أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الحاجه فظيه ابوغردود تحطم بإصرارها أسطورة الظلم وقيود الطغيان!!
بقلم : هدى الصانع  ... 14.03.2013

الحاجة فظية أبو غردود ولدت في قرية عبده، ترعرعت وعاشت عشرات السنين على أرض آبائها وأجدادها أصبحت أرملة بعد أن أنجبت ابنة وابناً،أصبحوا أهم ما تملك مع أرضها التي كانت تزرعها وتحصدها بمفردها وتحصل على قوتها من ترابها.
مأساة هذه المرأة كماسٍ عديدة مر بها سكان النقب وهي هدم البيوت والتي كانت وما زالت القضية الأكثر تعقيدا في دولة إسرائيل ولكن حديث الحاجة فضية يوحي إلى مدى قوة إرادتها وعزيمتها وإصرارها على البقاء على أرضها فعندما طلب منها الحديث عن تجربتها المريرة في هدم بيتها وترحيلها من أرضها بدت على وجهها تعابير الحزن والألم وبدأت تروي بكل إحساس: "كنت أزرع أرضي وأرض أجدادي فبعد وفاة زوجي لم يبق أحد يعيلني أنا وأبنائي هذا منذ 15 عاماً، مر بي أحدهم من مشمار هتيفع أعرف أن اسمه دورون فهو كثير التردد إلى قريتنا قال لي إن لدي أمراً بسجني لأنني تعديت على القانون ودخلت أرضاً ليست بملكيتي لم ينتظر لأبدل ملابس العمل أو لأحتذي نعالي سحبني معه بعنف وأخذني إلى شرطة ديمونا حيث سجنني في غرفة حتى صباح اليوم التالي،لم يسألني أحد من أنت أو ما اسمك ولم يطلب مني أحد إفادة وفي اليوم التالي أخبروني أن لدي محكمة في بئر السبع وأخذوني إلى هناك حيث لحق بي ابني ومعه محامٍ إذ لم أحتج إليه كثيرا إلى أن جاء موعد دخولي حيث قالوا لي إن محكمتي كانت الأولى ولكنهم نسوها وتذكروها في الأخير وعندما بدأنا بالحديث قلت لأحد رجال الشرطة إذا مات هذا القاضي من سيأتي مكانه وقد كان الأخير يستمع إلى حديثنا فأجاب سيأتي من هو أصغر منه ويتولى منصبه فأجبته أبواي توفيا وأنا جئت مكانهما وأنا سأرحل وسيأتي أبنائي ليأخذوا مكاني على أرضي، وأخرجت لهم سند ملكية أرضي إذ لم أكن أتحرك بدونه وقلت للقاضي أخذوني من أرضي بتهمة الاعتداء على أرض ليست بملكيتي وها هي ملكيتي فما هو جرمي ؟!!
وما حدث هو أن القاضي أعطى دورون 700 شيقل مخالفة عما فعله معي وتركني أذهب لسبيلي .
هذه القصة كانت بداية حرب شنت علينا من قبل دورون مشمار هتيفع والحكومة نفسها، فبعد بضعة أيام جاءت حافلات وسيارات شرطة وجرافات لهدم بيوتنا في قرية عبده وكم تصدينا ودافعنا وأحضرنا الأوراق والمستندات التي تؤكد ملكيتنا للأرض بدون جدوى هدموا بيوتنا بما فيها رأينا الفراش مع الطعام بين حطام البيوت وقد أجبروا الناس بالالتحاق في سياراتهم لينفوهم إلى مكان آخر وأنا رفضت وأصررت على أن الحق بحطام بيتي فأينما سيضعونه سأذهب وتصديت لإجبارهم على دخولي حافلاتهم فشتموني وكسروا يدي وأدخلوني رغما عني،نقلونا آنذاك إلى منطقة وادي النعم ولم نستطع التأقلم فهذه أرض ليست أرضنا ورائحة المصنع الكيماوي في رفيفيم ضيق علينا حياتنا.
ذهبت إلى الكنيست تنقلت من حافلة لأخرى فكان التنقل صعباً للغاية في فترة ما قبل 15 عاماً إلى أن وصلت إلى بوابة الكنيست وقد جاء إلى هناك عدد من رجال قريتي ليطالبوا بأراضيهم كنت المرأة الوحيدة فليس لدي زوج وإذا لم أطالب أنا بحقي وحق أبنائي فمن سيفعل، بقيت هناك لمدة ستة أشهر لم أفارق المكان رغم تردد الرجال الذين كانوا معي إلى قراهم وعائلاتهم ومن ثم العودة إلى الكنيست فلم أتحرك من هناك للحظة واحدة وكم حاولوا إقناعي بالعودة إلى دياري فرفضت ولم أتنازل إلى أن وجدوا طريقة يحتالون علي بها اذ أحضروا رجالاً من منطقتنا ووعدونا بالمجيء إلى النقب وحل الموضوع بطريقة ستحظى بإرضائنا ولكنها فقط كانت حيلة لأترك مكاني وأعود فقد عرضوا علينا أراضي لا ينفع فيها لا زرع ولا مرعى وإضافة إلى ذلك فهي بملكية أناس آخرون فهل سنبقى ضيوفاً على أرض جرداء فرفضنا وعندما انتقلنا إلى بير هداج حيث وجدنا المكان أقل ضرراً والمنطقة بعيدة عن المصنع،رغم أنه لا تنفع للزراعة فاكتفينا بالمرعى ولم أكن راضية عن وضعنا ولكن الناس حاولوا تقبل الوضع وبنوا بيوتاً ولكنني بنيت بيتاً وجهت مدخله للطريق لا كسائر البيوت تعبيرا عن رفضي لهذا الواقع وفي نفس الفترة حضر إلينا بعض المسؤولين من ألمنهال وبدأوا بالخطابات فقمت في منتصف خطاب أحدهم ووقفت مكانه أمام الناس وقلت هذه أرضنا وأرض أجدادنا عندما حضرت تركيا إلى هنا لم تحاربنا ولم تطردنا من أرضنا ومن ثم الإنجليز لم يرحلونا فلماذا إسرائيل تطاردنا وتحاول طردنا ونحن لم نحارب أحداً ولم نضر إنساناً،فنحن بدو عزل لا نملك السلاح لمواجهة أي حرب فلماذا تعلن إسرائيل الحرب علينا. إسرائيل حكومة تدعي أنها ديمقراطية ولكنها معنية بالبلاد لا العباد ولكنَّ أجدادنا مدفونون في هذه الأرض ونحن سندفن والأجيال القادمة ستبقى وسننحت أسماءنا على كل صخرة على هذه الأرض .
ما هو حالك اليوم ؟
اليوم ابني كبر وشال هم العائلة وحالتي الصحية لم تعد تسمح لي بالمقاومة والتصدي فلم أوفر أي ذرة في قوتي للكفاح من أجل الحصول على أرضي ولكن دون جدوى ولا أظن أننا سنعود إلا في حال أصبحت هذه الأرض التي نحن عليها اليوم هدفا لحكومة إسرائيل أو إذا اكتشفوا أن لديهم مصلحة فيها، قد سمحوا لنا بالبناء في مخططاتهم داخل هذه الأرض دون الخروج من نطاق هذه المخططات وإضافة إلى أنهم يمنعوننا من تربية المواشي في هذه الخطة فهم قرروا لكل عائلة مساحة معينة في حارات مزدحمة إذ لم نعتد العيش فيها فكيف نسكن في بيوت متلاصقة بعد أن اعتدنا المساحة الواسعة وإن لم نربّ المواشي كيف سنعيش وبأي طريقة سنعيل أبناءنا أنسكن في بيوت بدون أكل ولا شرب هل يريدوننا أن نموت من الجوع والفقر أو نجبر أن نمد يدنا للحرام ونحترف السرقة ؟ كلا لكليهما والله معنا .
ما رأيك في أحداث هدم البيوت في القرى العربية في الفترة الأخيرة ؟
والله أخبار هدم البيوت أصبحت تهدم نفسيتي وأعصابي فأنا أشعر أن الدنيا أضيق من هذا الخاتم الذي أضعه في إصبعي فلم يهدمون بيتاً لعائلة تعيش وتحتمي به ؟!! لقد هدموا بيتاً لأحد سكان بير هداج في العام الأخير يرفضون تقدم أي إنسان في منطقتنا ، سمعت أيضا عن البيوت التي هدمت في الآونة الأخيرة في عبده وكم تمزق قلبي لسماعي هذه الأخبار إضافة إلى الهدم في العراقيب وتعجبت لأهداف الكيرن كييمت التي تنوي بناء أحراج وتتعدى على أراضينا وهم لديهم البيارات والمزارع بأنواعها، وبيارتنا الوحيدة هي المرعى للمواشي، حكومة إسرائيل تحاربنا في حرب ساكتة تدمر عرب النقب وتدفنهم بشكل صامت وبدون أن يشعر بها أحد أو ينتقدها ويتصدى لها .
ماذا تقولين لابنتك وحفيدتك الفتاة البدوية؟
البنت في مجتمعنا مخلوق ضعيف وهي ضلع قاصر لا تملك الحول ولا القوة لتتحدى المجتمع إلا إذا تعلمت فأنا أشجع التعليم والخروج من العائلة إلى المجتمع الخارجي لمواجهة الصعوبات والقانون يجب أن يحمي المرأة كالرجل ولكن بدون أن تتخلى عن عاداتنا وتقاليدنا المحافظة وإذا احتمت المرأة برجلها،الرجل البدوي القوي ستحمي نفسها دون شك.
والله هو نعم المولى ونعم الوكيل .

المصدر : صحيفة سدره
1