اخترق يمين الطلاق أذنيها، وسمعت رئيس السلطة هو يقول: غزة فائض أحمال، بل سمعته وهو يصفها في مؤتمر القمة بالمرأة الناشز، التي خرجت عن طاعته، وهو الذي تركها معلقة، بعد أن هجرها سبع سنين، ولم ينم خلالها في حضنها ولو ليلة واحدة، بل لا يفكر بزيارتها إطلاقاً، ولا يحس بأوجاعها، ولا يحن إلى عشرتها، ولا يسهم ولو قليلاً في حل مشاكلها، ولا تستفزه صرخات أهلها، ولا تحرك إنسانيته دموع أطفالها، بل ويتنكر لأبنائها من حركة فتح، قبل أن يتنكر لأبنائها في باقي التنظيمات، ويتمنى أن يصحو من نومه فيراها قد غرقت في البحر، كي يرتاح من سيرتها، ويتخلص من أسرارها.
رغم الشواهد سابقة الذكر، تصر غزة عل أنها زوجة شرعية، وأن لها حقوق الزوجة على رئيس السلطة، بما في ذلك حق النفقة على الموظفين من أبنائها، فتستقبل د. رامي الحمد الله، وتناقش معه التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقاً لملفي الموظفين والمعابر من خلال اللجنة المشتركة التي تم تشكيلها قبل زمن برئاسة نائب رئيس الوزراء د. زياد أبو عمرو، لتكون المفاجأة بأن الحكومة قد قررت يوم الثلاثاء تشكيل لجنة جديدة لترتيب استلام معابر القطاع، بالإضافة لإعادة تشكيل اللجنة الإدارية القانونية لدراسة القضايا المدنية والمشاكل الإدارية الناجمة عن الانقسام، والتي تشمل الموظفين.
لقد ضربت الحكومة عرض الحائط بنتائج عمل اللجنة التي كان يرئسها الدكتور زياد عمرو، وفق إدعاء الناطق الرسمي لحركة حماس، في الوقت الذي تصر فيه الحكومة من خلال ناطقها الرسمي على أن القرار قد جاء نتيجة توافق مع حركة حماس.
فما الذي يجري؟ ولماذا كل هذا التكذيب والتصديق؟ لماذا كل هذه الثقة ومن ثم التشكيك؟ ألم تدرك غزة أنها خارج معادلة التفاوض، وأن عليها الاعتماد على نفسها، وتشق طريقها لوحدها، وأن تدير ظهرها لمن هجرها، على غزة التي حاربت لوحدها، وانتصرت بدم أبنائها، عليها ان ترسم معالم مستقبلها دون توسل، وإذا كانت الشرعية الزائفة هي حلقة الوصل التي يدعيها هاجرها، فعلى غزة أن تفتش عن شرعيتها المستقلة عن رجل عنين.
وإذا كان التنسيق الأمني مع المخابرات الإسرائيلية هو مصدر شرعية هاجرها، ومصدر أمواله، ومصدر قوته، فعلى غزة أن تفتش عن هدنة طويلة الأمد من خلال وسطاء عرب وإقليميين، هدنة تأذن لها بالتقاط أنفاسها، وتقرير مستقبلها، ومن ثم مستقبل كل القضية الفلسطينية، على غزة تجديد الشرعية الفلسطينية التي ذبلت، وذابت خلف قضبان اتفاقية أوسلو، على غزة أن تعلن شرعية المقاومة التي يلتف حولها الشعب الفلسطيني، وهو يرفض المذلة، ويحتقر الملوحين بشارة النصر للدبابة الإسرائيلية، حين عبرت قبل أيام عن المقاطعة في رام الله، واعتقلت النائب في المجلس التشريعي خالدة جرار، دون اعتراض من أجهزة أمن السلطة، التي اقتصرت مهماتها على اعتقال المعترضين على استباحة الصهاينة لمدن الضفة الغربية.
على غزة التي خاضت الحرب منفردة، وتفردت بالنصر الذي يتشكك فيه طليقها رغم اعتراف كل قادة العدو الإسرائيلي به، على غزة أن تقود المرحلة، وأن تنسج تحالفاتها الإقليمية والعربية بما يتوافق ومصالح سكان غزة، والتي هي مصالح كل الشعب الفلسطيني، ويكفي غزة توسل الوصل مع زوج لا يرغب في رؤية وجهها، ولا يعترف بشرعية مقاومتها.
أنت طالق يا غزة!!
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 09.04.2015