لا تشكل غزه سوى سلسله واحده من سلاسل وتسلسل العدوان الاسرائيلي بكل اشكاله على الشعب الفلسطيني اينما كان وتواجد وطنا ومهجرا وذلك منذ ان احتلت الصهيونيه الاستيطانيه كامل فلسطين وهجَّرت وشردت اكثرية الشعب الفلسطيني وقامت منذ ذلك الحين بفرض التغيير الجغرافي والديموغرافي على كل ما يمت للتاريخ الفلسطيني في فلسطين والحاصل اليوم ان الاحتلال قد قام بيَّهدنة وتهويد وعبرنَّة كل ماهو فلسطيني وتغيير اسماء المناطق والمدن الفلسطينيه لابل ان من يسير على شوارع هذا الوطن السليب يلاحظ تزييف اسماء المدن العربيه وعبرنَّتها حيث تكتب الاسماء على اللافتات بالعبريه والعربيه التي لا تشير للاسم الحقيقي والتاريخي لهذه المدينه او المنطقه العربيه فاسدود صارت اشدود وعسقلان صارت اشكلون وعكا صارت عكو وبئر السبع صارت بير شيبع واللد صارت لود والقدس صارت يروشلايم, بمعنى ان اللافتات للمثال يُكتب عليها الاسم بالعبري والعربي بنفس الحروف والتسميه الاسرائيليه الى حد ان الكثيرون من الجيل الفلسطيني الناشئ في فلسطين نسي الاسماء العربيه ويستعمل ما فرضته الصهيونيه الاحلاليه من اسماء على المناطق والاماكن والمدن والقرى الفلسطينيه...يخطأ من يظن ان ماهو جاري في فلسطين فقط استيطان ومستوطنين ومجرد عدوان لان ان الجاري هو اكبر من هذا بكثير حيث تسعى الصهيونيه لطمس ومحو تاريخ وملامح كل ما يشير لهوية فلسطين العربيه...استراتيجية الطمس الجغرافي والديموغراقي والحضاري والثقافي والسياسي والاقتصادي من خلال استراتيجيه صهيونيه شامله شملت وتشمل كل مناحي الحياه الفلسطينيه!!
لا يمكن اخراج العدوان المتكرر على غزه خارج اطار الاستراتيجيه الصهيونيه متعددة المناحي والاشكال التي تستهدف الوجود الفلسطيني اينما كان وتواجد جغرافيا وديموغرافيا داخل الوطن الفلسطيني وخارجه منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا..مجازر لا تعد ولا تحصى ..العدوان على المخيمات الفلسطينيه في دول الجوار وما يسمى بدول الطوق العربي..العدوان على الضفه وقمع الانتفاضات الفلسطينيه وتكسير عظام الفلسطينيين..العدوان على حرمة الحرم الابراهيمي وتقسيمه قسريا واغلاق مركز مدينة الخليل منذ عقود..العدوان المتكررر على الاقصى وتهويد القدس.. هدم بيوت الفلسطينيون ومصادرة اراضيهم قسرا في الضفه وفي مناطق فلسطين الداخل..تغيير وعبرنَّة اسماء المناطق والمدن والشوارع الفلسطينيه..هدم معالم المدن والمناطق الفلسطينيه اللتي احتلت عام 1948 وهدم المساجد او تحويلها الى خمارات..انتهاك حرمة المقابر الفلسطينيه وتخريبها و البناء عليها بهدف محوها نهائيا من الوجود.. التوطين القسري والاستيلاء على اراضي العرب كما جرى ويجري في النقب!!
واضح ان عملية زرع الدمار والقتل بين الفينه والاخرى في غزه عمليه مبرمجه وترقى الى مستوى الاباده الجماعيه مع سبق الاصرار وهذا ما يعني ان الاحتلال الاسرائيلي يشن كل عامين او ثلاثه عدوان بهدف قتل وجرح الاف الفلسطينيين في غزه مما يعني تحييد عدد كبير من الفلسطينين اما عن طريق القتل او عن طريق فرض الاعاقه الجسديه الدائمه على من اصيبوا في القصف الاسرائيلي العشوائي الذي طال خلال ستة اعوام الاف الاطفال والرجال والنساء...القتل المتعمد الجاري في غزه منذ عدة اعوام هو جزء لا يتجزأ من الاستراتيجيه الاسرائيليه الهادفه الى تقليل عدد الفلسطينيون اما عن طريق القتل او الاعاقه او التشريد القسري!!
لا يمكن باي حال من الاحوال عزل قضية قطاع غزه عن مجمل مركبات ومقومات القضيه الفلسطينيه التي تحتاج لحل جذري يحفظ حقوق وحرية الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين التي صارت بحكم الاحتلال والتخاذل العربي والفلسطيني مقسمه ومفتته جغرافيا وديموغرافيا بما يناسب الاحتلال ومشتقاته في الغرب والشرق وبالتالي يسعى الاحتلال المتحالف مع الانظمه العربيه العميله المجاوره لقطاع غزه الى فرض واقع تفتيت المفتت وتشتيت المشتت ومحاصرة المحاصَّر وتطبيق هذا الامر حرفيا على قطاع غزه بهدف تجزير وتقزيم القضيه الفلسطينيه وتحويلها الى مجرد حاله انسانيه وحياتيه ومعيشيه يحتاجها سكان قطاع غزه لكن الحقيقه ان الحلول المطروحه المتمثله برفع الحصار واعادة البناء وفتح المعابر ماهي الا حلول انيه ومعيشييه بحت ولا تلبي الحد الادنى من حقوق الشعب الفلسطيني المتمثله بالتحرر من نير الاحتلال والاستقلال الكامل لضمان حياة كريمه للشعب الفلسطيني ومن بينه سكان قطاع غزه والسؤال المطروح : ماهي الفائده البعيدة او القريبة المدى من اعادة اعمار غزه وانشاء منشأات حيويه وبناء بنيه تحتيه في ظل احتمال تدميرها مجددا مستقبلا من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي؟؟... الاحتلال قام بتدمير مطار غزه وموانئ غزه ومحطات الكهرباء وبيوت ومنشأات كثيره حتى بعد اعادة اعمارها في اعقاب عدوان اسرائيلي سابق...اعمار..عدوان...دمار خراب..اعمار..خراب وهكذا دواليك دون وجود اليه عسكريه اوغيرها لحماية هذه المنشأات الفلسطينيه, بمعنى بسيط ومبسط: لا معنى ولا فائده تذكر من إعادة اعمار غزه دون ضمانة عدم تكرار العدوان الاسرائيلي وتدمير هذه المنشأات مجددا!!
هنا لا بد من القول ان ماسمي بالمبادره المصريه لوقف اطلاق النار في غزه تشبه الى حد بعيد ما يسمى بالمبادره العربيه للسلام ووجه الشبه هنا ليس في الصياغه او البلاغه لا بل في الشرَّك الذي وقع او اُوقعَّ فيه الفلسطينيون... لامبادرة وقف اطلاق النار المصريه 2014 تلبي طلبات قطاع غزه ولا المبادره العربيه "السعوديه" اللتي وافق عليها العرب في مؤتمر بيروت عام 2002 تلبي طلبات وتوقعات الشعب الفلسطيني ولاحظوا معنا انه ورغم مرور عقد من الزمن على مبادرة السلام " الاستسلام" ورفض اسرائيل هذه المبادره لم يطرح العرب اي بديل لها, بمعنى استمرار جمود القضيه الفلسطينيه مقابل استمرار الاحتلال والاستيطان الاسرائيلي من جهه واستحالة قيام دوله فلسطينيه على حدود عام 1967 في ظل قضم الاحتلال مناطق واسعه في الضفه والقدس وحصار غزه وبُعدها الجغرافي عن الضفه من جهه ثانيه وبالتالي يبدو بوضوح ان تفتيت وتقسيم القضيه الفلسطينيه جغرافيا وديموغرافيا وسياسيا كان وما زال يصب في مصالح وروافد الاحتلال الصهيوني في فلسطين ..الضفه الفلسطينيه.. قطاع غزه..قضية اللاجئين.. كلها مقومات اساسيه في القضيه الفلسطينيه جرى التلاعب بها وتفكيكها وتركيبها وتفصيلها على مقاس مصالح الاحتلال الاسرائيلي وحتى السلطه الاوسلويه الفلسطينيه وقوات امنها تابعه لهذا الاحتلال وتعمل لصالحه الى حد انها تمنع وتعيق الاحتجاج والتظاهر تضامنا مع غزه المعتدى عليها من جهات عده وليس اسرائيل فقط؟!
نحن هنا ليس في حالة "كمن يرى الذئب ويصر على قص اثره" لابل ان الذئب يمزق الوطن الفلسطيني وهنالك من يصر على امكانية لجمه من خلال مفاوضات عقيمه وتنازلات هزَّت كيان ومقومات اسس القضيه الفلسطينيه بمافيها قضية قطاع غزه المحاصر كماهو حال حصار الضفه والقدس...تتفاوت درجات الحصار واشكاله, لكنها كلها حصار وعدوان مبرمج على حقوق الشعب الفلسطيني التي بدأت مأساته في اروقة الامم الامبرياليه المتحده عام 1947 وما زالت فصول هذه الماساه متواصله في ظل وجود مؤسسة امم متحده متخاذله ومنحازه الى الطرف الاسرائيلي حتى يومنا هذا وما مسلكية بان كي مون وموقفه من العدوان الفاشي على غزه الا دليل قاطع على استمرار هذه المؤسسه الامبرياليه في مسلسل عدم مساندة حقوق الشعب الفلسطيني...الامم المتحده ترغب منذ زمن بجعل القضيه الفلسطينيه مجرد حاله انسانيه ومعيشيه تهتم بها "الاونروا" وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين التي تقوم بتقديم العون لللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص والشعب الفلسطيني المنكوب منذ تعام 1948 بشكل عام والسؤال المطروح : الى متى سيستمر هذا الوضع؟ ومتى سيخرج او ينتقل الفلسطينيون من مربع الاونروا والقضايا المعيشيه الى مربع قضية التحرر من الاحتلال وبناء الدوله الفلسطينيه لكل مواطنيها؟
قضية غزه هي قضيه داخل القضيه الفلسطينيه ودون حل القضيه الفلسطينيه على نحو عادل وشامل لن تُحل قضية غزه وسيعاود الاحتلال عدوانه على غزه تحت هذه الذريعه او تلك وسيبقى الاحتلال في الضفه والقدس وكامل فلسطين.. الشعب الفلسطيني مطالب اليوم بوقف اي رهان كان على الحكام العرب والانظمه العربيه التي اصبحت حليفه للإحتلال وتطوق القضيه الفلسطينيه جنبا الى جنب مع امريكا والغرب واسرائيل..دول الطوق العربي:من تطويق الكيان الاسرائيلي الى تطويق القضيه الفلسطينيه وحصار الشعب الفلسطيني وهضم حقوقه التاريخيه في فلسطين...غزه جزء لابتجزأمن القضيه الفلسطينيه والعدوان الصهيوني المتكرر على غزه جزء لا يتجزأ من مسلسل العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني منذعام 1948 ومرورا بعام 1967 وحتى يومنا هذا...لربما يتوقف العدوان على غزه الى بعد حين لكن الاحتلال سيشن عدوان اخر في وعلى مكان اخر يقطنه الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا...المطلوب ببساطه ترميم مقومات القضيه الفلسطينيه وعلى راسها خلق قياده فلسطينيه وطنيه تذود عن غزه وعن كامل حقوق الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا..المقاومه بكل اشكالها حق لا يجوز التفريط به وتوظيف هذه المقاومه وفي اي اتجاه والى اي اهداف هو السؤال والجواب يكمن في حكمة تجربة قطاع غزه الذي قاوم العدوان..!
ندعو لاطفال غزه السلامه والشفاء وبلسمة جراحهم وندعو للشهداء الابرار بجنة الخلود ونترحم عليهم, لكننا نامل ان يخرج الشعب الفلسطيني من مصيدة السيسي وحصاره ومصيدة ما سمي بمبادرة السلام العربيه...حياكم الله اينما كنتم و تواجدتم..لا نقول لكي الله فقط يا غزه لابل نزيدها بالقول: الحمد لله ان عند غزة هاشم اليوم من يذود عنها..!!
غزه : قضيه داخل القضيه الفلسطينيه!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 18.08.2014