استجابت المحكمة الاتحادية في العراق، أمس الإثنين، لطلب من رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، للبتّ بعدم دستورية استفتاء إقليم كردستان المزمع تنظيمه في 25 من الشهر الجاري، في وقت تواصل فيه المواقف الدولية الرافضة لخطوة أربيل، وسط تنفيذ الجيش التركي مناورات عسكرية على حدود الإقليم. وذكر بيان صحافي للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، إن العبادي «وجه طلبا إلى المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية إجراء انفصال أي إقليم أو محافظة عن العراق، وكذلك إصدار أمر ولائي بإيقاف إجراءات استفتاء انفصال إقليم كردستان».ونظرت المحكمة الاتحادية العليا، خلال جلستها في الطلبات المقدمة بوقف إجراءات الاستفتاء في إقليم كردستان وفي المناطق المشمولة بالاستفتاء.وطبقاً لبيان المحكمة، فإنه «بعد المداولة، ولتوفر الشروط الشكلية القانونية في الطلبات، أصدرت أمراً ولائياً بإيقاف إجراءات الاستفتاء (…) لحين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور، وذلك استناداً إلى احكام المادة (151) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969».وفي أول ردة فعل على قرار المحكمة الاتحادية، اعتبر عدد من نواب ائتلاف دولة القانون، بزعامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، أن القرار «حجة» على جميع الأطراف، مشيرين، خلال مؤتمر صحافي عقدوه في البرلمان، إلى أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة تحترمان قرارات المحكمة الاتحادية.وتترقب الأوساط السياسية في بغداد زيارة وفد رفيع من إقليم كردستان العراق، لبحث تسوية القضايا الخلافية بين الحكومة الاتحادية من جهة وحكومة إقليم كردستان من جهة أخرى. وقال النائب عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بختيار شاويس، ، إن «وفداً سياسياً كردياً رفيعاً سيزور بغداد هذا الأسبوع، بطلب من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والولايات المتحدة الأمريكية»، مشيراً إلى إنه «لم يتم حتى الآن (وقت إعداد التقرير) تحديد أسماء أعضاء الوفد الزائر أو رئاسته».وأضاف إن «الوفد يحمل معه رسالة من الكرد بشأن موضوع الاستفتاء، إضافة إلى بحث إيجاد حلٍ لتسوية الخلافات بين الجانبين، والمتعلقة بقطع رواتب موظفي الإقليم ومستحقات البيشمركه، فضلاً عن ملف الشراكة، والكثير من القضايا العالقة الأخرى». وحسب ما أكد النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، اريز عبدالله، لـ«القدس العربي»، إن «الوفد الكردستاني سيلتقي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أولاً، ومن ثم الأطراف السياسية الأخرى».واعتبر أن «زيارة وفد يمثل إقليم كردستان إلى العاصمة بغداد يعدّ أمراً إيجابياً، وتسهم في حلحلة المشكلات العالقة»، أعرب عن أمله في أن «يتوصل الجانبان إلى اتفاق لحل القضايا الخلافية». وتأتي الزيارة المرتقبة ضمن سعي الكرد لبحث عن «سبيل للتهدئة»، لا سيما بعد «تصعيد الأزمة» بين بغداد وأربيل عقب إقرار البرلمان رفض الاستفتاء، طبقاً للنائب عن حزب الاتحاد الوطني أيضاً نوزاد رسول.وقال رسول لـ«القدس العربي»، إن «الاستفتاء ليس مشكلة، بل هو طريق لحل المشكلات بين بغداد وأربيل»، لافتاً إلى إن «هذه هي الرسالة التي يجب أن تصل من الإقليم إلى الشعب العراقي».وأضاف: «نحن لا ندعو إلى العدوان أو خلق تشنجات وتصعيد للوضع مع بغداد (…) الكرد يرتبطون مع العرب بمصالح وتاريخ مشترك».وحذر النائب عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني، من «استعمال بعض السياسيين وسائل ضغط على الشعب الكردي، بهدف تحقيق مكاسب انتخابية ومزايدات سياسية، مع اقتراب موعد الانتخابات».وسبق لمسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي في الاتحاد الوطني الكردستاني، ملا بختيار، أن أعلن، أمس الأول الأحد، أن وفدا كرديا سيتوجه إلى بغداد، اليوم الثلاثاء، لبحث عدد من الملفات العالقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم.وفي كردستان العراق، نفى رئيس وزراء الإقليم، نيجيرفان بارزاني، وجود أي قرار لتأجيل عملية الاستفتاء، مشيراً إلى تأكيد ذلك للولايات المتحدة الأمريكية.وقال، في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء الروسية: «لا يوجد أي قرار حتى الآن لتأجيل الاستفتاء في إقليم كردستان، وقد شكلت لجنة عليا للاستفتاء للإشراف على العملية، وهي من يجب أن تقرر بهذا الشأن، والقرار هو إجراء الاستفتاء في 25 أيلول/سبتمبر».وأضاف: «في الحقيقة الموقف الأمريكي أعلن سابقاً، كما كانت زيارة مبعوث الرئيس الأمريكي، السيد بريت ماكغورك بغرض تأكيد الموقف وأن الوقت ليس مناسبا لإجراء الاستفتاء». وتابع: «نحن قلنا بصراحة لــ (ماكغورك) أن الوقت ملائم لإجراء الاستفتاء، لذا كان للجانبين وجهات نظر مختلفة بهذا الشأن خلال اللقاء».أما حول مستقبل مدينة كركوك، قال: «نحن لا نفرض أي حلول على كركوك. الوضع خاص لكركوك وتكوين المجتمعات، بما في ذلك العرب والتركمان والمسيحيين والكرد، نحن لا نخطط لفرض حل من جانب واحد على كركوك». وأعلنت مفوضية الانتخابات والاستفتاء في الإقليم، فتح مكتبين في محافظتي كركوك ونينوى لإدارة عملية الاستفتاء، مؤكدة أنه تم تسجيل 64 مراقبا دوليا لمتابعة العملية.وقال المتحدث باسم المفوضية شيروان زرار، في مؤتمر صحافي عقده، أمس الاثنين، في أربيل، إن «نسبة وصول المواد اللوجستية للاستفتاء إلى إقليم كردستان بلغت 90 في المئة». وأضاف زراري أنه «تم التنسيق مع الجهات المعنية بشأن التصويت الخاص»، موضحا أن «عملية التصويت الخاص ستشمل القوات الأمنية والمستشفيات والنازحين».كشف المتحدث باسم مفوضية الإقليم عن «تسجيل11 كياناً سياسياً و64 مراقباً دولياً و65 مؤسسة إعلامية لمراقبة عملية الاستفتاء».وأشار إلى إن «المفوضية اعتمدت البطاقة الغذائية كأساس للتصويت على الاستفتاء، وبما أن أغلب كرد المهجر من الإقليم لا يمتلكون تلك البطاقة قررت رئاسة الإقليم إلغاءها لهم واعتماد الجنسية العراقية بدلا منها».وأردف: «كرد الإقليم في المهجر يستطيعون الذهاب إلى صناديق الاقتراع يومي 23 و24 (من أيلول/ سبتمبر الجاري) للإدلاء بأصواتهم على الاستفتاء».إقليمياً، قال الجيش التركي في بيان إن القوات المسلحة بدأت مناورات عسكرية على الحدود مع كردستان العراق.وشاركت أكثر من 100 قطعة عسكرية أغلبها دبابات في المناورة على مقربة من معبر الخابور الحدودي مع العراق، وفق ما قالت وكالة دوجان للأنباء. كما شاركت مركبات تحمل الصواريخ ومدافع هاوتزر.فيما قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، في تصريح أمس : «سيرى الذين يسعون وراء أحلام في العراق وسوريا، ويحاولون أن يشكلوا دولة مصطنعة هناك، أن كل محاولة تهدد أمننا القومي داخل البلاد وخارجها ستلقى الرد اللازم في لحظتها».ويأتي ذلك في وقت بحث السفير الإيراني لدى العراق، إيرج مسجدي، مع نظيره التركي، فاروغ كايماكتشي، في بغداد، آخر التطورات السياسية في المنطقة والعراق، بما فيها الاستفتاء. وذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء، إن «الجانبين الإيراني والتركي تناولا في لقائهما بالعاصمة العراقية ليلة أمس (أمس الأول الأحد)، موضوع الاستفتاء في إقليم كردستان وتداعياته على المنطقة».وأضافت الوكالة أن «الجانبين أكدا ضرورة اتخاذ خطوات منسقة بين البلدين في هذا الخصوص».وطالب السفيران الإيراني والتركي في العراق رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، بالتوقف عن متابعة هذا المشروع لما فيها من مخاطر على أمن المنطقة وإقليم كردستان.دولياً، أعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أن الاستفتاء سيشكل «مبادرة غير مناسبة»، داعيا إلى حوار بين بغداد وإقليم كردستان.وصرح الوزير قبيل بدء اعمال الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة في نيويورك «يشتمل الدستور العراقي على عناصر شديدة الأهمية بشأن الحكم الذاتي، يجب احترامها وتثبيتها وتأمينها في إطار حوار بين بغداد وكردستان. ويبدو لنا أن أي مبادرة أخرى ستكون غير مناسبة».كذلك، أعلن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، أنه سيتوجه بعد إلى إقليم كردستان في محاولة لاقناع رئيس الإقليم مسعود بارزاني بالتخلي عن الاستفتاء.وقال خلال مؤتمر صحافي عقد في بغداد «سأقول لمسعود بارزاني اننا لا نؤيد الاستفتاء الكردي. نحن ملتزمون بسلامة العراق والعمل مع الأمم المتحدة من أجل (بحث) بدائل عن الاستفتاء».في هذه الأثناء، أكد المتحدث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، العقيد رايان ديلون، استمرار جهود التحالف الدبلوماسية لتخفيف حدة التوتر بين بغداد وأربيل.وقال، في تصريح صحافي، إن «جميع دول التحالف الدولي ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية، تواصل حواراتها مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني»، مشيراً إلى «استمرار تلك الجهود الدبلوماسية».وأضاف: «بالرغم من أن مهمتنا تتلخص في هزيمة داعش والاستعداد لعمليات غربي الأنبار والحويجة، إلا أننا نريد أن تتوحد جميع الجهود الحرب ضد داعش».وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش، أن دعا، أمس الأول الأحد، أكراد العراق للعودة عن قرار تنظيم استفتاء على استقلال إقليمهم في 25 ايلول/ سبتمبر الجاري، مطالبا القادة العراقيين على اختلافهم بمعالجة هذه المسألة «بصبر وبضبط النفس». حسب بيان صحافي لستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام!!
بغداد..العراق : المحكمة الاتحادية العراقية تأمر بوقف استفتاء كردستان… ومناورات عسكرية تركية على حدود الإقليم!!
19.09.2017