للمرة الأولى ومنذ أكثر من نصف قرن لاحتلال إسرائيل لمدينة القدس منذ أكثر يتجرأ رئيس وزراء حكومة اسرائيلية بالسماح ليهود متدينين باقتحام الحرم القدسي فى يوم عيد للمسلمين يتواجد خلاله مئات آلاف المصلين في المسجد الاقصى لأداء صلاة العيد، وبرغم أن التصادف الذى حدث بين عيد الأضحى وما يعرف عند اليهود بيوم خراب الهيكل المزعوم لم يكن الأول فقد تصادفت الذكرى المزعومة مع مناسبات اسلامية عديدة فى السابق؛ وكانت الحكومات الاسرائيلية تحجم عن إعطاء الإذن لليهود باقتحام الحرم القدسي خلال الأعياد الإسلامية، لكن ما حدث اليوم كان على ما يبدو تدشين لمرحلة جديدة مضمونها التهويد الصلف للحرم القدسي.
ما حدث اليوم يختلف عن كل محاولات الاقتحام السابقة؛ والتى كانت ضمن محاولات التقسيم الزماني للحرم؛ فما حدث من اقتحام للحرم فى يوم عيد الأضحى لدى المسلمين الذى أدى فيه قرابة النصف مليون مسلم صلاة العيد؛ وهو حدث يشي وبكل وضوح إلى تغيير دراماتيكي فى سياسة التهويد الزمنى التى كانت تحاول اسرائيل فرضها على الحرم إلى التهويد المكانى للحرم عبر فرض وتوثيق مشهد عبادة متزامن للمسلمين واليهود داخل أسوار الحرم وبالقوة العسكرية؛ كذلك الحدث يعكس وبقوة انتهاك فاضحا ومقصودا من قبل اسرائيل للسيادة الروحية للمملكة الأردنية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية فى مدينة القدس؛ وهي سيادة موثقة فى اتفاقات السلام بين المملكة وإسرائيل؛ ولكن من الواضح أن اسرائيل تسعى وبكل قوة ضمن سياسة تهويد المدينة إلى افراغ تلك السيادة الروحية الهاشمية على المقدسات من مضمونها عبر فرض واقع جديد على ساحات الحرم تختلط فيه السيادة الروحية بالسياسية؛ والتى تستند للقوة العسكرية ونتاج هذه الخلطة سيكون اضمحلال السيادة الهاشمية لصالح سيادة قوة الاحتلال العسكرية.
إن هذا التطور الجديد ما كان ليحدث وما كان لإسرائيل أن تفكر فيه لولا حالة اللامبالاة التى شابت قرار الإدارة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية ونقل سفارتها لها من قبل العرب والمسلمين خاصة ومن المجتمع الدولي بشكل عام وهو ما اعتبرته !!
"إسرائيل" تدشن طريق الجحيم!!
بقلم : د. عبير عبد الرحمن ثابت ... 12.08.2019