دعا عدد من الكتاب والمفكرين والأدباء العرب والفلسطينيين لضرورة قيام الفلسطينيين بمواجهة مرحلة الانهيار السياسي العربي الرسمي وتساقط دول عربية في حظيرة التطبيع والتتبيع، باستراتيجية جديدة تشدد من جديد على الرواية واعتماد خطاب الحقوق والحريات في العالم في موازاة الخطاب القومي والوطني والديني وتحاشي حصره في مسار واحد.كما دعا هؤلاء إلى عدم التقليل من خطورة التطبيع لكن دون المبالغة فيها، لافتين لكون دول التطبيع قد مارست التطبيع السري منذ عقود ولم تقدم لفلسطين ما هو نافع وحقيقي. وطالب بعض المشاركين بالبحث عن رؤية جديدة والكف عن البحث عن خلاص في مؤسسات فلسطينية هرمت وشاخت وباتت جزءا من النظام العربي، داعين لصيانة الرواية التاريخية وتعميمها كونها أساسا لقضية عدالة وحرية وكرامة وليست أرضا مسلوبة فقط. جاء ذلك في ندوة عربية نظمها “ملتقى فلسطين” أمس عنوانها: “فلسطين معنى للحرية والكرامة والعدالة…لا تطبيع مع إسرائيل الاستعمارية الاستيطانية العنصرية…فلسطين قضيتنا”.والملتقى منتدى لمثقفين فلسطينيين من الوطن والشتات اجتمعوا فيه قبل ثلاث سنوات للبحث عن طرق مجدية لمواجهة أخطار الإجهاز على القضية الفلسطينية والإبقاء على وحدة الفلسطينيين في الوطن والشتات والمهجر.وتحدث في الندوة المذكورة كل من: د. علي فخرو (البحرين) د. أمين حسن عمر (السودان) أ. ميشيل كيلو (سوريا)، أ. سمية المجذوب (البحرين) أ. بلال فضل (مصر) أ. الأمين البوعزيزي (تونس) د. سعيد يقطين (المغرب) أ. الياس خوري (لبنان). وقد أدارت الندوة الكاتبة والإعلامية الفلسطينية أ. سعاد قطناني.
وقد شهدت الندوة حضورا واسعا، سواء في شبكة زووم، أو عبر منصة فيسبوك (وإن تخللها بعض محاولات القرصنة) واتسمت المداخلات بالموضوعية والمسؤولية والتعامل العميق في تناولها لواقع القضية الفلسطينية والتحديات التي تتعرض لها، على ضوء خطوات التطبيع بين بعض الأنظمة وإسرائيل.وقد انطلقت المداخلات من اعتبار أن قضية فلسطين ليست مجرد قضية أرض، فقط، وإنما هي قضية حرية وكرامة عدالة، وقضية صراع على الرواية التاريخية، وعلى الحقيقة والعدل وأن إسرائيل دولة استعمارية واستيطانية وعنصرية، لا يمكن لها بطبيعتها تلك ان تتصالح وأن تطبّع لا مع الفلسطينيين حتى من المواطنين فيها، ولا مع محيطها العربي. كما أكدت المداخلات على الصلة الوثيقة بين اقامة إسرائيل ووجودها واستمرارها وبين نظم الاستبداد، وأن تلك النظم هي التي تعزز وجود إسرائيل. وتاليا فإن مسار التطبيع، أو التتبيع (حسب مصطلح للأديب الياس خوري) كشف تلك الأنظمة على حقيقتها، وأنها مجرد كانت تشتغل على توظيف القضية الفلسطينية والتلاعب بها، لتعزيز هيمنتها، وتبرير مصادرتها حريات وحقوق مواطنيها، وتبديد ثرواتهم.واعتبرت أن ما يجري يفترض فهمه أيضا باعتباره يشكل بداية لتحرير قضية فلسطين من توظيفات تلك الانظمة، وتحرير شعب فلسطين من الارتهان لها ما يفترض على الفلسطينيين وحركتهم الوطنية اعادة بناء ذاتهم، على هذا الأساس، وضمن ذلك صوغ خطاب سياسي عقلاني يخاطب الرأي العام العالمي، بلغته والرهان على الأجيال الناشئة انطلاقا من قيم الحقيقة والعدالة والكرامة والحرية. يشار أن “ملتقى فلسطين” هو بمثابة مبادرة لمنبر فلسطيني، يضم شخصيات فلسطينية من مختلف أماكن وجود شعب فلسطين، في فلسطين التاريخية (48 والضفة وغزة) وبلدان اللجوء والشتات والمهجر. كما أنه يحاول منذ ثلاث سنوات تقريبا استقطاب الشخصيات المؤثرة من أكاديميين وفنانين وكتاب ونشطاء سياسيين، من غير المنتمين لفصائل، وممن لديهم وجهة نظر نقدية في التجربة الوطنية الفلسطينية.وينطلق ” ملتقى فلسطين ” الذي يعمل طواعية ودون تمويل من أي جهة من فكرة أن وحدة الشعب والأرض والقضية، وأن ذلك يجب التعبير عنه على صعيدين الرؤية الوطنية الجامعة، والكيان السياسي الجامع. وللملتقى موقع على الإنترنت ينشر المقالات والدراسات لأبرز الباحثين والكتاب الفلسطينيين.
مثقفون عرب: التطبيع بداية تحرير قضية فلسطين من الأنظمة العربية المتواطئة وفرصة لإعادة بناء الذات وخطاب جديد!!
14.12.2020