ليس هذا ولا ذاك ما تمنته وتتمناه بلاد الشام وليس هكذا ايضا الثورات ولا هكذا تورد الابل ولا هكذا تُحرَّر الاوطان من قبضة الاستكبار و الظلم السائد والمتجذر منذ عقود في عالمنا العربي الاسير منذ سقط في قبضة الاستعمار الخارجي وانتقل الى الاستعمار الداخلي وحتى بزوغ ما اطلق عليه تسمية الربيع العربي الذي تحول من نعمه مفترضه الى نقمه جارفه على الاوطان والشعوب العربيه التي ثارت على الظلم فكان لها القتل الجماعي و التيه والظلام بالمرصاد فكان وما زال الحصاد امر من المُر في ظل شن انظمة الظلم وحلفاءها حرب اباده بلا هواده على الشعوب المطالبه بالحريه والعداله,لكن في المقابل دخلت ما سمي بالثورات والمعارضات العربيه في متاهات لا تعد ولا تحصى لابل انها معارضات في اتجاهات متضاده ومتناحره كما هو الحال في ليبيا و سوريا اللتي ترزح تحت وطأة الدمار الهائل والقتل والتشريد الجماعي حيث تعرض ويتعرض الشعب السوري على مدى الثلاثة اعوام الماضيه الى ابشع اشكال القتل والتشريد على يد قوات النظام وحلفاءه وعلى يد قوات المعارضات السوريه المتناقضه في التوجه والبرنامج السياسي والمرجعيه العقائديه والسياسيه...اجينا نكحلها عوَّرنا عينها, فالمعارضه السوريه جاءت لتطرح نفسها بديلا لنظام الاسد واذ بها نسخه طبقه الاصل من هذا النظام من حيث اساليب القتل والتطييف والطائفيه والتطهير المذهبي فلا نظام اسقطنا ولا لنظام عادل اسَّسنا ولا على وحدة وكرامة الشعب السوري حافظنا...حرب اباده ودمار شامل تخوضها اطراف كثيره على الارض السوريه الملبد سماءها وارضها بغربان الخراب والظلام التي دمرت سوريا على راس شعبها وما كارثة الاعداد الهائله للقتلى واللاجئين إلا غيض من فيض الدلائل على جرائم نظام الاسد ومعارضته..
ابيض او اسود هذا ما يسود الراي العام العربي حول الجاري في سوريا فإما مع النظام او المعارضه, والحقيقه هي ان النظام ظالم وفاسد والمعارضه متناحره وظلاميه, بمعنى واضح: الجاري في سوريا خلط الاوراق الى حد غياب الفروقات بين ادوات الظلم وادوات الظلام.. كل من كتب حول الواقع السوري الحاصل يُتهم اما بالانحياز للنظام او المعارضه والحقيقه هي ان النظام ساقط لا محاله, لكن بديله غامض وما بدا منه حتى الان ظلام وحروب وبرنامج كثير من فصائل المعارضات السوريه ليس برنامجا وطنيا سوريا لابل برنامج اخر هو الاخر يرتكز على الطائفيه والتطييف تماما كما هو حال النظام وحلفاءه.. نعتقد جازمين بان الشعب السوري لم يعد يأبه بمهاترات الفضائيات والنظام والمعارضه لان الواقع اللذي يعيشه واقع صعب ومأساوي وهذا الشعب يريد ان يخرج من المأزق ومن المؤكد انه لن يرضى ثانية بوجود نظام الاسد لكن الحقيقه المأساويه هي ان المعارضات السوريه لاتطرح البديل للنظام وهي معارضات مشرذمه وتابعه لقوى اقليميه وعالميه لابل قسم كبير من هذه المعارضه تابع لانظمه عربيه رجعيه تُعتبر من مراكز الظلم والعبوديه الاساسيه في العالم العربي.. ان يكون راس النظام علوي ام سني او شيعي فهذا لايعني شيئا لانهم جميعا طغاه وظالمين من سوريا ومرورا بالعراق وحتى السعوديه وغيرها من الدول العربيه...الطغاه لا طائفه ولا دين محدد لهم فهم ينحدرون من جميع الاديان والطوائف ولذلك نقول بان المستجير بالنظام السعودي لايمكنه طرح البديل للنظام السوري لان النظامَّين وجهان لعمله واحده...مأزق كبير ومعقد هذا الجاري في سوريا اللتي تدور على ارضها حرب اقليميه وطائفيه وعالميه ضحيتها الاولى والاخيره الشعب السوري!!
نقاط ومحطات كارثيه وسلبيه كثيره برزت منذ اندلاع الاحداث في سوريا فاقت في مسارها ونتائجها وعواقبها ما تمنته وطرحته كونداليزا رايس وزيرة الخارجيه الامريكيه السابقه التي طرحت استراتيجية " الفوضى الخلاقه" وهي الفوضى المدمره التي تركتها هذه المجرمه ورئيسها المجرم جورج بوش في العراق وامتدت اليوم الى سوريا الجاره التي اجتمعت على ارضها الميليشيات الطائفيه من كل انحاء العالم ومن بينها ميليشيات طائفيه عراقيه ولبنانيه تحارب لجانب النظام السوري وميليشيات طائفيه اخرى تحارب في صفوف والى جانب المعارضات السوريه وبالتالي ماهو حاصل في سوريا ظلم وظلام يحتاج الى مواجهه من تيار سوري وعربي وطني ثالث لتصحيح مسار وحال الشعب والوطن السوري بمعنى واضح : لا النظام السوري المعتمد على ايران وحزب الله اللبناني ملائم ولا المعارضه التي تدعو للتدخل الاجنبي في سوريا ملائمه لحكم سوريا والمطلوب تدخل سوري وعربي وطني حقيقي لانقاذ سوريا من بين فكي النظام والمعارضات وإلا ستستمر الحرب في سوريا الى امد طويل والى ان لايبقى حجر على حجر في سوريا..لا تساهموا في مقولة النظام::علَّي وعلى اعداءي!...انقذوا سوريا من براثين الظلم والظلام وميليشيات التخلف الطائفي والانساني.. الفرز والتحشيد الطائفي الجاري في سوريا هو مفتاح صندوق الدمار والخراب وليس العمار..النظام السوري استبدادي والمعارضه السوريه مشرذمه وجزء منها تابع للمعسكر الغربي والسعودي الذي هو نفسه اللذي جلب المعارضه العراقيه على ظهر دباباته اثناء غزو العراق 2003 وانظروا النتيجه اليوم 2014 ..دمار وخراب وحروب طائفيه وتقسيم وتشريد اطاح بالدوله العراقيه والشعب العراقي في ان واحد؟!
منظومة الظلم والطغيان هدمت الكيانات والشعوب العربيه على مدى عقود من الزمن وذلك في اعقاب ثورات تحرر من الاستعمار الاجنبي خاضتها ودفعت ثمنها الشعوب العربيه, لكن المؤسف هو ان الاستعمار الخارجي رحل وحل مكانه الاستعمار الداخلي التأمري وهو استعمار تمثل في حكام وعائلات وحاشيات حولَّت العالم العربي الى مزارع خاصه لتفقيص الظلم والاضطهاد والانبطاح والتبعيه للاجنبي..انظمه عربيه حاربت انظمه عربيه اخرى الى جانب الغرب وانظمه اخرى جلبت القواعد الامريكيه للتحكم في العالم العربي والمشرق العربي...المفارقه ان بعض الاصدقاء الاقليميين للثوره او بعض من المعارضه السوريه يحتضنون اكبرالقواعد العسكريه الامريكيه...السعوديه وتركيا وكامل دول الخليج العربيه...كيف يستقيم هذا الامر مع منطق حركات التحرر؟..مثال اخر واضح وجلي على مسلكية منظومة الطغاه العرب وهو دعم النظامَّين السعودي والسوري للغزو الامريكي والغربي في عملية احتلال العراق عام 2003 وسقوط بغدد اللذي تحل ذكراها ال11 في هذه الايام .. الان احدَّهُم يذبح الشعب السوري من الوريد الى الوريد والاخر يزعم بانه داعم للمعارضه والشعب السوري والنتيجه واضحه وهي دمار سوريا وطنا وشعبا , لكن المخزي في الامر ان حزب طائفي لبناني يزعم انه يمارس "المقاومه" في سوريا عبر قتل الشعب السوري جنبا الى جنب مع النظام السوري ومع ميليشيات شيعيه ايرانيه وعراقيه والسؤال المطروح :باي حق يعتدي حزب الله اللبناني على الاكثريه الساحقه من ملايين السوريين؟..الحزب نفسه صمت على إحتلال العراق لان جماعته في خضراء بغداد كانوا وما زالوا جزء من المؤامره على العراق...هؤلاء يزعمون انهم يقاومون اسرائيل عبر دعم نظامي الاسد والمالكي.!!
الحاله السوريه بكامل مركباتها اصبحت هجينه وغريبة الاطوار, حيث ان النظام يستعين بايران وميليشيات طائفيه اجنبيه ويتيح لها استباحة الوطن السوري بهدف اخضاع وقتل الشعب السوري وفي المقابل تنشد المعارضه السوريه التدخل الغربي لصالحها لابل ان المعارضه نفسها سمحت لميليشيات اجنبيه بإحتلال اجزاء كبيره من التراب السوري والمحصله ان النظام والمعارضه يثبتان انهم قوى سوريه غير وطنيه وعلى استعداد للتعامل مع الشيطان او حتى مع الاعداء من اجل هزيمة الاخر والثمن هو خراب سوريه وقتل وتشريد شعبها وسبا نساءها وإعادتها الى العصور الحجريه... النظام ارهابي ويزعم انه يحارب الارهاب والمعارضه ارهابيه وتزعم انها تحارب نظام ارهابي تماما كماهو حال النظام الامريكي الارهابي الاكبر في هذا العالم اللذي يزعم انه يحارب الارهاب وفي هذه الاثناء وبين حانا انظمه ارهابيه ومانا معارضات ارهابيه ضاعت لحى الشعوب العربيه!..
شُبكنا وشُربكنا في ثنايا شرَّك تعريفات الارهاب وحتى النظام السعودي الارهابي صار يحارب الارهاب ويضع منظمات وحركات اسلاميه في قائمة " الارهاب"...منظومه ارهابيه عالميه واقليميه كامله تحارب الشعوب العربيه بتهمة الارهاب..جورج بوش الارهابي الاكبر وصديقه النظام السعودي يدمران بلد عربي كامل ويشردان شعبه ويزجوا به في حرب اهليه تدور رحاها منذ 11 عاما ومن ثم نرى ان هذا الارهابي الامريكي العالمي وحليفه السعودي طليقان وحران رغم انهم مجرمي حرب يجب محاكمتهم تحت بند جرائم الحرب والاباده الجماعيه التي ما زالت جاريه في العراق والان تجري على نفس النمط في سوريا...المطلوب ببساطه محاربة ومحاكمة مصادر ومنابع الظلم والارهاب وداعميه ومنتجيه ومخرجيه الى هذا العالم ومن بينهم الانظمه العربيه الاستبداديه على المستوى الاقليمي والنظام الامريكي الحاكم في واشنطن وحلفاءه على المستوى العالمي..نعم لعدالة الطرح وهو محاكمة النظام السوري وحلفاءه من امثال حزب الله اللبناني كمجرمي حرب ومحاكمة النظام السعودي وحلفاءه ايضا كمجرمي حرب.. الانسان لا يولد ارهابيا لابل يصبح ارهابيا! والامه العربيه امه عريقه حضاريا وانسانيا حاولت الانظمه العربيه المستبده بمؤازرة من الامبرياليه الامريكيه وصم هذه الامه بالارهاب وقلب الحقائق على عقب.. والسؤال من يرهب من هنا؟ الشعوب العربيه ام الانظمه الاستبداديه والامبرياليه الامريكيه!..ببساطه : من قرَّر ترهيب الشعب الفلسطيني وتشريده من وطنه ومن ثم وصم نضاله بوصمة " الارهاب"؟..الم تكن امريكا والصهيونيه من وراء هذا وهذا الجاري للشعب الفلسطيني حتى يومنا هذا؟...ببساطه امريكا تصلب اليوم العالم العربي على شماعة الارهاب وتترك عملية جلد هذا المصلوب للانظمه العربيه الاستبداديه... واضح ان سوريا المصلوبه اليوم ضحية نظام الحكم ومعارضيه في ان واحد وخلف الباب تقف امريكا والسعوديه ومن ثم اسرائيل وايران ايضا..سوريا المصلوبه كالخراف المصلوبه.. الشعب السوري يُذبح وينحَّر في وضح النهار والمدن والقرى السوريه تُدمر على راس قاطنيها وعدد اللاجئين بالملايين ومئات الالوف من القتلى والجرحى والمفقودين وما زال النظام يأمل بالبقاء عبر تلقيه الدعم من ايران وحزب الله اللبناني...حالة إستوقاح سمجه هذه اللذي يعلن فيها رئيس ميليشيا طائفيه نصره المزعوم على الشعب السوري..؟!
الاعلام والجهل ادخل العرب في متاهات الغيبيات والخرافه والاقدار المحتومه والاستهتار بإنسانية العربي الى الحد اللذي نجيز فيه قتل وتشريد اكثريه من الشعب الى خارج وطنه لابل ذبح الشعب تحت مصنفات مذهبيه وطائفيه وتخلف مدقع..هذا الشيعي او السني او العلوي او المسيحي او اسموه ما شئتُم يقوم بقتل جاره واخوه العربي من منطلق الجهل الذي يجعله يستجيب الى تعبئة الطغاه والرعاع والطائفيين الانتهازيين الساعيين الى الحكم بكل ثمن حتى لو كان مقتل وتشريد ثلثي الشعب السوري.. ندرك تمام الادراك ان الطغاه وحلفاءهم من طائفيين لايهمهم الا كراسيهم وحاشيتهم وهم مجرموا حرب يقتلون الشعب السوري, لكن السؤال المطروح بالحاح اليوم هو : متى ستصبح الثورات العربيه على مستوى الهَّم الوطني والجماهيري العربي؟..متى ستصحح الثورات العدميه مسارها؟.. الشعب السوري صار كالخراف المصلوبه وسط وطنه..كل سوريا صارت مصلوبه...نظام فاشي ومجرم يصلب الوطن السوري ارضا وشعبا من اجل الحفاظ على كرسيه...لا ادري ماهي رقصة النظام السوري المفضله حتى يرقص مع روسيا وحزب الله..رقصة النصر المؤود!.. كما فعل النظام السعودي برقصهِ رقصة العرضه مع بوش الذي قتل وشرد الملايين من الشعب العراقي؟!..... سوريا المصلوبه : من قبضة الظلم الى قبضة الظلام.. والسؤال المفتوح على مصراعي الجرح السوري النازف هو : من سيحرر الشعب السوري من قبضة الظلم والظلام...رغم وضوح الحاله ومقومات الازمه السوريه هنالك من يحتاج الى قنديل وسط النهار حتى يرى المأساه والجريمه الجاريه في سوريا..سوريا المصلوبه تحتاج الى طرف ثالث سوري عربي وطني لتصحيح المسار وتحرير سوريا من مسار الظلم ومرابض الظلام؟!
سوريا المصلوبه : من قبضة الظلم الى قبضة الظلام!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 17.04.2014