رفضت أحزاب تركية الدعوة التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، إلى السماح لزعيم حزب «العمال» الكردستاني السجين في تركيا مدى الحياة عبد الله أوجلان، بالحديث أمام البرلمان، وإعلان حل الحزب، وإلقاء سلاحه ونبذ الإرهاب، مقابل تمتعه بالحق في الأمل في إطلاق سراحه.وبينما لم ترد وزارة العدل التركية على طلب تقدَّم به حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، لزيارة رئيسَي الحزب المشاركين، تونجر باكرهان وتولاي حاتم أوغوللاري، لأوجلان في سجنه الانفرادي في جزيرة إيمرالي ببحر مرمرة غرب تركيا، تصاعدت أصوات الأحزاب الرافِضة للسماح لأوجلان بالحديث في البرلمان.ورأى رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، أن هناك تبايناً في المواقف حتى الآن بين إردوغان وبهشلي، قائلا: «لا نعرف حتى الآن مدى تقبل إردوغان لما قاله بهشلي، ومدى موافقته عليه».ورجّح باباجان، الذي عمل سابقاً في حكومات إردوغان في عدد من المناصب وزيراً للخارجية والاقتصاد، ونائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، أن يكون إردوغان عالقاً بين ما يدعو إليه حليفه بهشلي، وبين أولئك الذين لديهم منظور أمني في حكومته. ولفت إلى أن تركيا مرّت بعمليات مماثلة من قبل، ومن غير المعروف إلى أين ستذهب هذه الأعمال مع هذا الخط المتعرج الذي يسير فيه إردوغان.وأكد باباجان، أن حزبه الممثل بـ15 مقعداً بالبرلمان التركي، سيدعم أي عملية لحل المشكلة الكردية في تركيا حتى لو كانت فرصة نجاح الحل لا تتجاوز 5 في المائة، لكننا نرى أن هناك حساسية كبيرة في دعوة أوجلان لإلقاء خطاب أمام المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» في الظروف الحالية، وأن هذا أمر غير ممكن. وأثار بهشلي الجدلَ في افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان التركي في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمصافحته المفاجئة لنواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي كان يصفه بأنه يدعم الإرهاب وحزب «العمال» الكردستاني، وزادت حدة الجدل مع إطلاقه دعوة في 15 من الشهر ذاته لحضور أوجلان إلى البرلمان، وإعلان حل «حزب العمال الكردستاني»، وإلقاء سلاحه، ونبذ الإرهاب مقابل التمتع بما يُعرف بـ«الحق في الأمل» الذي يتطلب تعديلات قانونية تساعد على العفو عن أوجلان.ولم تلقَ تلك الدعوة تأييداً من إردوغان مثل تأييده مصافحة حليفه للنواب الأكراد. وعاد بهشلي في 22 أكتوبر ليعدّل من مقترحه، مطالباً بأن يتم فتح الباب لزيارة نواب الحزب الكردي لأوجلان في محبسه قبل أن يأتي إلى البرلمان ويتحدث أمام المجموعة البرلمانية للحزب.وأعطى إردوغان موافقة على هذا الطرح، الذي لم يذكر فيه بهشلي مسألة الإفراج عن أوجلان أو العفو عنه.ويسود اعتقاد في الأوساط السياسية التركية بأن دعوة بهشلي، الذي يعدّ حزبه أكبر شركاء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، إنما هي محاولة لفتح الطريق أمام الرئيس رجب طيب إردوغان للترشح للرئاسة للمرة الرابعة بالمخالفة للدستور، اعتماداً على دعم نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» التصويت على إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في 2028.وفي تعليق على ما بدا أنه حراك من «تحالف الشعب» للعفو عن أوجلان، مقابل ضمان دعم الأكراد لترشح إردوغان للرئاسة مجدداً، قال رئيس حزب «النصر القومي» المعارض، أوميت أوزداغ: «لقد جلب تحالف إردوغان وبهشلي فجأة العفو عن أوجلان، والمبادرة الجديدة لحل المشكلة الكردية إلى جدول أعمال تركيا، ودعا بهشلي أوجلان للتحدث في البرلمان. هذا لا يضمن الوحدة الوطنية كما يدعيان، بل على العكس من ذلك، هو إهانة للأمة والدولة التركية، وأكبر ضربة للوحدة الوطنية».وأضاف أوزداغ، خلال كلمة في المؤتمر العام لحزبه، الأحد: «مع عجز التحالف بين إردوغان وبهشلي عن حل المشكلات التي تعانيها البلاد، جلبا فجأة عفو أوجلان، والمبادرة الجديدة لحل المشكلة الكردية. إن حضور أوجلان إلى البرلمان هو إهانة للأمة التركية، وسيخلق صدمة لهذه الأمة، ويدلل مؤيدي المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني)؛ لأن من يظن أنه سيحقق الوحدة الوطنية بإجبار أوجلان على الكلام فهو في غفلة وضلال».وأكد أن هدف إردوغان وبهشلي هو تغيير المادة 66 من الدستور التي تحُول دون ترشح إردوغان للرئاسة مجدداً، لافتاً إلى أن البعض يقول، سنقاتل حتى يشعر الأكراد بالمساواة. وقال: «الدولة لا تحكمها المشاعر. الدولة يحكمها القانون، ومن الناحيتين الدستورية والقانونية لا يتعرَّض أحد في تركيا للإيذاء أو التفرقة على أساس العرق».
جدل في تركيا حول دعوة أوجلان للحديث أمام البرلمان!!
08.12.2024