أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
صرخه: حصار غزة والإنتهاك الصارخ لحقوق الانسان؟!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 19.12.2013

قبل عدة اعوام كتبت مقاله حول حصار قطاع غزه وتطرقت فيها الى فرن الطين والقش و"الطابون" الفلسطيني وحول" البابور" اللذي اعاده الحصار المفروض على غزه الى الخدمه بعدما اكل الدهر وشرب على زمانه الغابر واليوم ديسمبر 2013 اعود لاكتب عن الحصار الظالم المستمر مند تلك الاعوام الغابره وحتى يومنا هذا اللذي يرزح فيه اكثر من مليوني فلسطيني في القطاع تحت اشد اصناف العذابات والشقاء والمعاناه والحرمان, حيث يعاني الغزيون من النقص الحاد في غاز الطهي وانقطاع الكهرباء ومن نقص ادوات ووسائل التدفئه لابل ان ان غزه تعاني من نقص في المواد الغذائيه والتموينيه اللتي ادت فيما ادت الى معاناة نسبه كبيره وكارثيه من اطفال القطاع من سوء التغذيه وهشاشة العظام وغيرها من الامراض التي تفتك بالغزيين في ظل الحصار والفقر والعوز المدقع اللذي تعيشه الاكثريه الساحقه من مجموع المليوني المحاصرون داخل مساحة علبة سردين يحاصرها القريب والبعيد والعدو والصديق...كلهم غربا وشرقا مجتمعون اجتمعوا واجمَّعوا على نهش الجسد الفلسطيني في قطاع غزه ان لم نقل انهُم وعالمهم المتكالب اجمعوا على ذبح الفلسطيني وتقطيع جسده وهو حي يرزق فعن اي اخوة في الانسانيه يتحدثون وعن اي اخوة في العروبه والاسلام يزعم الزاعمون والجوع والبرد ينهش اجساد وعظام اطفال غزه النحيله والهشه والمتعبه الى حد الانهاك من هذا الحصار الظالم والفاشي والمجرم الذي يفرضه الاحتلال وحلفاءه من عرب ومسلمين اشبعوا غزه شعارات ودعوات فارغه لم تشبع امعاء اطفال غزه واهل غزه المنسيون بحكم التطنيش والتواطؤ العربي وليست فقط بحكم العدوان الصهيوني الموضوعي والاسمي الذي يُشن على غزه منذ عقود...ما يجري في غزه هو اعلى درجات العدوان على الحياه البشريه ويرقى الى مستوى الاباده الجماعيه وهي اباده بطيئه ومؤلمه وتصيب اهل غزه في مقتل!!
في الوقت اللذي يتحدث فيه العالم عن ما يسمى بحقوق الانسان و يحتفي ب" اليوم العالمي لحقوق الانسان العاشر من ديسمبركانون الأول من كل عام " يعيش سكان القطاع في ظل ابشع الانتهاكات الصارخه لحقوقهم الانسانيه والاساسيه كبشر بسبب الحصار الظالم الذي دمر حياة الغزيين وشل حياتهم الى ابعد حد ماساوي عرفته البشريه وهو حافة المجاعه الجماعيه التي كان وما زال سببها الرئيسي الحصار وتراكم النواقص وتدهور الحال الاقتصادي والاجتماعي والغياب الشبه كامل للخدمات الاساسيه والصحيه والبنيه التحتيه المدَّمره والنقص الحاد ليس في المواد الغذائيه فقط لابل ايضا النقص الحاد في مياه الشرب الصالحه للإستهلاك البشري والنقص الحاد في مجاري الصرف الصحي ومخاطر هذا على صحة الغزيين وخاصة الاطفال من بينهم الذين يعانون من الامراض والنقص في الخدمات الصحيه والمواد الغذائيه..غزه ليست على حافة الكارثه لابل هي في عين ووسط عاصفة الكارثه في ظل عدم قدرة اكثرية الغزيين على توفير ابسط مقومات الحياه البشريه والانسانيه سواء على مستوى الغذاء او الدواء او الماوى والملبس...في قطاع غزه يتفشى الجوع والبطاله والفقر المدقع والعالم المتشدق ب"حقوق الانسان"يراقب الوضع ويسجل الملاحظات ويطلق التصريحات دون ان يفعل شيئا جوهريا لوضع نهايه لسبع سنين عجاف من الحصار والجرائم بحق البشريه!!
ليس هذا فقط ففي الوقت ايضا الذي تبيع فيه سلطة رام الله الوطن الفلسطيني قطعه قطعه واخرها صفقة الغور وما يسمى بقناة "البحر الميت" يعيش قطاع غزه المنسي اشد واحلك ايامه وسنينه مند فرض الحصار عليه وتشديده مؤخرا عبرعملية هدم الانفاق التي تقوم بها السلطات المصريه اللتي تغلق رئة تنفس غزه دون ان تطرح لها بديلا ودون ان تفتح معبر رفح والمعابر الاخرى لإيصال المواد التموينيه والوقود بشكل متواصل حتى تتمكن غزه من العيش بالحد الادنى ولا نقول العيش بشكل طبيعي ومستقر وبالتالي لا ندري لماذا يعاقب النظام المصري الجديد الغزيين بسبب معاداته لحركة "حماس" اللتي تحكم قطاع غزه التي كانت حتى العام 1967 تخضع للإداره المصريه وما زالت مرتبطه جغرافيا بالقُطر المصري اللذي تحاصر حكومته وسلطته اليوم قطاع غزه جنبا الى جنب مع الاحتلال الاسرائيلي ولنقُل ونعترف بحقيقة النزاع السياسي بين النظام المصري وحركة حماس, لكن ما ذنب الشعب الفلسطيني ان يُعاقب بهذه الطريقه الهمجيه واللا إنسانيه؟ ولماذا لايبحث الجانب المصري عن بدائل وحلول تخفف من اعباء الغزيين وتفك الحصار عنهم؟..جيد ..لا يريدون التعامل مع حماس سياسيا بسبب هذا العذر او ذاك..ماشي, لكن عليهم ان لايعاقبوا الشعب الفلسطيني ويبحثوا عن بدائل لرفع الحصار وإيصال الغذاء والوقود وغاز الطهي للشعب الفلسطيني في قطاع غزه..حصار غزه لن يزيد رصيد النظام المصري شعبيه ولا وطنيه والعكس هو الصحيح وهو ان اغلاق وتدمير الانفاق دون فتح المعابر يعني ان النظام المصري متواطئ مع هذا الحصار ويساهم في عملية الاباده الجماعيه الجاريه في قطاع غزه!!
الامور في غزه لم تعد تحتمل حيث يصف مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية هذا العام 2013 "بالأكثر سوءا على مستوى أوضاع حقوق الإنسان الفلسطينية، جراء استمرار انتهاك السلطات الإسرائيلية المحتلة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، والتنكر لحقهم".وذكر المجلس المذكور اعلاه والذي يضم 12مؤسسة فلسطينية حقوقية- في بيان له بمناسبة باليوم العالمي لحقوق الإنسان10.12.013 أن "تدهورا كارثيا طرأ على حالة حقوق الإنسان في غزة بفعل تعرضها للحصار وعزلها عن الضفة الغربية ومواصلة جرائم الاحتلال الحربية وسقوط آلاف القتلى والجرحى، وتدمير الممتلكات والمباني السكنية والمرافق الحيوية والبنى التحتية".واعتبر البيان أن " الانتهاكات الخطيرة تندرج ضمن جرائم الحرب، وتتطلب تدخلا فوريا من المجتمع الدولي من أجل توطيد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان.ويؤكد المدير التنفيذي للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن "التدهور في حقوق الإنسان والحريات في غزة مرده إلى جرائم الحرب وانتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل الاحتلال من جهة، والتداعيات الناجمة عن حالة الانقسام والصراع السياسي من جهة أخرى.وأضاف أن الوضع الإنساني الخطير في قطاع غزة ناجم عن سياسيات الاحتلال التي تحارب سكان القطاع في أرزاقهم من خلال منع الصيادين من الولوج إلى البحر، ومنع المزارعين في البر من الوصول إلى 34% من مساحة قطاع غزة الزراعية"....الجاري في غزه هو حرب اباده جماعيه وانتهاك حقوق صارخ تشارك فيها اطراف كثيره وليس الاحتلال الاسرائيلي فقط, بمعنى واضح: الحصار على قطاع غزه تشارك فيه قوى اقليميه وعالميه وايضا فلسطينيه.. يعجب الانسان من حقيقة ان السلطتان البائستان في غزه ورام الله منهمكتين في صراع على السلطه والتفاوض مع الاحتلال وبيع البحر الميت والاغوار بينما يتضور اطفال قطاع غزه جوعا ومرضا...لا ياسيداتي سادتي ولا لمقولة " كل يقلع شوكه" لان قطاع غزه ارضا وشعبا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني ولا يجوز تركه على هذا الحال لضمان تامين سلطات الراتب رواتب موظفيها العاملين في سلطة تخدم مصالح الاحتلال وتهمل مصالح وحياة شعبها كماهو جاري وحاصل في قطاع غزه!!
الحصار اعاد الغزيين الى العصور الغابره والبدائيه والغزيين يكابدون الحياه الشاقه في ظل عدم وجود كاز "زيت" لاشعال كانون النار وفرن الطين..تصوروا ايها العرب ومعهم العالم المتحضر والمتمدن والمتشدق بحقوق الانسان ان الغزيين لايجدوا قطرة وقود لاشعال القش والخشب والاعواد اللتي يجمعونها حتى يعدون ويطهون القليل من الطعام لاطفالهم او يوفرون لهم قليل من التدفئه.. بواخر النفط والغاز العربي تملا البحر الابيض المتوسط التي تقع على شواطئه غزه.. تذهب وتصل الى كل العالم فيما عدى غزه الغارقه في الظلام والعطشى لقطرة وقود...الكثير من الغزيين عاجزين ليس فقط عن توفير بعض ميليمترات او غرامات كاز لبابورهم العتيق لابل عاجزين عن شراء شمعه تضئ عتمات بيوتهم وعيون اطفالهم في ظل غياب الكهرباء او إنقطاعها المستمر... العالم المتحضر غارق في تحليل الخريف العربي وفوضى تدمير الوطن العربي واسرائيل وحلفاءها شرقا وغربا يُطبقون ويشددون الحصار اكثر فاكثر على قطاع غزه وعلى الضفه الاخرى فريق التفاوض الفلسطيني الذي نسي غزه وانشغل بصفقة بيع " البحر الميت" دون ان يفوضه احدا من الشعب الفلسطيني سوى ثلل الراتب..!!
سمع الجميع عن المعابر التي تتحكم بحياة الغزيين وهذه المعابر باكثريتها تخضع لسلطة الاحتلال الاسرائيلي ومن بينها معبر كرم ابوسالم التي تزود من خلاله اسرائيل قطاع غزه بالوقود ب" القطاره" وهو وقود مرتفع التكلفه والسعر وليست باستطاعة اكثرية الناس شراءه حتى ولو توفر بكميات ما محدوده وما تسمح به اسرائيل من بضائع ووقود بالمرور الى غزه عبر "كرم ابوسالم" لا يكفي لا لسد الحد الادنى من حاجة السكان ولا لتسيير الامور الحياتيه بالحد الادنى من حقوق الانسان وعلى الطرف الاخر وعلى معبر رفح العربي الذي يخضع للسلطه المصريه والفلسطينيه"كل من اتجاهه الحدودي" تسير الامور على الحظ والمزاج سواء ما يتعلق بالبضائع او بحركة وسفر الافراد, بمعنى بسيط ومبسط معبر رفح كان من المفروض ان يحل مكان " الانفاق المدمره" ويسمح بتدفق البضائع والوقود الى غزه وهذا الامر لم يحدث وسياسة القطاره الاسرائيليه هي نفسها التي تتحكم بمجرى الامور في معبر رفح..القطاره الاسرائيليه والقطاره المصريه تفرض العذاب والجوع والعوز قسرا على الشعب الفلسطيني في غزه في ظل صمت عربي وعالمي وفلسطيني رسمي..هيئة الامم ومنظمات حقوق الانسان لم تنصر غزه بعد...معونه موضعيه هنا واخرى هناك لاتساهم سوى في استمرار سياسة القطاره واستراتيجية الدمار والموت البطئ الذي يعاني من وطأته الغزيين, حيث يعيش قطاع غزه واقعا اقتصاديا وإنسانيا صعبا، تسبب في تعطل كافة تفاصيل ومناحي الحياة, وأعاد مليوني مواطن فلسطيني للعصور القديـمة والحجريه...ان الاوان ان تدوي صرخة ضرورة إغاثة غزه في كل العالم وخاصة في العالمين العربي والاسلامي..كفى تطنيش وكفى نكران...نعم غزه تموت جوعا وعطشا وغارقه في الظلام...صرخه: استمرار حصار غزة ليس إنتهاكا صارخا لحقوق الانسان فحسب لابل انه يرقى الى مستوى جريمة الاباده الجماعيه..أغيثوا غزه واعلوا صوتكم من اجل رفع الحصار عن غزه وفتح معبر رفح...!!

1