما لجرح بميت إيلام" ولكن على الرغم من ذلك فقد قيل قديما " السبع اللي بغيٌر وببدل" وما أن طال أمد الحرب حتى تحرك ذلك الميت وبدأت التحركات فاستبشر الناس خيرا وظنوا أن حكام العرب قد غيروا وبدلوا أسوة بالسبع حين اجتمع وزراء خارجيتهم في بيروت وعلى ما يبدوا أن بشاعة ما شاهدوه من الدمار والخراب قد أثار فيهم بعض النخوة العربية المعدومة في هذه الأيام فشفعت لهم لدى إسرائيل وفي خطوة خجولة لعل الهدف منها هو حفظ ما تبقى من ماء الوجه أرسلت بعض الدول العربية المساعدات الإنسانية إلى لبنان رغم الحصار المفروض عليه من قبل إسرائيل، لكن انشغال الناس في ما يجري على الجبهة قد أغفلهم عن السؤال عن كيفية وصول هذه المساعدات إلى لبنان ما دام محاصرا جوا وبرا وبحرا، وتنتهي الحرب ومن الطبيعي أن يجتهد كل في إظهار دوره فيها وما قدمه ويتغنى بمحاسن أعماله ومواقفه. والحكام العرب كغيرهم من الناس لان للنجاح ألف أب وأب وكل يريد أن يناله في مجال إظهار المحاسن من الحب جانب ولكن إسرائيل بدهائها وحنكتها التي يفتقر إليها حكام العرب قد أوقعتهم في الشرك دون علمهم حين سمحت لهم بنقل مساعداتهم الإنسانية إلى لبنان جوا عبر أجوائها علما أن هذه المساعدات لا تختلف عن غيرها من المساعدات الإنسانية الأخرى التي رفضت إسرائيل السماح بدخوله لتستفيد من ذلك على كل الحالات فهي في نظر الرأي العام العالمي التي سمحت بمرور المساعدات الإنسانية العربية عبر أجوائها من جهة ومن جهة أخرى كشفت للناس عن علاقاتها مع دول عربية ولا غرابة في ذلك لكن مجرد ذكر هذا الموضوع في هذا الظرف بالذات ما هو إلا لتثبيط عزيمة من تحسنت لديه صورة الحكام العرب جراء هذه المساعدات إن كان هناك احد كهذا ولتستغل هذا الموقف للضغط على حكام هذه الدول أو لاستخدامهم للتأثير على غيرهم من الحكام العرب عند طرح أي مشروع قرار في الأمم المتحدة بخصوص المقاومة اللبنانية وسوريا أو إيران ولتجتث أيضا ما يمكن للبعض أن يفسروه على انه باكورة للتعاطف العربي الرسمي مع شعب عربي شقيق خاصة وان هذه المساعدات قد جاءت لتتستر على ما سبقها من المواقف العربية المعروفة. وقد اختارت إسرائيل استغلال عملها هذا بعناية فائقة وفي توقيت مدروس ومخطط له جيدا فحين حانت الفرصة لكي يقطف حكام العرب ثمار تقديم مساعداتهم إلى لبنان ويهللوا ويمجدوا انجازهم الميمون لينالوا بعض رضا الشعوب العربية الغاضبة عليهم أصلا,, باغتهُم شيمعون بيرس صاحب فكرة الشرق الأوسط الجديد الأصلية ومهندس مذبحة قانا الأولى بتوجيه صفعة لهم وإخماد نخوتهم وحرمانهم حتى من المتعة بهذه النخوة حين أعلن الأسبوع قبل الماضي من قبلتهم واشنطن أن هذه المساعدات قد نقلت جوا عبر إسرائيل ليجعل جباههم تصبب عرقا من الخجل ولكن هيهات هيهات " فالوجه الصفيحة لا يخشى الفضيحة" كما يقولون في اليمن ومما يؤكد صحة ما أعلنه بيرس اعتراف أمير قطر بذلك طبعا مرغما لا بطل ردا على سؤال أثناء مؤتمر صحفي في بيروت يوم الاثنين الماضي ولعل فكرة تقديم المساعدات الإنسانية إلى لبنان المحاصر برا وجوا وبحرا حتى الآن هي نصيحة إسرائيلية أساسا أسدتها لحكام العرب في الوقت الذي كانوا غارقين في التفكير في عقد القمم والناس يستصرخون ولا مغيث ليس حبا فيهم ولا شفقة على الشعب اللبناني بل لتستفيد منها في الوقت المناسب وبذلك تكون قد دست لهم السم في الدسم.