يصطحب القراء في سرادق العزاء مشجعين لهم لا تربطهم صلة بأهل المتوفّى، وينحصر دورهم في التهليل والإشادة بتجويد المُقرئ وترتيله وصوته الرخيم أثناء القراءة، بينما أكبر مهمة لهم هي تكرار اسم المُقرئ بصوت عال وكأنهم يحفّظونه لمعزّين.ويعتبر المُقرئ (قارئ القرآن) مهنة في مصر، يختص بها شيخ تدرّب على حفظ القرآن وترتيله على مسامع الناس لمدة طويلة تجويدا.وقال الشيخ أحمد منصور "المُقرئ يحضر مآتم الفقراء في الأحياء الشعبية ولا يضمن أن يتقاضى أجره الذي اتفق عليه مع أهل المتوفّى، وكثيرا ما يتقاضى أقلّ ممّا اتفق عليه". وأضاف أنه "شخصيا تعرض ذات يوم لموقف مع زميل له عندما قاما بقراءة القرآن في عزاء بحيّ المرج (أحد الأحياء الشعبية في القاهرة)، وتعجّبا أنّهما أخذا أجرهما كاملا، وبعد الخروج من سرادق العزاء، فوجئا بثلاثة من الشباب مفتولي العضلات يعترضون طريقهما ويأخذان كل ما يملكان ولم يتركا لهما إلا القليل ليتمكنا من العودة إلى منزلهما، واتضحا بعد ذلك أنهما من أصدقاء أسرة المتوفّى وأرادوا استرداد ما أنفقوه في مصابهم.وكان المقرئ في سرادق آخر يتناول مشروب اليانسون الساخن قبل القراءة لجلاء حنجرته، وفجأة دق جرس الهاتف المحمول لأحد المعزين بنغمة أغنية الفنانة هيفاء وهبي “بوس الواوا” بطريقتها المفعمة بالدلال، فارتبك الشيخ الجليل وانسكب المشروب الساخن على ملابسه واحترق ظهر يده. وصرخ المقرئ في صاحب الهاتف “اللي عايز (يريد) يبوس يبوس في مكان آخر، حرقتونا الله يحرقكم”، وانفجر السرادق في نوبة ضحك هستيرية.وتحفل مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صور مبكية مضحكة لقارئ القرآن في سرادق العزاء منها صورة لبلطجي يرفع “مدية” في وجه مقرئ لإجباره على الاستمرار في تلاوة القرآن في أحد سرادقات العزاء.ومن المفارقات حضور مُقرئ عزاء متوفّى مسيحي في حي شبرا (وسط القاهرة)، بناء على طلب أهله لقراءة القرآن وتلقّي العزاء، وهو ما اعتبره البعض لفتة طيبة تعكس استمرار روح الإخاء بين المسلمين والمسيحيين.وتنقسم أجور المقرئين إلى شرائح متفاوتة بحسب شهرة المُقرئ وقدراته والوقت الذي سيقضيه في العزاء، ويتجاوز أجر المُقرئ المشهور في التلاوات مبلغ العشرين ألف جنيه (1200 دولار تقريبا) مقابل حضوره للمأتم وقضاء ليلة كاملة في قراءة القرآن، في حين لا يتخطى أجر المُقرئ غير المشهور ألفي جنيه مصري إلى خمسة آلاف جنيه (من 120 إلى 300 دولار تقريبا).وأجمع فقهاء على أن سرادقات العزاء وإعداد ولائم الطعام للمعزين وشرب القهوة والشاي وقراءة القرآن عبر مكبرات الصوت بدعة مكروهة من العرف المتوارث لأن فيها مباهاة للناس.وقال الشيخ منصور السميحي إنه يهتم بالمظهر والرائحة العطرة والتطيب بالمسك وتناول وجبة خفيفة وشرب الكثير من المشروبات الساخنة وأهمها اليانسون!!
قارئ القرآن في مصر مهنة لا تخلو من الغرائب!!
08.10.2017