نجح المتحاورون الفلسطينيون في القاهرة في تذليل العقبات من أمام صناديق الاقتراع، وباتت انتخابات المجلس التشريعي قائمة إذا أعاد السيد محمود عباس النظر في قانون الانتخابات، وتخفيض رسوم التسجيل والتأمين، وطلبات الاستقالة، ونسبة مشاركة النساء، وتخفيض سن الترشح، وأزعم أن لا مشكلة لدى السيد عباس في إصدار مرسوم رئاسي بكل ما سبق، طالما كان ضمن التوافق الفلسطيني، الذي سيرضي الذاهبين إلى الانتخابات التشريعية.
وللتأكيد على التوافق بين حركتي فتح وحماس، فقد تم تأجيل مناقشة أي ملفات خلافية لا تخص الانتخابات إلى مرحلة لاحقة، وتم تجاوز أي عقبات تعترض تنفيذ المراسيم الرئاسية التي حددت مواعيد الانتخابات، ومن هذه العقبات التي قفز عنها البيان الختامي:
1ـ اكتفى البيان الختامي برفع توصية للمجلس التشريعي الجديد، لمعالجة ملف النواب المعتقلين لدى الاحتلال، وهذا هروب من الضغط على قيادة السلطة لإنهاء هذا الملف الحساس.
2ـ قفز البيان الختامي عن قضية موظفي غزة، وهذه القضية ما كان لها أن تؤجل، فمصير عشرات آلاف الموظفين وأسرهم صار رهينة في يد الانتخابات، فإن فازت حماس تم حلها، وإن فازت فتح، فمصير أطفالهم تحت رحمة حكومتها التي ستتحكم بمصيرهم.
3ـ لم يتطرق البيان مباشرة إلى البرنامج السياسي الذي ما زال محكوماً بسقف المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو، والتي كان يجب أن تنتهي سنة 1999، وكان لحركة الجهاد الإسلامي موقفاً رافضاً لذلك، وعلى ذلك تحفظت الجبهة الشعبية
4ـ لم يوضخ البيان الختامي الشكل الذي ستجرى فيه الانتخابات في القدس، هل ستشابه انتخابات 1996، أم ستكون نسخة عن انتخابات 2006، أو هناك شكل الكتروني آخر، لا يقوم على المواجهة مع الاحتلال.
5ـ تحدث البيان عن التوافق على محكمة الانتخابات، والتي ستفصل في الطعون، ولكنه لم يتحدث عن مصير المحكمة الدستورية القادرة على شطب كل النتائج بجرة قلم.
إن توافق الأطراف على المضي قدماً في إجراء انتخابات المجلس التشريعي يعتبر نجاحاً، ولكن تأجيل نقاط الخلاف إلى لقاءات شهر مارس، والتي ستسبق موعد انتخابات المجلس التشريعي بشهرين، يثير القلق، لأن فشل لقاءات مارس لن يوقف مسيرة الانتخابات، والتي ستتواصل حتى لو قاطعتها حركة حماس، ونجاح لقاءات مارس لا يضمن إجراء الانتخابات الرئاسية والمجلس الوطني، فذلك يتوقف على نتائج الانتخابات التشريعية، فالمرسوم الرئاسي الذي اقتطع زمناً فاصلاً بين انتخابات التشريعي والرئاسة لم يقتطعه للراحة والنزهة، وإنما للقراءة والمراجعة واتخاذ القرار.
وتشير المعطيات إلى أن مستقبل الانتخابات الرئاسية والمجلس الوطني رهين للنوايا الحسنة، وما تضمره النفوس من مخاوف وشكوك ستكشف عنها نتائج انتخابات المجلس التشريعي.
ويبقى السؤال الكبير: لماذا قدمت حركة حماس كل هذه التنازلات؛ بما في ذلك التنازل عن حل قضية الموظفين؟
أزعم أن القراءة الموضوعية تقول: هنالك اربع احتمالات
1ـ إزالة العقبات عن طريق الانتخابات تعكس قوة حركة حماس، وثقتها بالفوز. في انتخابات التشريعي وما يليها.
2ـ أو أنها تعكس الضعف الذي تعانيه حركة حماس، واستحالة مواصلة تحمل مسؤولية أوضاع السكان في قطاع غزة.
3ـ هناك ضغوط إقليمية وإغراءات دولية شجعت حركة حماس على تقديم التنازلات، مقابل تحقيق الانتصارات في مجالات أخرى.
4ـ هناك ترتيب سري، وتوافق غير معلن بين حركتي حماس وفتح، ستكشف عنه الأيام القادمة.
ولمزيد من التوضيح، فإن هذه النقاط الأربع تحتاج إلى مقال مفصل في الأيام القادمة.
القاهرة عبّدت الطريق لانتخابات المجلس التشريعي!!
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 12.02.2021