تشهد محافظة الجيزة، ثاني أكبر المحافظات المصرية من حيث عدد السكان، حالة من الغضب الشعبي الواسع بعد انقطاع التيار الكهربائي والمياه عنها لعدة أيام متتالية، بسبب عطل ضرب محطة “جزيرة الذهب”، أكبر محطات الكهرباء في المحافظة.ويعاني نحو 9.7 ملايين مواطن في الجيزة من انقطاع شبه تام للكهرباء والمياه، ما تسبب في أزمات إنسانية، خصوصًا لدى كبار السن والمرضى وذوي الإعاقة، إضافة إلى تعطل المصاعد وتلف المواد الغذائية والأجهزة المنزلية في عدد من المناطق، خاصة حي العمرانية.الأزمة دفعت النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إلى تقديم سؤال عاجل إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بشأن استمرار الأزمة. وطالب منصور باستدعاء وزيري الكهرباء والمالية إلى البرلمان لمساءلتهما عن الأسباب الحقيقية وراء الانقطاع المتكرر.وقال النائب في بيانه إن التيار الكهربائي والمياه انقطعا بشكل تام في مناطق عدة من محافظة الجيزة، مشيرًا إلى أن الإصلاحات التي أُنجزت فجر الاثنين الماضي لم تصمد، حيث عاد الانقطاع مجددًا مساء نفس اليوم، مما تسبب في استمرار معاناة المواطنين.وأضاف منصور أنه تلقى آلاف الشكاوى من سكان المحافظة، لا سيما في حي العمرانية، حول انقطاع الكهرباء والمياه لساعات طويلة، وصلت في بعض المناطق إلى يومين متواصلين، ما أدى إلى خسائر مادية ومعنوية كبيرة للأهالي.وطالب النائب بتعويض المتضررين عمّا لحق بهم من أضرار، وتحديد الأسباب التي أدت إلى عطل جديد بعد انتهاء الإصلاحات، متسائلًا: “هل تتم أعمال الصيانة الدورية للمحطات؟”، ولفت إلى أن الحكومة سبق أن أعلنت عن استثمارات وقروض ومنح تجاوزت 60 مليار دولار، يفترض أن تنهي أزمات من هذا النوع.وأشار منصور إلى أن وزارة الكهرباء كانت قد أعلنت سابقًا أن الطاقة الإنتاجية للكهرباء في مصر بلغت 48 ألف ميغاواط، وهو ما وصفته الحكومة بإنجاز ضخم وفائض يمكن تصديره، متسائلًا: “هل من المنطقي أن القطاع الوحيد الذي حقق فائضًا يتحول إلى مصدر معاناة للمواطنين؟”.وطالب الحكومة بتقديم خطة زمنية واضحة لحل الأزمة وضمان عدم تكرارها مستقبلًا، داعيًا إلى عقد جلسة عاجلة في البرلمان لمناقشة الأمر بحضور الحكومة والوزراء المعنيين، وعلى رأسهم وزير الكهرباء والطاقة المتجددة.وفي أول تعليق رسمي، أصدرت وزارة الكهرباء بيانًا توضيحيًا بعد تكرار انقطاع الكهرباء في بعض مناطق الجيزة، أكدت فيه أن الفرق الفنية تواصل العمل على إصلاح العطل الذي يُتوقع الانتهاء منه مساء اليوم الثلاثاء.وأوضحت الوزارة أنه تم الدفع بـ60 مولدًا متنقلاً، وتوصيل الكابل رقم 1، لتأمين التغذية الكهربائية لكافة المرافق الحيوية والاستراتيجية الواقعة ضمن نطاق محطة “جزيرة الذهب”. كما تعمل فرق الطوارئ حاليًا على إعادة توصيل الكابل رقم 2 لإعادة تشغيل المحطة بكامل طاقتها.وأكد المتحدث باسم الوزارة، منصور عبدالغني، أن ما حدث في الجيزة لا يشير إلى أزمة في إنتاج أو توزيع الكهرباء على مستوى الجمهورية، بل هو عطل فني محلي لا علاقة له بقدرات الشبكة القومية.وقال عبدالغني في تصريحات صحافية، إن الشبكة القومية للكهرباء أثبتت كفاءتها بتحمل أحمال تاريخية بلغت 39.2 ألف ميغاواط خلال ذروة الاستخدام الأخيرة، في رقم غير مسبوق منذ إنشاء الشبكة الموحدة، ما يدل على متانة البنية التحتية للطاقة في مصر.وأشار إلى أن وزير الكهرباء، محمود عصمت، تواجد ميدانيًا في موقع العطل، وأشرف على عمليات الإصلاح التي تُنفذ وفقًا لأعلى المعايير الفنية العالمية، مؤكدًا أن الوزارة لن تغادر الموقع حتى التأكد من استقرار الخدمة وعودة المحطة للعمل بكامل طاقتها.وفي سياق متصل، كشف المركز القومي للتحكم في الطاقة أن يوم الأحد الماضي شهد تسجيل أعلى معدل استهلاك كهربائي في تاريخ مصر، حيث بلغ الحمل الأقصى 39,400 ميغاواط، بزيادة 600 ميغاواط عن يوم السبت، متجاوزًا الرقم القياسي السابق البالغ 38,000 ميغاواط والمسجل في موجة الحر الشديدة العام الماضي.