أحدث الأخبار
الثلاثاء 26 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1111 112 113 114 115 116 1171346
ثالثة أقدم الكنائس بالعالم تفتقد الزوار في قطاع غزة!!
10.04.2023

غزة (فلسطين) - تجذب كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، التي تعتبر ثالثة أقدم كنيسة في العالم، أنظار المارة في غزة بلوحات رخامية فنية تعبر عن تاريخ يعود إلى مئات الأعوام.غير أن الكنيسة التاريخية الواقعة في حي الزيتون بمدينة غزة تفتقد كثافة الزوار بسبب تراجع أعداد المسيحيين في القطاع إلى نحو ألف شخص فقط نتيجة ظاهرة الهجرة المتزايدة التي تعرفها هذه الفئة في الأعوام الأخيرة.وبحسب مصادر فلسطينية، فإن حصار إسرائيل المضروب على غزة وتداعيات الانقسام الفلسطيني الداخلي دفعا إلى انخفاض عدد مسيحيي قطاع غزة بعد أن كان يبلغ أكثر من 3500 مسيحي قبل سنوات قليلة.وتضاف إلى ذلك ندرة وصول الأجانب إلى القطاع الساحلي جراء الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض منذ منتصف عام 2007 والذي حوله إلى منطقة شبه معزولة عن العالم الخارجي.وبالنظر إلى أن كنيسة برفيريوس تعد واحدة من أقدم كنائس الروم الأرثوذكس، وقد بنيت على الطراز البيزنطي، فإن الأصل أن تجذب آلاف الزوار بحسب كمال عياد مدير العلاقات العامة في الكنيسة.ويقول عياد إن بناء الكنيسة في بداية القرن الخامس الميلادي على يد القديس برفيريوس مهّد لنشر المسيحية بأوامر من الإمبراطورية البيزنطية.ويشير عياد إلى احتواء الكنيسة على صور تزين جدرانها وسقفها، وهي عبارة عن رسومات لشخصيات مسيحية يشكل وجودها حدثا مهما في التاريخ، كصورة القديسة هيلانة وابنها قسطنطين.ويوضح أن النقوش التي تزين جدران الكنيسة الداخلية والتراتيل تروي قصة القديس برفيريوس الذي حارب الديانات غير السماوية في غزة وعمل على نشر المسيحية، إلى أن توفي فيها، ومازال قبره موجودا هناك إلى اليوم.ويضيف عياد أن مهندسي بناء الكنيسة اختاروا لها أن تكون في شكل سفينة، حين كانت السفن تمثل طوق نجاة من مخاطر البر ومن عليه، لافتا إلى أن الكنيسة التي لم تستطع عوامل النحت والتعرية إزالتها أو التأثير فيها تم بناؤها بعد القرن الخامس ما بين عامي 402 و407 الميلاديين.والكنيسة التي تبلغ مساحتها 216 متراً من الداخل وقد بنيت بحجارة يصل سمكها إلى 1.8 متر، سميت بهذا الاسم نسبة إلى القديس برفيريوس الذي حظي تاريخيا بمكانة خاصة عند المسيحيين لاسيما في فلسطين، لكونه محارب الديانات الوثنية التي كان أتباعها ينتشرون بين غزة وبلاد الشام.وتقف كنيسة القديس برفيريوس شاهدا موثوقا على التعايش بين أتباع المسيحية والإسلام؛ إذ أن أجراسها تعانق مئذنة مسجد “كاتب ولاية” العتيق الذي يعتقد أن بناءه يعود إلى عام 1432.وتم استلهام تصميم الكنيسة من فن العمارة البيزنطية ويقوم على أعمدة الرخام المزينة بالنقوش الكورنثية، وزهرة اللوتس إلى جانب نقوش ورسومات تجسد بعضا من سيرة النبي موسى والعهدين القديم والجديد، وحكاية السيد المسيح.وتقول غادة أبوداود، وهي مسيحية من غزة تعد من رواد الكنيسة الدائمين، إن “كنيسة القديس برفيريوس تعني الرأي المستقيم، والرأي المستقيم نتمنى جميعاً أن نكون في هذا المشوار مع الكنيسة”.وتضيف أن “هذه الكنيسة التاريخية شهدت أحداثا جسيمة وحروبا طاحنة، كانت شاهدة عليها على مدى القرون، ورغم أنها مازالت حاملة لبعض الندوب فقد ظلت حتى الآن صامدة تتحدى عوادي الزمن”.وعلى الرغم من صِغر مساحة قطاع غزة، التي لا تتجاوز 360 كيلومتراً مربعاً، فإنه يعتبر ملتقى الحضارات وممر الحقب الزمنية والمعارك والحملات، ما جعله غني بالآثار الإسلامية والمسيحية.ومن أبرز ما يميز كنيسة برفيريوس سقفها الذي يرتكز على أعمدة رخامية ضخمة، والأيقونات التي تزين الجدران بالرموز المسيحية.ويعتقد أن القديس برفيريوس جاء إلى فلسطين من مدينة سالونيك في اليونان عام 395، وسكن لفترة في مدينة القدس، وأصبح بعدها كاهناً للرعية المسيحية، وقد كان عددها لا يتجاوز 50 شخصا.وتقسم الكنيسة إلى قسمين من الداخل، الأول هو الرواق الذي يتسع لنحو 400 حتى 500 مُصلّ، بينما القسم الثاني يتمثل في الهيكل “قدس الأقداس” وهو مكان وجود المذبح أو الإنجيل المقدس، ويخصص للكاهن من أجل ممارسة الطقوس الدينية.ويروي المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض أن كنيسة برفيريوس تعرضت لعدة أضرار جزئية، أهما ما حدث في حرب البيزنطيين والفرس بين عامي 619 و622، وفي زلزال ضرب جنوب فلسطين وسيناء عام 1033. ويضيف أن الكنيسة تعرضت لأضرار أخرى في الهجوم المغولي على فلسطين عام 1260، وخلال الزلزال الذي ضرب المنطقة في نهاية القرن الثالث عشر.وبحسب المبيض كان الترميم الأول الواسع للكنيسة في أواخر العهد العثماني، عام 1895، وتم إحضار أحجار من إسطنبول، ولكن تعذرت إعادتها إلى تصميمها الأول، فأصبحت في شكل سفينة.ولا تزال الكنيسة العتيقة تشهد في العاشر من مارس من كل عام فعاليات خاصة يحيي فيها المسيحيون الفلسطينيون في الكنيسة ذكرى رحيل القديس برفيريوس بوصفه “محطم الأوثان”.


1