أحدث الأخبار
الأربعاء 04 كانون أول/ديسمبر 2024
“الطلياني” للروائي التونسي شكري المبخوت تفوز بجائزة البوكر العربية!!
بقلم : فاطمة عطفة ... 07.05.2015

فازت رواية الطلياني للروائي التونسي شكري المبخوت بالجائزة العالمية لرواية البوكر العربية، حيث اعلن ذلك الشاعر مريد البرغوثي رئيس لجنة التحكيم في حضور الشيخ سلطان بن طحنون رئيس هيئة ابو ظبي المشرفة على الجائزة.
وجاء الإعلان عن ذلك مساء (الأربعاء) عشية افتتاح معرض أبو ظبي الدولي للكتاب، في فندق هيلتون كابيتال جراند أبوظبي، وذلك بحضور أعضاء لجنة التحكيم والروائيين الستة الذين تم ترشيح أعمالهم للقائمة القصيرة للجائزة هذا العام، وهي ممولة من أبوظبي. والأعمال الستة هي: “شوق الدرويش” للسوداني حمور زيادة، “ممر الصفصاف” للمغربي أحمد المديني، “طابق 99″ للبنانية جنى فواز الحسن، “حياة معلقة” للفلسطيني عاطف أبو سيف، “ألماس ونساء” للسورية لينا هويان الحسن، و”الطلياني” للتونسي شكري المبخوت.
وجاءت المنافسة على جائزة هذه السنة (2015) بمشاركة 180 رواية من 15 دولة عربية قبل إعلان القائمة الطويلة في 12 يناير/ كانون الثاني وقد تضمنت 16 رواية من تسع دول. ويرأس لجنة تحكيم الجائزة الشاعر والكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي. كما ضمت لجنة التحكيم كلا من الشاعرة والناقدة البحرينية بروين حبيب، والأكاديمي المصري أيمن أحمد الدسوقي، والناقد والأكاديمي العراقي نجم عبد الله كاظم، والأكاديمية والمترجمة اليابانية كاورو ياماموتو.
وفي لقاءات صحفية جرت مع الروائيين الستة حيث استضافتهم كل من جامعة نيويورك أبوظبي، واتحاد كتاب الإمارات، جاء الحديث حول وضع الرواية العربية المعاصرة ودورها في عالمنا العربي.. وما هي العلاقة بين الرواية والسياسة. وقد طرحت أسئلة عديدة، منها: هل يمكن أن نعتبر أن الرواية هي تلك النافذة البديلة التي تصور لنا حالة مجتمعاتنا في بقعة جغرافية متسارعة الأحداث وفي خضم صراعاتها المحتدمة؟
وجاء في مجمل آراء الروائيين في جلسة نقاش اتحاد الكتاب أنهم يكتبون الرواية ليعبروا عن أنفسهم، لأن الكتابة تتيح للإنسان أن يعيش حياة لا يعيشها في الواقع، مشيرين إلى أن “البوكر” كان لها الفضل في الخروج برواياتهم من النطاق الجغرافي الضيق لتصل إلى فضاءات أكثر اتساعا.
وقال عاطف أبوسيف: إن أهمية الرواية تكمن في تسليط الضوء على الأحداث المحلية التي تناولها الكاتب في عمله ونقلها بفنية وجمالية إلى الأفق العالمي، معبرا عن هواجسه بالبحث عن هموم الناس وآلامهم من خلال الخلاص الفردي للشخصية المحورية التي عبر عن أزمتها، مؤكدا أنه لولا “البوكر” لظلت رواية “حياة معلقة”، حبيسة في غزة. وأضاف عاطف أنه سبق أن نشر أربع روايات من قبل ولم يحالفها الحظ، مبينا أن اتجاهه لكتابة الرواية بدأ منذ صغره، حيث كان يستمع إلى حكايات جدته “عيشة”، معتبرا أن تلك الحكايات بالنسبة له كانت مثل روايات ماركيز ونجيب محفوظ، وهي تحكي عن حياتها وبيتها في فلسطين قبل أن تنتقل إلى المخيم، فكانت حكاياتها معجونة بالألم ومشغولة بالدموع، وهذه الحكايات شكلت عنده هاجس الكتابة. وقد بدأ يدون منذ أن كان طفلا صغيرا ما تقول جدته، وأن يكون وفيا لها ولحكاياتها. وتابع عاطف أنه اكتشف أن آلام جدته أقل من آلام غيرها من سكان المخيم، فكل شخص هناك يحمل قصة، كما اكتشف أن الكتابة عن آلام الناس هي مشروعه الموضوعي لكل الآلام والطموحات لدى الإنسان.
وعن روايته “حياة معلقة”، قال إنه بدأ الكتابة فيها في الانتفاضة الثانية 2014، حيث كان يخيفه الموت المفاجئ للناس والأصدقاء والأقارب بعد غارات الاحتلال الجوية حيث حولهتم نيران العدو إلى “بوسترات”، من هذه المشاهد المذهلة كان من الطبيعي أن تبدأ الرواية بالموت وتنتهي به، كأن الموت مفتاح الحكاية الذي يفتح في الرواية صندوق الحكايات.
ومن جهته وصف الكاتب السوداني حمور زيادة، روايته “شوق الدرويش” وهي الإصدار الرابع له، كان قد سبقتها رواية أخرى ومجموعة قصصية، كما صدرت معها في الوقت نفسه مجموعة قصصية، ولكنها الرواية الوحيدة المحظوظة التي تلقفها الجمهور كالخبز الساخن. وأكد إن فوز الرواية بجائزة نجيب محفوظ أخيرا، جاء من دون أن يتقدم بها إلى الجائزة، كما رشحت للقائمة القصيرة لجائزة “البوكر العالمية”. وأشار زيادة إلى موضوع النقد موضحا أنه لا ينزعج من النقد ولا يهتم بالمديح، لأن النص بعد النشر يصبح ملك القارئ.
وفي موضوع الكتابة، وردا على تساؤل أحد الحضور، أوضحت جنى الحسن صاحبة “الطابق 99″ بأنها لا توافق على التفريق بين رجل وامرأة، وهي تدعو إلى كسر هذه الأسطورة في التمييز في مسألة الإبداع بين الرجل والمرأة.
وأضافت أنها عندما كتبت الرواية حاولت الابتعاد عن أثر ترشيح روايتها السابقة لجائزة البوكر من قبل، وعندما تم ترشيح “الطابق 99″ للقائمة القصيرة للجائزة، شعرت بأنها كسرت حاجزا نفسيا.
وأكد المشاركون أن الرواية تنقل الحياة الدرامية الخاصة، وأن هاجس الكاتب كما أشارت كاتبة “ألماس ونساء” لينا هويان الحسن، إلى أنها تحب اقتناص الواقع لصالح الخيال، معبرة عن واقع المرأة والمنزل الشامي والأجواء الدمشقية والحراك الذي كان في دمشق، وفي بقاع أخرى من العالم. وبينت لينا أن الكتابة تفتح أمام الإنسان آفاقا واسعة يضهعا بكلمات على الورق، مما يتيح له التعبير ويعيش مع شخصيات الرواية بعيدا عن الواقع، موضحة أن روايتها تكشف عن الأسرار الأنثوية لنساء خلعن “القبقاب” الذي صنعه الرجال لترتديه النساء في الحرملك، مشيرة إلى أن الرواية تحمل رسالة تبين أن المرأة التي تجعل مسار حياتها محدودا بالعاطفة تصل إلى طريق غامض، على عكس المرأة التي تعتمد التفكير بعقلانية وتعيش حياة طبيعية.
وأوضح شكري المبخوت أن تجربته في روايته “الطلياني” هي التي فرضت نفسها عليه، فهو الجنس الوحيد الذي يقبل ما كان يسعى لتناوله حول فترة تحولات وتردد الإنسان بين مواقف مختلفة، فهي تتيح مدى واسعا للحديث عن الصراعات والتناقضات. وأضاف أنه قد استفاد من كتباته السابقة في الشعر والعمود الصحفي، لكن الرواية تحتاج إلى خيال وبنية متماسكة، وعلينا أن لا نخطئ في تتبع الأشخاص في العمل الروائي، لكن الكتابة الأكاديمية مسألة مختلفة.
وأشار أحمد المديني صاحب “ممر الصفصاف” إلى أن روايته تنتمي إلى ما يسميه “رواية المجاز″ فهي تتناول قصة إنسان يريد أن يخرج عن وضعه، وكلب يريد أن يتأنسن ويصل إلى مرتبة الإنسان، مشيرا إلى أن استخدامه بعض المفردات التي تنتمي إلى “اللغة العربية الوسطى” التي تصلح بين الفصحى والعامية، جاء للضرورة الأدبية، فمثل هذه المفردات يستخدمها الكاتب ليتواصل مع أكبر شريحة ممكنة من القراء، وكذلك لتكون شخصيات الرواية في وضعها الطبيعي، موضحا بأن الروائي لا بد من استخدام بعض الكلمات العامية لأنه يعبر في عمله عن بيئة معينة وأشخاص بسطاء، وإلا فقد الكاتب المصداقية، وخاصة أن هذه الكلمات قريبة من الفصحى.
وجدير بالذكر أن الجائزة العالمية للرواية العربية جائزة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية. وأطلقت الجائزة بأبو ظبي في 2007 وترعاها مؤسسة (جائزة بوكر) في لندن، بينما تقوم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بدعمها مالياً فقط. ويحصل كل من المرشحين الستة في القائمة القصيرة على عشرة آلاف دولار، بينما يحصل صاحب الرواية الفائزة على 50 ألف دولار إضافية.

1