من بيننا الكثيرون من هم مصدومون من حال واحوال الشعب الفلسطيني ومن بيننا من لا يريد ان يصدق ان زرع الجهل والتضليل قد اتى بمردود كبير وغله وفره للإحتلال ومشتقاته من فلسطينيون,ومن بيننا ايضا من انصهر بالكامل في منظومة الاحتلال الاقتصاديه والحياتيه ونسي وطنه بالكامل لابل من بيننا من تعَّبرن وتصَّهين الى حد انه لا يستعمل الا المسميات الاسرائيليه لاماكن ومواقع فلسطينية الاصل والتاريخ ومن بيننا من ارتبط بشبكة الاحتلال الفكريه والسياسيه ومن بيننا من صار بكل ماتعنيه الكلمه عَّراب للإحتلال ومُمجد لاسلوب ومستوى الحياه الاسرائيليه ومن بيننا من ينشئ اطفاله عنوه على قاعدة انهم اسرائيليون ولا علاقه لهم بمجريات التاريخ الفلسطيني ومن بيننا ايضا سياسيون ومُسيسون يروجون للخنوع والاندماج في الحياه الاسرائيليه ومن بيننا ايضا من يزعم ان لا وجود لشئ اسمه فلسطين ومن بيننا من دخل الزريبه الاسرائيليه وصار مروضَّا الى حد الفضيحه الانسانيه والوطنيه ومن بين صفوفنا خرجت سلطة اوسلو للعالم قبل اكثر من عقدين من الزمن وهي السلطه اللتي قزمت وفتفتَّت القضيه الفلسطينيه الى حد صارت فيه هذه السلطه وكيله للإحتلال ومرتبطه بمنظومته الاداريه والسياسيه من جهه وصارت وسيطه بين الاحتلال وبين الشعب الفلسطيني في اطر المعاملات اليوميه من جهه ثانيه وبالتالي ماهو حاصل بالفعل ان سلطة اوسلو تحولت الى ممثل لمصالح الاحتلال في مناطق الضفه الفلسطينيه وامام العالم..
سلطة اوسلو اصبحت اليوم دون مواربه ممثله وناطقه باسم الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين والتنسيق الامني بين هذه السلطه والاحتلال هو غيض من فيض شبكة تنسيق لا تستهدف الارض الفلسطينيه فقط لابل تستهدف العقل الفلسطيني بهدف تبليده وتضليله وابعاده عن مجريات ماهو جاري في فلسطين من احتلال وإذلال للشعب الفلسطيني وماهو اخطر من الخطير هو التنسيق بين السلطه الفاسده في رام الله والاحزاب العربيه الفاسده والمتصهينه في الداخل الفلسطيني... فحوى هذا التنسيق هو التحايل على العقل الفلسطيني ودمجه في منظومة الاحتلال الاسرائيلي وجعل حياة الفرد الفلسطيني مجرد راتب وعيش داخل منظومة اقتصاديه تسمح لهذا الفلسطيني العيش باريحيه ما زال لا يعارض الاحتلال ولا يشارك في النضال ضده...في فلسطين يُسهل الاحتلال حياة كل فلسطيني لا يقاومه ويمنحه العمل والقروض الميسره حتى يصبح هذا النوع من الفلسطينيون قدوه يقتدى بها داخل مجتمعه ومحيطه...فلان مبسوط ومدبر حاله واموره من خلال اندماجه وارتباطه بالمشروع الصهيوني في فلسطين؟!!
في كثير من الاحيان يصبح الفلسطيني الوطني والجذري وصاحب الرؤيه الوطنيه مجرد طوباوي او انسان حالم وغير واقعي لانه يقاوم منظومة الاحتلال السياسيه والفكريه ويقارع ممثليها داخل مناطق التواجد الفلسطيني التي تجتاحها اليوم موجة الراتب والمركبات الفارهه حيث تسهل شراءها القروض الممنوحه بسخاء من قبل البنوك والمؤسسات الاسرائيليه في فلسطين الداخل والبنوك التابعه للسلطه الفلسطينيه في الضفه الفلسطينيه بمعنى بسيط ومبسط يقوم الاحتلال الاسرائيلي ومعه سلطة اوسلو منذ زمن بتثبيت معادله انتهازيه وانبطاحيه وهي: الفلسطيني اللذي لا يقاوم الاحتلال ولا يعارض مشاريعه بامكانه ان يعيش في رغد ويحصل على عمل وراتب ويركب مركبه مموله عبر قروض ميسره وهذا الفلسطيني المُفرغ من فلسطينيته ومُجرَّد من هويته الوطنيه هو ظاهره حاصله ومنتشره بكثره في فلسطين وهذه الظاهره ستصبح بعد حين تيار جارف يجرف معه الوعي الوطني الفلسطيني ليتيح للإحتلال تمرير احتلاله ومشاريعه الاستيطانيه دون اي مقاومه او معارضه!!
سواء شئنا ام ابينا فحالنا ليس بافضل حال ان لم نقل ان كامل القضيه الفلسطينيه ملقاه في ثلاجة التاريخ في ظل غياب رؤيه وطنيه ومشروع وطني فلسطيني حقيقي والحاضر اليوم هو فتات خطابات تحرريه فارغه لامعنى لها ان لم نقل خطابات فرديه او فصائليه او حزبيه تخدم مصالح واهداف مطلقي الخزبعلات الوطنيه الهادفه الى تحقيق مـأرب فئويه وفصائليه تندرج في اطار استراتيجة التحايل واللعب على عامل الزمن اللتي تتعامل من خلالها سلطة اوسلو مع الشعب الفلسطيني الرازح تحت وطأة احتلال يتحكم بجميع مناحي حياة الفلسطيني ويسيطر على فلسطين جغرافيا وديموغرافيا في ظل وجود سلطه لا وطنيه مهلهله وغياب مشروع فلسطيني تحرري حقيقي...هنالك عملية تحايل خطيره تتعرض لها القضيه الفلسطينيه بكل مقوماتها واسسها التاريخيه وهذ العمليه كيانها واحد واهدافها عده على راسها تمييع القضيه وتشتيتها من خلال ضرب الوعي الجماعي الفلسطيني في عقر داره وتشتيته فكريا وثقافيا الى حد خلخلة الهويه الوطنيه الواحده واستبدالها بهويه هجينه ومُهجنه ركيزتها الاولى والاساسيه الراتب والعيش في ظل الاحتلال كامر عادي!!
هنالك تحولات خطيره جدا في الوعي العام العربي والفلسطيني بشكل خاص حيث تحول الصراع من صراع تاريخي مع الاحتلال الى صراع مفتت حول كيفية العيش والتعايش مع بقاء الاحتلال وفي هذا الاطار يندرج اخراج القضيه الفلسطينيه من وضعية قضية كل العرب الى قضيه فلسطينيه يمكن حلها من خلال التفاوض بين الاطراف او من خلال طرح مبادرات تحايليه مثل المبادره العربيه للسلام اللذي اكل الدهر وشرب عليها منذ تبناها مؤتمر بيروت عام 2002 وحتى يومنا هذا واللافت للنظر ليس دور انظمه الجامعه العربيه في عملية التحايل فقط لابل دور سلطة اوسلو في تقزيم وقصقصة اطراف القضيه الفلسطينيه ودورها في تسويق الاحتلال من خلال التتنسيق الامني معه والتعامل معه من خلال تطبيع العلاقه معه ومع وجوده وجعلها امر عادي و اعتبارها كمشروع انفتاح... لاحظوا معنا مفارقة الانفتاح الجاري في الضفه والحصار المضروب على قطاع غزه منذ عقد من الزمن ,بمعنى شرذمة القضيه الفلسطينيه و تفصيلها على مقاس ثله خائنه تُوهم الشعب الفلسطيني بوجود مشروع تحرري لا تتعدى مساحته الجغرافيه 15% بالمئه من مساحة فلسطين التاريخيه مع استثناء قطاع غزه وقضية اللاجئين وحق العوده وقضايا جوهريه كثيره تمس لب القضيه الفلسطينيه ناهيك عن غياب اليات التنفيذ بكل اشكالها..سلطة اوسلو تنسق مع الاحتلال ولا تقارعه وعقيدة جيش وامن السلطه مرتبطه بالحفاظ على السلطه والاحتلال معا , فكيف اذا بامكان هكذا سلطه ان تتبنى مشروع تحرري وطني...نحن نقول ماضاع حق ووراءه مطالب والسؤال : هل فلسطين فقط لكل من يطالب بها او لكل الشعب الفلسطيني المُغيب بالكامل عن قضيته؟؟
استراتيجية السيطره الصهيونيه على فلسطين وصلت الى مراحل متقدمه وخاصة السيطره الجغرافيه والديموغرافيه لكن السيطره الاقتصاديه هي الاخطر في ظل عدم وجود لا دوله فلسطينيه ولا اقتصاد فلسطيني وماهو موجود اقتصاد مقتصر على المعونات او الضرائب اللتي يحصلها الاحتلال وهذه مجتمعه تذهب لدفع رواتب موظفي السلطه وما تبقى من الشعب الفلسطيني يعيش بين خط الفقر او اسفله او يعيش كعمال متسللون يعملون داخل الكيان الاسرائيلي دون اي حقوق ويتعرضون الى الاستغلال واشد انواع الاذلال والتنكيل والمعاناه وبالتالي ماهو ملاحظ ان سلطة اوسلو وفلسطينيون كثر يساهمون مساهمه فعاله ليس في تحنيط الوضع الحالي فحسب لا بل في حصار المشروع الوطني الفلسطيني جنبا الى جنب مع الاحتلال الاسرائيلي وهذه الحاله تنسحب على مناطق سلطة اوسلو ومناطق فلسطينيي الداخل الذين يتعرضون ايضا الى تضليل كبير من قبل ما يسمى بالاحزاب العربيه المنتسبه للكنيست الاسرائيلي وتطالب بالمساواه ضمن جغرافيا دولة الكيان الاسرائيلي وهذه المساواه المزعوم درب من دروب الوهم والتضليل وتساهم في ضرب وحدة الشعب الفلسطيني جغرافيا وديموغرافيا بمعنى تسهيل مهمة تقسيم نضالات الشعب الفلسطيني وضرب وحدة ترابه الوطني...مناطق 48 ...الضفه... قطاع غزه..الشتات الفلسطيني....جميع هذه االعناصر يتعامل معها الاحتلال الاسرائيلي كل على حده بهدف شرذمة وتشتيت وحدة القضيه الفلسطينيه من جهه وشرذمة الشعب الفلسطيني اقتصاديا ومعيشيا من جهه ثانيه...قسم من الشعب الفلسطيني يعيش في شبه بحبوحه اقتصاديه والاكثريه تعيش ضمن معطيات إقتصاديه محدودة الدخل يوفرها الاحتلال او يسمح بوجودها..!
من المؤسف القول ان الشعب الفلسطيني اليوم مشتت في الوطن وخارجه..في الخارج يعيش الشتات وفي الداخل يعيش الشتات والتشتيت مما يسهل مهمة الاحتلال الاسرائيلي في محاصرة اي مشروع وطني فلسطيني سواء فردي او جماعي وهذا ما يساهم في تدمير مقومات القضيه الفلسطينيه وتحويل قضية الشعب الفلسطيني الى قضيه عيش ومعاش وحياه.. هذا هو الحاصل اليوم بالفعل والنتائج ستكون وخيمه اذا لم يتدارك الشعب الفلسطيني الامر ويوقف عملية تشتيته وتفتيته على اساس مناطقي واقتصادي وحياتي بحت... حالة تحايُل : تشتيت الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا!!
حالة تحايُل : تشتيت الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا !!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 02.07.2015