أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
شواطئٌ مُتَّصِلةٌ، وزَوارقٌ مُغتَصِبةٌ !!

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 10.05.2009

مقابل شواطئ خان يونس ترى بالعين المجردة الزوارق الحربية الإسرائيلية، وهي تغتصب البحر من مدينة رفح المصرية جنوباً وحتى بيت لاهيا شمالاً، تلك السلسلة الممتدة من الزوارق مهمتها محاصرة قطاع غزة، وما بعد قطاع غزة، فقد تعدى عمل الزوارق البحرية الإسرائيلية شواطئ فلسطين إلى ساحل البحر الأحمر، وخليج عدن، وإلى مياه السودان على المحيط الهندي، ومن المؤكد أن هذه السلسلة من الزوارق تمتد شرق البحر المتوسط حتى الشواطئ اللبنانية، ولا تغمض عينها عن الشواطئ السورية، وتراقب السواحل المصرية، والعربية، والإسلامية بشكل عام، والهدف هو حماية أمن إسرائيل.
عين إسرائيل لا تغفل، ولا تنام، وتدرك أن أمنها عابر للقارات، ولا يقف عند حدود فلسطين، ومواجهة رجال المقاومة، وإقامة الحواجز العسكرية على طرق الضفة الغربية، وتعزيز المواقع العسكرية المنتشرة في كل البلاد، وتطوير قواعد الطائرات، ومنصات إطلاق الصورايخ، الدولة العبرية تسبق كل ذلك، وتعمل على إفساد كل بؤرة إسلامية قد تشكل إزعاجاً لإسرائيل، وتعمل على فرط عقد كل تجمع عربي قد يشكل خطراً عليها، وهذه هي الإستراتيجية التي توجّه القرار السياسي في إسرائيل، وهذا ما حرصت على ترسيخه "جولدا مئير" رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة حين قالت: "أن إضعاف الدول العربية الرئيسية واستنزاف طاقاتها وقدراتها واجب، وضرورة من أجل تعظيم قوتنا، وإعلاء عناصر المنعة لدينا في إطار المواجهة مع أعدائنا، وهذا يحتم علينا استخدام الحديد والنار تارةن والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة أخرى".
لقد أكمل الحرب الخفية "شارون" ذو الرؤية الشمولية في الحفاظ على أمن إسرائيل عندما قال أمام حكومته سنة 2003: "حان الوقت للتدخل في غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل، وبنفس أهداف تدخلنا في جنوب السودان"، وهذا ما أكده "آفي ديختر" وزير الأمن الداخلي في محاضرته أمام معهد أبحاث الأمن الإسرائيلي، قال: أن إستراتيجيتنا التي ترجمت على الأرض في جنوب السودان سابقا وفي غربه حاليا استطاعت أن تغير مجرى الأوضاع في السودان نحو التأزم، والتدهور، والانقسام، وأصبح يتعذر الحديث عن تحول السودان إلى دولة إقليمية كبرى، وقوة داعمة للدول العربية التي نطلق عليها دول المواجهة مع إسرائيل.
ولما كان السودان نموذجاً لشمولية الحرب مع الدولة العبرية، فهل بعد هذا الشمول يستطيع أيٌّ كان، وبأيِّ صفة كانت، حتى لو كان السيد عباس أن يقول: أن القضية الفلسطينية شأن يخص الفلسطينيين وحدهم، وعلى جميع دول المنطقة التصفيق لما يقوم فيه الرئيس الفلسطيني من الاعتراف بحق اليهود في فلسطين، وتقديم الدعم المادي له بأفواه مكممة، وتقديم الدعم المعنوي بعيون مغمضة، والدعم السياسي بعقول مجمدة؟!