أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
تجربتي الشخصية المريرة في شركة فساد اسمها فلسطين!!
بقلم : رياض سيف ... 06.05.2014

فى الفترة التى عايشتها بفلسطين بدء من عام 1999م ولسنوات قليلة لاحقة، حيث كنت اعمل فى الاعلام المرئي، خرجت بنتيجة مفادها ان فلسطين اضحت شركة خاصة ينتفع بها الاشخاص المتنفذين والمقربين، ويكتوي بنارها الفقراء البسطاء.. وما نشاهده الان من ثراء فاحش للبعض الذين ماكانوا يملكون قوت يومهم قبل العبور الى فلسطين الا دليلا على الفحش الذي وصلوا اليه، بل زد على ذلك الجرم فى تهريب الاموال لاستخدامها فى الصفقات المشبوهة وفي تنفيذ اجندات اجنبيه تهدد الامن الخارجي والداخلي عبر شراء الذمم للتاّمر على الامة و الوطن الذي انهك حتى الثمالة ..فما سلب من قوت الناس ورغيفهم اليومي، يعود وبالا عليهم فى ظل حصار احتلالي بغيض، وشظف عيش وصل الى حد الكفاف. وضمائر معدومة سرقت مقدرات الوطن واعملت فيه قتلا وتجريحا.
اساليب ناعمه واحيانا متوحشة فى النهب والسرقه والفساد تتمثل فى اكثر من طريقة واكثر من عنوان حتى اصبحت فى المرحلة التى عايشتها.. مرحلة المنتفعين من هبات واتاوات بل من بلطجة فاقت كل تصور.. وبدل ان يُؤسس لدولة ومؤسسة اسست الملاهي والكباريهات وامتلأت اسطح البنايات فى الضفة وغزة بما هو غريب عن اصالة شعبنا واخلاقه.. ففي كل روف اتخذ اكثر من متنفذ موقعا لممارسة دعارته ..جلب الجناكي والراقصات.. والادهى من ذلك ان كل موقع من هذه المواقع اصبح بحماية جهاز من الاجهزه.. فكل جنكية وراقصه لها حارس حتى لا يتجرا سكير على معاكستها او المساس بها.. وبدل ان تتحول الاجهزة الى درع للوطن. تحولت الى حامية لمصالح بعض المتنفذين. مما ادى فى كثير من الاحيان الى اقتتال بين جهاز واخر فى الشوارع العامه وفى وضح النهار ..وكنت احد الذين داهمتهم تلك الملاحم اثناء تجوالي فى شارع ركب بوسط رام الله… ملاحظه – يمنع منعا باتا لغير المتنفذ الحصول على تصريح مزاولة الاعمال المذكورة اعلاه كونها حكرا لاصحاب شركة اغتنموها اسمها فلسطين –
ساقتني الاقدار مرة الى احد الملاهي الليلية فى بيت لحم. وكنت في زيارة لفلسطين بموجب تصريح. رأيت مجموعة من الجناكي تؤدي وصلتها الراقصه ..وحول المسرح انتشر الحراس من الامن.. وبدأت الاوراق النقديه تتطاير على رؤس الراقصات.. اللواتى كن يرددن.. تحية لابو فيصل مسئول جهاز (كذا) وتحية لابو فلان مسئول جهاز كذا.. وكل من مسئولي الفصائل يتمطى فى مقعده يبرم شاربه ويلوح بالتحيه.. سألت مرافقى احقا هم مسئولي اجهزة امنيه.. فأكد لي ذلك.. فقلت اي دولة تحلمون بها.. اذا كان مدخل فلسطين كازينو للقمار وداخلها مزبلة للفحش والعار.
البعض كان يفرض الاتاوات والمكوث لصالح جماعته.. فاغتنى حتى الفحش.. والبعض كان يجير وظيفته لعقد الصفقات لصالح جيبه يوظف ابناءه واقاربه ممن لايملكون المؤهل او حديثي التخرج فى وظائف لايحلم بها من قضى بالوظيفة اكثر من عشرين عاما، وبعضهم كان يستفيد من غياب الامن والرقابه ليمارس فن تمرير البضائع الفاسدة من الغذاء والدواء.. وبعضهم كان ينتفع من التمويل الخارجي لتمرير افكار وتوجهات يتلاقى بها الغرب مع الاحتلال الصهيوني.. اما عن التسيب الاداري سواء فى الاسترزاق من الوظيفه ممن يتقاضون رواتبهم وهم خارج البلاد.. او فقدان وازع الضمير لدى بعض الموظفين فهذه سيئة اضيفت الى ما قبلها..
احد الذين اتخذوا الاعلام الرسمي وسيلة للنهب وسمي زورا وبهتانا بالشهيد وتم تكريمه بوسام فلسطين منذ مدة قصيره ,وفى جلسة متباهية بما انجزه قال: يقولون عني باني سارق وحرامي.. نعم انا كذلك ويكفي اني بنيت صرحا اعلاميا ستذكره الاجيال من بعدي.. وللعلم ان هذا العمدة احد الذين اسقطو من فتيات فلسطين خلال مدة وجيزه مالم يستطع الاحتلال الصهيوني اسقاطه طوال فترة احتلاله واغتصابه لارض فلسطين.
و حين سئل اخر بأي حق يُهدى هدية بمبلغ ضخم من اموال الشعب قال: هذا اقل مكافأة لنا نحن الذين كنا نضع ارواحنا على اكفنا ونضحي بحياتنا من اجل الثورة…
وكأن من حق من يبني او يضحي او يقوم بعمل ضمن الوظيفة او الواجب ان يحمل الشعب المنكوب جمائل تخوله ان ينهب حتى يتكرش بالملايين.. ولن يشبعه سوى التراب..
اراض وزعت بالمجان.. وملايين صرفت كهبات ومنح لمن يستطيع ان يصل الى مصدر النبع.. وميزانيات كانت توزع بين المنتفعين.. حتى اثرى من اثرى من الواصلين واعوانهم وخدامهم.. واذا ما احتج احد المطحونين.. كان يلقى العقاب..
هذا هو الحال الذي الفته فى مرحلتى الاولى.. متنفذين يملكون شركة تدعى فلسطين.. وشعب لايلقى قوت يومه توزع عليه سلال المعونات من الدول المانحة ..
واذكر فيما اذكر وفي ندوة بأدارة وزير متنفذ .. والمحافظ ..وكانت بعد اجتياح 2002م مباشرة بما يسمى عملية السور الواقي . استفزني التهليل والتعظيم لارادة شعبنا العظيم القادر على ان يكسر الحصار ويحقق الانتصار ويفرض السلام .. فقلت (سيدي .. انا استغرب كيف يقابل شعبنا دبابات ومدافع الاحتلال بصدور ابنائه العارية يجابه الموت دون خوف او وجل.. ويخشى من قول كلمة بحق اصغر رجل امن فى السلطة ..فأي مفارقة هذه )
وسواء فهم من على المنصة ام لم يفهم.. فقد كنت قاصدا ان اقول انه ليس جبنا فى شعبنا..فالشجاعة تدرس فى فلسطين.. ولكن خشية على مصير من يجازف وعائلته.. فقد كانت الفوضى مقتلا.. والتسيب سبيلا .. والاحكام تلقى بالمجان يقرها وينفذها من ملك السلطة من الرتب العليا والدنيا فى زمن فوضى قصدت ان تكون منهجا ليتسنى للشعب ان يتلهى عن السارقين لمقدراته ..
ورغم انى قررت طوال اقامتى ان اتأمل ما يجري دون الانحياز الى جهة او الدخول فى معارك جانبيه مع اي جهة او حزب , الا انى لم افلت من التهديد والوعيد . انتهى اولا بحرق سيارتى الخاصة , وثانيا بتهديدي بالقتل فى زمن فوضى السلاح وتنمر الاقزام ليتبين ان احدهم من الحرس لينتقم نتيجة استغنائي عن خدمات احدهم او احداهن لعدم الالتزام بأخلاق المهنة و بأصولها على غرار ما كان قائما فى معظم المؤسسات .
والحكاية انى كنت مسئولا عن مرفق اعلامي شبه رسمي ..وفوجئت بأحد الايام بأجتماع تقرر فيه ان يؤتى بمسئول من فصيل معين مع كادره ليتولى زمام مهامي ..وكان المعني اقرب الى الامية .. مما استدعاني الى طلب اعفائي تماما من العمل حيت ان اكثر من موقع اعلامي يتمنى انظمامي اليه وحين سئلت عن سبب طلبي كان ردي فى اجتماع حضره من اجاز هذه الخطوة ومن عينه : كنت اعمل يوما محاسبا فى ليبيا , وكنت متفردا فى مكتبي , حتى جاؤا بشاب ليبي خريج من المعهد لينصبوه مسئولا عني , وانا اعذرهم فهي بلادهم ومن حقهم ان يولوا من شاؤا .. اما ان يحدث هذا في وطني فهذا العيب بحد ذاته . وانا ما انا عليه من مكانة عربية بفعل ابداعاتي على الشاشات العربية .. والتى استحققت عليها التكريم اينما حللت ..فأنا من اسس لهذا المرفق ..وانا من بذل مع فريقه كل جهد ليكون مرفقا يُشهد له ..
ويعرف من اجاز هذه الخطوة اي تاريخ نضالي كنته قبل ان يولد هذا الامي .ولكني ابتعدت بعد ان رأيت ما رأيته وسمعت ما سمعته وفضلت ان اكون في منأى عن اي انتماء الا لفلسطين .
النتيجة كانت بتدخل شخصية اعتبارية من قادة الصف الاول ممن حملوا لواء الكلمة وكانوا روادا لها وكان صاحب هذا المرفق الاعلامي حيت استدعى كل من له صلة بقلب الامور.. ليخبرهم ان من قام بتعيينهم اخطأ العنوان .. فهذا الشخص _ ويعنيني بذلك _ له مطلق الصلاحية فى هذا المرفق , ولا ادخله الا بأذنه, وهو بأختصار مسئولي ولست مسئوله .. الباب يتسع لجمل ويتسع لكم جميعا .
اثرها بقي البعض ممن جلبوا .. وافترضوا ان من عينهم يمكن ان يحميهم .. وافترضوا انها مؤسسة خيريه للاسترزاق مما استدعاني الى اتخاذ قراراتي بالاستغناء عن كل متواكل . فقد تعلمت فى حياتى المهنيه الانضباط والمهنية وتفعيل الضمير .
وكانت ردات الفعل المتتالية , فى التهديد والوعيد وحرق سيارتى الخاصه …وما كانوا ليضروني بشئ لانهم الجبن نفسه ..
هذا غيض من فيض .. ونقطة فى بحر على ما كان عليه الحال .. اما ما اصبح عليه ..فللحكاية بقية

*كاتب وسيناريست فلسطيني
1