أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
طرابلس..ليبيا: تلويح بالفصل السابع لفرض حكومة السرّاج!!
21.03.2016

يرتفع الضغط الدولي دعماً لحكومة "الوفاق الوطني" الليبية برئاسة فائز السراج، في مسعى لتثبيت وجودها كسلطة شرعية وحيدة على الأرض في ليبيا، مع سعي السراج لإطلاق عمل حكومته من العاصمة طرابلس، الأمر الذي لا يزال يلاقي رفضاً من جهات ليبية عديدة، أبرزها حكومتا طرابلس وطبرق، إضافة إلى المؤتمر الوطني وبعض الفصائل المسلحة التي تسيطر على الأرض في طرابلس. الضغط الدولي الذي ترتفع وتيرته وصل إلى حد التلويح باللجوء إلى القوة لفرض سيطرة حكومة السراج، توازيه تحركات إقليمية تسعى لدعم جهود إعادة الأمن والاستقرار إلى الأراضي الليبية، أبرزها سيكون اجتماع دول جوار ليبيا في تونس اليوم الإثنين وغداً الثلاثاء.ويحبس الليبيون وجيرانهم أنفاسهم قبل لحظة اختبار ما أعلنه السراج عن دخول حكومته إلى طرابلس في غضون أيام. وسواء تم هذا الأمر بالسرعة التي تحدث عنها السراج أم لا، فإن المؤكد أن عجلة القرار حول ليبيا لن تعود إلى الوراء، إذ حسم هذا الأمر نهائياً في كل مستوياته الدولية، في انتظار أن يُستكمل ليبياً. ويبقى التأكد فقط من شكل تطبيق هذا القرار، وإذا ما كانت كلفته ستكون باهظة أم لا، بعد أن أعلنت حكومتا طبرق وطرابلس رفضهما لحكومة الوفاق.ويُعتبر احتمال حصول مقاومة لدخول الحكومة إلى طرابلس فرضية ممكنة، لم يغفل عنها المجتمع الدولي المساند لمسار حكومة "الوفاق"، ولا تستبعد مصادر تونسية رفيعة المستوى، إمكانية استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يتيح اللجوء إلى القوة لفرض سيطرة الحكومة في حالة واجهت هذه الحكومة مقاومة منعت سيطرتها على الأرض. وهو ما يفهم منه بإمكانية اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.وكان مجلس الأمن قد دعا منذ أيام إلى عدم التعامل مع حكومتي طرابلس وطبرق، معتبراً أن حكومة "الوفاق" هي الممثل الشرعي الوحيد لليبيا. وكانت مصادر قد سرّبت معلومات عن تحضيرات لعرض مشروع قرار في مجلس الأمن يفرض عقوبات على معرقلي عمل حكومة السراج. كما كان مجلس الأمن قد شدد في بيان على أن العاصمة طرابلس يجب أن تكون مقراً لحكومة "الوفاق الوطني" بعد أن يتم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الأمن فيها.وفي سياق هذه الأحداث المتواترة، يأتي اجتماع دول جوار ليبيا (تونس والجزائر ومصر والسودان والتشاد والنيجر) في تونس لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا، إذ تحتضن العاصمة التونسية اليوم الإثنين اجتماعاً تحضيرياً على مستوى كبار الموظفين، يسبق اجتماع وزراء خارجية هذه الدول غداً الثلاثاء لبحث السبل الكفيلة بدعم العملية السياسية وجهود إعادة الأمن والاستقرار. وسيشهد هذا الاجتماع مشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وممثلي الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. ولفت وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، إلى الأهمية الكبيرة التي توليها تونس لهذا الاجتماع الذي ينعقد في وقت حساس للغاية، وقال في تصريح إذاعي إن "تونس تنتظر الكثير من هذا الاجتماع".من جهته، قال المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، الذي سيشارك في المؤتمر، إنه سيتم بحث مسار المفاوضات وتمكين حكومة الوفاق الوطني من عملها، مشيراً إلى أنه تم توجيه الدعوة إلى فائز السراج للمشاركة في الاجتماع وإيجاد الحلول والاقتراحات التي تساعد حكومة الوفاق على عملها من طرابلس في أقرب وقت.غير أن اجتماع تونس لن يكون بالسهولة التي قد يتخيلها البعض، إذ تسبقه اختلافات واضحة بين جيران ليبيا، وخصوصاً بين الجزائر وتونس من جهة، ومصر من جهة أخرى. وفي حين أكدت تونس مرة أخرى عبر رئيسها الباجي قائد السبسي أمس الأحد أنها لا تنحاز لأي طرف في ليبيا، وترى أن المصالحة الشاملة هي الحل، تميل مصر إلى دعم الجهة الشرقية وتطالب بدعم جيش خليفة حفتر، وهو ما عارضته إيطاليا أيضاً على لسان وزير خارجيتها باولو جينتيلوني، لأن الحل ليس بيد حفتر على حد قوله، وأنها تعتقد أيضاً أن المصالحة هي السبيل الوحيد لإخراج ليبيا من أزمتها.ويبدو أن مسألة دخول الحكومة إلى طرابلس أصبحت مسألة وقت لا غير، إذ أشار السراج على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" إلى وصول عدد من أفراد المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس، وقد بدأوا في عقد اجتماع مع الضباط المكلفين بالترتيبات الأمنية. ولفت السراج إلى ما كان أعلنه سابقاً من إتمام الاستعدادات مع "القوى الموجودة على الأرض"، مضيفاً: "قمنا بالتنسيق مع جميع الوزارات داخل مدينة طرابلس بهدف التسليم والتسلم، والجميع وافق بالإضافة إلى مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، ولن تكون في ليبيا إلا حكومة واحدة، لقد انتهت الفوضى".وشهدت الأيام الأخيرة تحركات رفيعة المستوى للسراج، تشبر إلى عزمه الواضح على الإمساك بزمام الأمور، والتصرّف كرئيس حكومة فاعلة، وتدل في الوقت ذاته على اعترافات متتالية من عدة دول بحكومته كسلطة شرعية وحيدة ممثلة لليبيا. وتبدو تونس على رأس هذه الدول، إذ التقى السراج رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، الذي أكد دعم تونس "الكامل واللامحدود للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني"، وترحيبها بإعلان حكومة الوفاق الوطني بدء عملها من العاصمة الليبية طرابلس، مؤكداً أن بلاده ستدرس إعادة الرحلات الجوية بين المطارات الليبية ومطار قرطاج الدولي.من جهته، أكد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، أن حكومة الوفاق الوطني هي "الشرعية الوحيدة في ليبيا بمصادقة مجلس الأمن الدولي"، مجدداً استعداد بلاده والمجتمع الدولي لمساعدتها. وجاءت تصريحات هاموند إثر محادثة هاتفية مع السراج، السبت، أكد خلالها دعم المملكة المتحدة لحكومته، مشيراً إلى أن الحكومة بحاجة لبسط سيطرتها على قوات الأمن والمؤسسات المالية في ليبيا لتتمكن من إحلال السلام والاستقرار اللذين يستحقهما الشعب الليبي. وتلقى السراج بالمناسبة دعوة رسمية لزيارة المملكة المتحدة وجهها إليه هاموند.غير أن الاختبار الحقيقي سيكون شعبياً ودولياً أيضاً، إذ عارضت فئات متعددة من الأحزاب والجهات الليبية دخول حكومة الوفاق إلى طرابلس، بينما خرجت تظاهرات ضمت مجموعات من الشباب وأهالي مدن عديدة، من بينها طرابلس ومصراتة، تأييداً لحكومة الوفاق الوطني وداعية للبدء في بناء الدولة. ويبدو هذا الانقسام جلياً في هاتين المدينتين بالخصوص، اللتين تمثلان الغرب الليبي، وربما أراد السراج إنهاء هذا الانقسام بفرض الأمر الواقع، خصوصاً أنه يلقى دعماً شعبياً هاماً من فئات كثيرة أتعبتها الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة، ويحاول اقتناص هذه اللحظة الهامة التي تعتبر ظرفاً سياسياً ملائماً قد لا يتكرر لطرح بديل عن فشل غرب وشرق ليبيا في إيجاد صيغة سياسية تنهي حالة الفوضى.!!


1