أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
القلمون.. معركة قد تحسم الصراع السوري وقد تعيد إنتاجه مرة أخرى!!
بقلم : أحمد كم الماز  ... 19.12.2013

للمعارضة والنظام وحلفائه مصلحة في السيطرة على منطقة القلمون الاستراتيجية، ونظام الأسد يضغط لضمان انتهاء المعركة لصالحه.
شكلت القلمون والبلدات التابعة لها محورا استراتيجيا مهما لقوات النظام السوري التي سعت بكل الطرق إلى السيطرة عليها تماما، وهو ما قد يشكل انقلابا في ميزان القوى قد تسرع بعده الحرب إلى مرحلة الحسم.تزداد معارك القلمون يوما بعد آخر الشراسة بشكل تصاعدي متناسب وطردي مع أهميتها بالنسبة إلى الجهات العديدة المتصارعة هناك من النظام السوري وحلفائه من "حزب الله اللبناني ولواء أبي الفضل العباس العراقي" ومن المعارضة السوريّة بكافّة فصائلها وفي طليعتها الثوار وجيش الإسلام وجبهة النصرة ودولة الإسلام في العراق والشام، التي أثبتت تواجدها في المنطقة، حسب النشطاء.وتتخذ المعارك الدائرة في القلمون بين الأطراف الآنفة الذكر جميعاً طابع الكرّ والفرّ بين النظام السوري والمعارضة، مع تقدمٍ شبه ملحوظ للنظام السوري وحلفائه في بعض المناطق مثل "قارة ودير عطية والنبك"، في الوقت الذي ما زالت تسيطر فيه المعارضة بشكل شبه مُحكم على قرى "يبرود و رأس المعرة والرحيبة والسحل"، المتمتعة بطبيعة جيولوجية وعرة من شأنها تصعيب المهمة براً على النظام السوري، خاصّةً وأنّ غالبيّة مقاتلي المعارضة في قرى القلمون من أبناء هذه المناطق الملمين حقيقةً بتضاريس وجغرافية المكان.للنظام السوري مصلحة استراتيجية في السيطرة على هذه المنطقة التي تشكل شرياناً حيوياً يربط العاصمة بحمص في المنطقة الوسطى وميناء طرطوس على الساحل السوري، بوابة الجبال الساحلية التي تمتد شمالاً إلى مدينة اللاذقية معقل الأسرة الحاكمة.
القلمون و"حزب الله"
كما يسعى النظام، حسب ما أفاد به أحد ضباط الجيش السوري، إلى السيطرة على القلمون لتساعده في عزل مناطق عدة عن الحدود الشرقية للبنان، التي تشكل خط الإمداد اللوجستي للمعارضة من خلال البيئة المساعدة للثورة، كما يعتبر جيش النظام السوري معركة القلمون فاصلة، طبقا لأحد القادة العسكريين في جيش النظام، إذ تكاد تكون القلمون المتنفّس الوحيد للنظام بعدما سقطت معظم المعابر الحدودية بيد المعارضة، لذلك فإنّ سقوط القلمون من شأنه أن يفتح للنظام خطَ نارٍ آمن يوصله بمدينة حمص المحافظة الاستراتيجية، ومن ثم وصلها بمدن طرطوس، اللاذقية، بانياس وحماة.
يولي حزب الله أهميّة بالغة الشدّة (وربما تفوق أهميتها بالنسبة إلى النظام السوري) لهذه المنطقة، وقد أرجع أحد القادة العسكريين في حزب الله، عبر تصريحه لإحدى وسائل الإعلام، تلك الأهمية إلى سببين رئيسيين: المعلومات الاستخباراتية المؤكّدة التي يمتلكها قادة الحزب حول جميع السيارات المفخخة المعدّة في بلدة يبرود بالقلمون والتي يتم إدخالها إلى لبنان عبر بلدة عرسال.
بينما يتعلق السبب الآخر بمعظم الصواريخ التي تُطلق باتجاه القرى البقاعية المحسوبة نسبيّاً على الحزب، والتي يتم إطلاقها أيضاً من سلسلة الجبال الشرقية التي تفصل بين القلمون والحدود اللبنانية، وبالتالي يشرح القائد العسكري في حزب الله، أنّه "بمجرّد إخماد هذه الحالة الشاذة في تلك المناطق، تُصبح مناطقنا الداخلية والحدودية آمنة وبعيدة عن مرمى نيران وصواريخ المعارضة السورية".
ذلك ما يفسّر، عبر الرقابة والتحليل، الوحشيّة المتعمّدة والمتّبعة من قبل جيش النظام السوري وعناصر حزب الله التي شهدتها مناطق "قارّة والنبك ودير عطية" عقب اقتحامها.
تكمن أهمية القلمون بالنسبة إلى المعارضة السورية في أن السيطرة عليها تشكّل خرقاً لاستراتيجيّة النظام، التي ترتكز على إنشاء ممرّ آمن من العاصمة دمشق إلى الساحل السوري، فضلا عن أنها تشكّل قاعدة عسكرية مهمّة لانطلاق معارك تحرير المناطق الشرقية والشمالية "برزة والقابون والتل".„
القلمون والنظام
ويفسر ذلك إصرار النظام وتعنّته لحسم المعركة هناك، حيث تضم منطقة القلمون ألوية خطيرة ومهمّة لدى النظام السوري كاللواء "155 صواريخ"، الذي يطلق منه النظام صواريخه البالستية على الشمال والشمال الشرقي في سوريا، وأيضاً "اللواء 18" المتواجد في بلدة الرحيبة، والذي أمطر النبك بالقذائف والصواريخ، بالإضافة إلى "اللواء 20" الواقع بين بلدتي الرحيبة وجيرود، و"اللواء 67" المتواجد على أطراف بلدة بدّا، إلى جانب فرق عسكرية أخرى كـ "الفوج 215" القابع في ضاحية مدينة التل.
يرتكز النظام السوري على جميع هذه الألوية في عملياته العسكرية الصاروخية التي يطلقها على مختلف أنحاء البلاد، فضلاً عن مستودعات الذخيرة في بلدة عين منين و"سجن صيدنايا"، أكبر السجون العسكرية والسياسية للنظام في سوريا، كما قام النظام السوري منذ فترة وجيزة بإدخال "دير الشيروبيم"، الأثري في جبال صيدنايا، في صراع بعد أن حوّله إلى ثكنة عسكرية.
ويقوم النظام السوري بترويج فكرة انتهاء الصراع في القلمون بحسمه وأنه لم يتبق سوى بلدة "يبرود" الأمر الذي نفاه النشطاء المحليون بشكل قاطع، مفسرين ذلك بأن هناك مناطق كبيرة عدّة على الحدود اللبنانية مثل "رنكوس و حوش عرب و عسال الورد ومعلولا وتلفيتا" خاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر، إضافة إلى تواجد كتائب من أبناء القلمون منقسمة ما بين جيش حر وكتائب إسلامية "كجبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية في العراق والشام"، إلى جانب بعض الكتائب والألوية التي توافدت على المنطقة قادمة من مدينة حمص.
قوس النظام الاستراتيجي
بالخروج عن الأهداف الحالية لأطراف الصراع، يرى بعض المحلّلين والمراقبين أن النظام السوري يسعى إلى هدف استراتيجي واضح الملامح، يشكّل القلمون محوراً له.ذلك القوس الذي يمتدّ من ريف مدينة القنيطرة مروراً بالعاصمة دمشق وتتوسطه مدينة حمص وصولاً إلى الساحل السوري غربي البلاد، بالإضافة إلى أجنحته المتمثلة في الأرياف الغربية لمدينة حمص وحماة وإدلب، وما تعرض له هذا القوس من دمار أشبه بالكامل وتفريغ ممنهج للسكّان عبر عمليات التهجير، وهو ما يساهم في تغيير الطبيعة الديمغرافية والتواجد البشري لهذه المناطق. الرؤية قد تفسر النظريات المسرّبة عن إمكانية قيام قطاعات إداريّة وسياسيّة جديدة ضمن جغرافيّة سوريا الحالية، يتم تجهيزها لكي تصبح بديلاً منطقيّاً يقود إليه النظام السوري مستقبلاً، يفوّض بتبادل المصالح على الدولة السورية المجسّدة بكيانها الحالي.

المصدر : العرب
1