أحدث الأخبار
الأربعاء 27 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1122 123 124 125 126 127 1281346
"أي أم آي تي".. تقنية جديدة من ناسا ترصد العواصف الترابية"!!
04.03.2023

تمكنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) من رصد خطر العواصف الترابية في جميع أنحاء العالم، من خلال جهاز جديد عالي التقنية يسمى “أي أم آي تي” (التحقيق في مصدر غبار سطح الأرض المعدني)، حيث رصد خسائر بالمليارات في عدد من المناطق من بينها منطقة الشرق الأوسط.واشنطن - في البحر الأبيض المتوسط يطلق عليه “سيروكو”، وفي جزر الكناري “لا كاليما”، بينما يطلق عليه “هارماتان” في غرب أفريقيا، و”هابوب” في السودان. كل هذه الأسماء المتنوعة تصف نفس الشيء: العواصف الترابية.وتعد العواصف الرملية والترابية ظاهرة عالمية، حيث يمكن أن تنقل الرياح جزيئات الغبار الدقيقة هذه عبر آلاف الأميال، مما يؤثر على الصحة وسبل العيش.ووفقًا للأمم المتحدة زادت العواصف الترابية بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب تغير المناخ وتدهور الأراضي وانتشار الجفاف.وذكرت عالمة المناخ ناتالي ماهوالد أنه من خلال معرفة المزيد عن العواصف الترابية، يمكننا التخطيط للمستقبل. وقد أمضت أستاذة الهندسة في جامعة كورنيل في الولايات المتحدة العقدين الماضيين في تتبع الغبار في جميع أنحاء العالم، والآن تعمل مع ناسا بأداة جديدة تسمى “أي أم آي تي”.الميثان يمتص ضوء الأشعة تحت الحمراء بنمط فريد من نوعه، مما يوفر “بصمة طيفية” يمكن لمطياف التصوير في “أي أم آي تي” تحديدها بدقةسيساعد مقياس طيف التصوير الفضائي الأول من نوعه في رسم خرائط ألوان الغبار. ويمكن للعلماء استخدام البيانات الموجودة في نماذجهم المناخية لمعرفة كيفية تسخين المعادن المختلفة للكوكب أو تبريدها، كما توضح ماهوالد. كل نوع من أنواع الغبار له توقيعه الفريد الذي يعكس الضوء: على سبيل المثال يعكس الغبار الأبيض الإشعاع الشمسي أو الحرارة، بينما “يمتصه الغبار الأحمر والغبار الداكن”.وتضيف ماهوالد أن “‘أي أم آي تي’ سيحدث ثورة في ما يمكننا القيام به؛ إذ يمكننا استخدام تلك البيانات لفهم تأثير غبار الصحراء بشكل أفضل”.وتم إطلاق “أي أم آي تي” في يوليو 2022، وهو متصل بمحطة الفضاء الدولية ويدور حول الأرض 16 مرة في اليوم، بهدف رسم خرائط للتكوين المعدني لسطح الكوكب من خلال جمع البيانات حول الأطياف وأطوال موجات الضوء المختلفة التي تنبعث من ألوان مختلفة.وتسمح هذه المعلومات للباحثين بتحديد التركيب المعدني والكيميائي للمواد الموجودة على السطح. وبمسح شرائط بعرض 50 ميلاً في غضون ثوانٍ، ستزود الأداة العلماء بمليارات من نقاط البيانات لاستخدامها في تنبؤات النماذج المناخية مما يوسع بشكل كبير مجموعة البيانات الحالية التي تأتي من 5000 موقع فقط لأخذ العينات، كما تقول ماهوالد.وتأتي معظم البيانات الموجودة من الأراضي الزراعية، حيث كانت معلومات التربة التفصيلية ذات قيمة للأغراض الزراعية والتجارية. وستساعد ثروة المعلومات التي يوفرها “أي أم آي تي” الآن، والتي تتضمن بيانات من المناطق الأكثر جفافاً في العالم، العلماء على معرفة المزيد عن الغبار وتأثيره على المناخ. وهي قضية تم تجاهلها إلى حد كبير حتى الآن.تقدر الأمم المتحدة أن 2000 مليون طن من الرمل والغبار تنبعث في الغلاف الجوي سنويًا. وتعتبر العواصف الرملية والترابية أمرًا حيويًا لكوكب الأرض، حيث تحمل تربة مغذية عبر البلدان والقارات وتساعد على ازدهار الحياة النباتية. على سبيل المثال، يغذي الغبار من الصحراء الكبرى الأشجار في غابات الأمازون المطيرة، حيث تفتقر التربة إلى العناصر الغذائية الضرورية.تقول ديانا فرانسيس، عالمة المناخ في جامعة خليفة في أبوظبي، “تعتمد النظم البيئية في الواقع على رذاذ الغبار”.ولكن إذا أصبحت العواصف الترابية أكثر تواترًا وشدة، فيمكنها تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري. ويسلط تقرير صادر عن الأمم المتحدة الضوء على كيفية تغيير أنماط العواصف في توزيع معادن الأرض وتقليل هطول الأمطار، في حين يمكن للهباء الجوي أن يعمل مثل غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عن طريق امتصاصه، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حلقة تغذية مرتدة، يؤدي فيها تغير المناخ إلى المزيد من العواصف الترابية الشديدة من خلال تدهور الأراضي وانتشار الجفاف، وتؤدي العواصف الترابية إلى احتداد تغير المناخ.وتضيف فرانسيس أن هناك دليلًا على أن هذا يحدث بالفعل، مشيرة إلى “غودزيلا”، وهي أكبر عاصفة ترابية في جميع أنحاء العالم منذ 20 عامًا، والتي عبرت المحيط الأطلسي في يونيو 2020، مما أدى إلى تعتيم السماء من منطقة البحر الكاريبي إلى ولاية تكساس الأميركية.

ويمكن أن تسبب العواصف الترابية أمراض الجهاز التنفسي، وتضر بالماشية والمحاصيل، وتعطل النقل. في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يُقدر أنها تكلف الاقتصاد 13 مليار دولار سنويًا.وتقول فرانسيس إن “عدد وشدة العواصف في الصحراء في ارتفاع”. وفي بعض أبحاثها السابقة وجدت أن الغبار من الصحراء قد وصل إلى القطب الشمالي، بسبب تغيرات دوران الغلاف الجوي. وتضيف “لقد لاحظنا أنه خلال العقدين الماضيين أصبح تعتيم الجليد في القطب الشمالي مهمًا”، لافتة إلى حلقة تغذية مرتدة أخرى.مقياس طيف التصوير الفضائي يمكن للعلماء استخدام البيانات الموجودة في نماذجهم المناخية لمعرفة كيفية تسخين المعادن المختلفة للكوكب أو تبريدهاوتابعت “نحن نعلم أنه عندما يكون الجليد مظلماً، فإنه سيعكس كمية أقل من ضوء الشمس، وبالتالي سوف يذوب بشكل أسرع”.وتسبّبت العواصف الترابية خلال مايو الماضي في تعطيل الرحلات الجوية وإغلاق المدارس ودخول آلاف الأشخاص إلى المستشفيات في مناطق متفرقة من الشرق الأوسط، في ظاهرة يرجح أن تزداد سوءا خلال السنوات المقبلة على وقع تأثير التغيرات المناخية.وخيم الغبار وانعدام الرؤية على العراق والكويت والسعودية وإيران، في ظاهرة مترابطة يعزوها الخبراء إلى التغير المناخي وقلة الأمطار والتصحر.في الرياض حجبت سحب الغبار الكثيفة الرؤية وبات من الصعب تمييز أبراج منطقة وسط الرياض، ومن بينها برج المملكة العملاق، من مسافة أقل من 500 متر. وغطّت طبقات الرمال الصفراء المباني والسيارات المركونة في الشوارع وأثاث المنازل، فيما طغت رائحة التراب على الأجواء. وعادة ما تتعرض السعودية لعواصف ترابية بين مارس ومايو مع تباين شدتها وتأثيرها. وفي العراق، إثر هذه العواصف، أغلقت السلطات المطارات والإدارات العامة وعلّقت الامتحانات في الجامعات والمدارس، وقد تسببت الأتربة في الإضرار بالجهاز التنفسي لدى 4 آلاف شخص تم إدخالهم إلى المستشفيات في جميع أنحاء البلاد.وفي الكويت أوقفت السلطات الدراسة بسبب سوء الأحوال الجوية. وفي إيران أُغلقت الإدارات الحكومية والمدارس والجامعات في الكثير من المحافظات.وقال حسن عبدالله المسؤول في مركز “وسم” للأرصاد الجوية، المتخصص في طقس المنطقة العربية، إنّ العواصف الترابية باتت “أكثر قوة من قبل”، متوقّعا استمرارها وتكرارها.وتوقّع أنّ تزداد قوة هذه التغيرات المناخية خلال السنوات المقبلة في المنطقة والتي يجب على السكان التأقلم معها، مشيرا إلى ضرورة “زراعة الأشجار بشكل أفضل ومعالجة انخفاض مستوى نهري دجلة والفرات بشكل عاجل” لمواجهتها.
وقدم المقياس الطيفي لوكالة الفضاء الأميركية مجموعة من البيانات حتى الآن، كل منها يحتوي على أكثر من 1.4 مليون طيف. ويستخدم العلماء في ناسا البيانات للمساعدة على تعيين الغبار وتكوين التربة في جميع أنحاء العالم.لكن بيانات “أي أم آي تي” تُستخدم أيضًا في رسم خارطة لعامل آخر يؤثر على تغير المناخ: الميثان.وعلى الرغم من أن الميثان يشكل جزءًا بسيطًا فقط من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإنه يُقدر أنه يتمتع بقوة احترار أكثر بـ80 مرة من ثاني أكسيد الكربون على مدار العشرين سنة الأولى بعد دخوله الغلاف الجوي.ويمتص الميثان ضوء الأشعة تحت الحمراء بنمط فريد من نوعه، مما يوفر “بصمة طيفية” يمكن لمطياف التصوير في “أي أم آي تي” تحديدها بدقة.وفي حين علمت ناسا أن تقنية التصوير في “أي أم آي تي” ستكون قادرة على رصد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إلا أن أداءها “أفضل من المتوقع”، كما ذكر روبرت غرين، كبير الباحثين في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا والمحقق الرئيسي في مهمة “أي أم آي تي”.وحتى الآن، رصد نظام “أي أم آي تي” خمسين مصدراً للانبعاثات الفائقة في جميع أنحاء العالم، يأتي معظمها من الوقود الأحفوري والنفايات والمرافق الزراعية، في مواقع تشمل الولايات المتحدة وإيران وتركمانستان.وبينما يبقى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لعدة قرون، يتبدد الميثان أكثر، مما يعني أن تقليل انبعاثات الميثان هو طريق سريع لإبطاء تغير المناخ.وتأمل ناسا أن تشجع هذه المعلومات الدول على وقف انبعاثات غاز الميثان.وفي حين أنه من المقرر في البداية أن تستمر مهمة “أي أم آي تي” لمدة 12 شهراً فقط، يقول غرين إن “هناك خططاً لتمديد المهمة”. وتبدو ماهوالد متفائلة بالمستقبل حين تقول “سننتقل من 5000 بيان إلى مليارات البيانات، وبدقة أعلى بكثير. هذا سيساعدنا بشكل كبير”.


1