كثيره هي المصطلحات السياسيه التي طُرحت او تُطرح حول العالم لكن يبدو ان بعض هذه المصطلحات المتداوله بكثره في العالم العربي لا تثير البلبله فحسب لابل انها تهدف الى طمس جوهر قضايا وشؤون الشعوب العربيه, والواضح ان المنطقه العربيه برمتها اصبحت مختبر تجريبي لكل ماهب ودب وخَطر على بال سياسيي ومنظري الامبرياليه الغربيه ووكلاءهم العرب, واللافت للانتباة هو تكييف كثير من المصطلحات والتسميات بما تتطلبه الحُقب الزمنيه والاحوال السياسيه لتضفي شرعيه او مصداقيه تضليليه على هذا الحدث او ذاك او على هذه الحرب او تلك اللتي شُنت او تُشن على هذه الدوله او تلك المنظمه العربيه, وكُلنا او اكثريتنا يذكُر كذبة عصابة جورج بوش حول اسلحة الدمار الشامل في العراق عام 2003 اللتي دفع ويدفع العراق دولة وشعبا ثمنها غاليا على شكل دمار شامل وحرب حصدت ارواح مئات الالوف وشردت الملايين من العراقيين وما زالت مستمره منذ لك الحين وحتى يومنا هذا في حين خرج فيه جورج بوش منذ م ايقارب الثماني اعوام من البيت الابيض ابيضا "ساطعا" لا يحمل ذنبا ولا تشوبه شائبه ولا يتحمل اي مسؤوليه حول جريمة غزو العراق وزرع فتنة الحرب الاهليه والطائفيه في العراق وفي كامل الوطن العربي...بوش تسلحً بكذبة "سلاح الدمار الشامل" ومحاربة الارهاب ليصنع ظواهر ارهاب معقد وُمُركب وجزء منه مفتعَّل يفتك اليوم بكامل المشرق العربي فيما بوش وصديقه بلير يعيشان الرغد في بلادهما دون ان يحسابهما احدا على الجرائم المليونيه في العراق ... رقصة العرضه السعوديه كانت كفيله وكافيه لمحو سجل بوش الدامي لكنها في الواقع كانت تتويج لبداية حقبه دمويه وسوداء دفع وما زال تدفع ثمنها الشعوب العربيه من المحيط الى الخليج!!
الان وفي هذه الاثناء توَّج ويتوج الغرب الامبريالي نصر كبير ومظفر من خلال مصطلح الارهاب الذي روج لمحاربته منذ اكثر من عقدين وهو ارهاب انتقائي بإمتياز ومفصل على مقاس الامبرياليه الغربيه والصهيونيه العالميه ووكلاءها في المنطقه العربيه من جهه وهو ارهاب هادف يستهدف وجود ووحدة الشعوب العربيه ليست كهويه فحسب لا بل روحا وجسدا ودما من جهه ثانيه وبالتالي الحاصل هو ان امريكا والغرب قد طمسوا القضايا الاساسيه والشائكه في العالم العربي من خلال الترويج المكثف والمطاطي ل "محاربة الارهاب" حسبما تراه وتُعرفه امريكا والغرب ومعهما الكيان الصهيوني والانظمه الرجعيه العربيه الى حد اصبح فيه النضال الفلسطيني المشروع " ارهابا" فيما الاحتلال الاسرائيلي ليس ارهابا ولا يمارس الارهاب ضد الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا؟!
ماهو جاري في هذه الاثناء هو ارهاب متشعب وعدوان غاشم على العقل والانسان العربي وصل الى حد تدمير بنية وتركيبة الشعوب العربيه ليس من خلال الطائفيه والجهويه فحسب لا بل من خلال تقسيم وتصنيف المجتمع العربي الواحد والامه العربيه الواحده الى معتدل وغير معتدل عبر ربط هذا التصنيف بالدين والاسلام ومعيار التزمت والتطرف إما في قضابا دينيه ودنيويه او في قضايا معاداة الغرب كمعسكر سياسي معادي للاسلام والعرب ويقوم باستعمار البلاد العربيه بصوره غير مباشر عبر وكلاءه وعملاءه المحليين الذين يحكمون العالم العربي بالحديد والنار وبالتبعيه لامريكا والغرب,والعراق يقدم لنا مثال حي على هذا حيث جاءت الطغمه الطائفيه الحاكمه على ظهر الدباباتت واجنحة الطائرات الامريكيه لتخلق ولتُجسد مشروع نظام طائفي ارهابي في العراق ادت مسلكيته الى خلق حركات جهاديه "ارهابيه" مقاومه للمشروع الطائفي اللتي اسسس له الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003..
..محاربة داعش او محاربة النصره هي مجرد عناوين وفحوى تتغيَر من وقت الى اخر حسبما الحاجه الغربيه وحلفاءها في المنطقه العربيه لكن الثابت ان داعش او النصره او الصحوات او الحشد الشيعي او الميليشات الكرديه وغيرها الكثير , كلها مجتمعه نشات في ظل وجود الاحتلال الامريكي وظل حكومة الارهاب المختبئه وراء اسوارخضراء بغداد وتشن الحرب تلوى الحرب على المناطق ذات الاغلبيه السنيه بحجة محاربة ارهاب "داعش" ويكفي ان ندرج مثال واحد لا للحصر حول كيف دمرت الحكومه الطائفيه عام 2004 مدينة الفلوجه الى ابد الابدين ولا حقا عام 2015 مدينة تكريت بحجة محاربة تنظيم القاعده ولا حقا تنظيم داعش؟!
لاحظوا معنا ان الغرب وعملاءه يزرعون لبنة الحرب الاهليه والطائفيه والكراهيه بين الناس وفي البلد الواحد من خلال دعم وتسليح ما يسمى ب "المعتدلين" او المعدَّلين ايديولوجبا وسياسيا ليحاربوا ما يسمى بالمتطرفين المعادين لامريكا وانظمة الطغاه والكيان الاسرائيلي وبالتالي واضح ان البعبع" الارهابي " صناعه غربيه ومخابراتيه هدفها اشعال الحروب وادارتها الى ما لا نهايه كما هو الحال في سوريا والعراق, واذا اخذنا بالحسبان ان الاستبيانات الاخيره تشير الى ان اكثريه ساحقه من الشعوب العربيه لا تؤيد توجه ومسلكية تنظيم "داعش" فلماذا لا يترك الغرب وعملاءه قضية داعش للشعوب العربيه لتتكفل بعلاجها سلما او حربا بدلا من زرع هذا الدمار الهائل في البلاد العربيه بحجة محاربة" داعش"؟ ولماذا كل هذا التواطؤ المفضوح مع النظام السوري الارهابي الذي يبيد الشعب السوري بحجة محاربة " الارهاب"؟ ولماذا هذا الصمت على جرائم النظام العراقي والحشد الشيعي في العراق وسوريا ايضا؟؟ ولماذا كل هذا الصمت على حرب فاشله ومدمره تدور رحاها في اليمن؟
للاسف صارت الشعوب والمجتمعات العربيه مجرد حقول ومناطق تجارب لنظريات استكباريه غربيه تستهدف العقل العربي من خلال التضليل والتَّتييه لابل صارت الاجساد والارواح العربيه اماكن لتجارب شتى انواع الاسلحه في العالم..صرنا مَّطبه ومضربه وحقل تجارب لكل من يملك صاروخ او طائره او حتى رصاصه..صرنا ساحات حرب للثورات المضاده لقطع الطريق على اي تغيير ايجابي او ديموقراطي تُطالب به الشعوب العربيه, بل نحن نعيش مرحلة رده كامله شامله هدفها تثبيت وجود الانظمه الدكتاتوريه والرجعيه بحجة محاربة حركات"جهاديه " متطرفه ترفض بالاصل وجود ثورات عربيه ومعاديه للانظمه من زاويه اخرى..بين مطرقة انظمة الثورات المضاده وسندان حركات متطرفه معاديه للثورات الشعبيه العربيه؟!
داخل هذه المعمعه والصراع بين قوى الثورات المضاده المتصارعه فيما بينها من جهه والصراع الدائر بين المضادات وتنظيم داعش وغيره من جهه ثانيه وجدت الامبرياليه الغربيه دورا لها من خلال لعب دور الزعم بمحاربة " الارهاب" لجانب دول المضادات "الثورات المضاده" الاعضاء في "الجامعه العربيه" مثل النظام السعودي والنظام المصري والنظام الاردني والنظام السوري والنظام العراقي وجميع الدول المحزومه في"حزم" وحزام النظام السعودي اللذي يخشى ثورات الشعوب وتنظيم داعش في ان واحد لان كلاهما وكل على احد يهدد وجود النظام والانظمه الرجعيه الاخرى التابعه لامريكا والغرب...هذه الانظمه معدله سياسيا ومعتدله نحو الغرب فقط لكنها انظمه متشدده واخطر من داعش اذا تعلق الامر بحقوق الشعوب العربيه!!
العربي المعدَّل والمعتدل هو من يسير ويحارب في صفوف جيوش ومؤسسات الانظمه وجيوش المنظمات والصحوات التي تنشأها وتسلحها امريكا والغرب وقضية الدين والتديُّن هنا قضيه هامشيه لانه في الحقيقه لا دين لهذه الانظمه وهُم على استعداد لتحريف القرأن الكريم اذا طلبت امريكا هذا منهم ويكفينا مثال حشد الجيوش وشن الحروب وانشاء الاحلاف "العربيه والاسلاميه" لمحاربة الارهاب المزعوم فيما الكل يعرف ان فلسطين العربيه المسلمه مسلوبه منذ اكثرمن سبعون عاما ولم يُقام حلف واحد لتحريرها ناهيك عن تواطؤ دول عربيه ودول اسلاميه كثيره مع الكيان الصهيوني.. المُعدل والمعتدل يظهر بوضوح في شكل وصورة الانظمه العربيه وصورة الصحوات وصورة الحشد والميليشيات الشيعيه والغير شيعيه....بامكانك ان تكون مجرم حرب وتقتل وتحرق الف عربي ومع هذا تُصنف ب"المعتدل" اذا كنت تحارب كمرتزقه لصالح امريكا او لصالح الانظمه الحاكمه...حشد وما دراكم من هو الحشد وجرائمه بحق الشعوب العربيه!!
هنالك المضادات الحيويه وعلى علمنا المحدود بالطب انها تساعد الانسان وتعالج امراضه وتخفف من مرضه وتشفيه من اعراض امراض كثيره, وهنالك طبعا مضادات جويه واخرى, لكن المضادات العربيه التي تطلقها الثورات المضاده على الشعوب العربيه عاثت وتعيث اليوم دمارا وخرابا وقتلا في العالم العربي بحجة محاربة الارهاب وتنظيم داعش من جهه وحجة دعم القوى المعدَّله والمعتدله المواليه لانظمة المضادات التي تحارب ضد مضادات اخرى مثل النظام السوري او النظام العراقي من جهه ثانيه وبالتالي العرب اليوم منصوبون على منصب وفوقه قِدر ضخمه وهم مجرد طبخه تطبخها امريكا والغرب ودول المضادات...طبخه: لحمها ودمها ونارها العرب انفسهم... المضادات: احرقت العربي المُعدَّل والمُعتدل والمتطرف والجاهل والامن والوطن العربي الى حد ان المضادات وحلفاء المضادات يتحالفون مع الكيان الاسرائيلي وينسقون معه خطوات قتل واغتيال العربي والعربي الفلسطيني وعلى الطرف الاخر من معادلة المأساه العربيه "الجهاديون والثوار في سوريا" يتلقون العلاج في المستشفيات الاسرائيليه... الشعوب فعلا تريد اسقاط الانظمه ودحر القوى الظلاميه والعميله,لكن المضادات تحول دون هذا!!
***ملاحظه خاصه : اخيرا وليس اخرا هنالك شئ يجول في فكري وعقلي الخاص وهو ايضا جزء من المأساه العربيه ولربما يندرج ايضا في اطار استراتيجية التعديل..نحن نترحَّم على روح الشهيد سمير القنطار لدوره في النضال الفلسطيني وبقاءه في سجون الاحتلال 30 عاما ونختلف مع نهايات القنطار ولا نختلف عليه, لكني اظن ان القنطار دفع ثمن تحريره عام 2008 من سجون الاحتلال الاسرائيلي وانتقل الى سجن من نوع اخر كانت نهايته الاغتيال اما على يد سجَّانه الاول او بسبب سجَّانه الثاني بعد سبعة اعوام من اطلاق سراحه!!
المضادات: العربي المُعدَّل والمُعتدل!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 29.12.2015