أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
امرأة بلا رأس!!
بقلم : لينا جزراوي  ... 04.12.2012

لفتني مقالة وقعت في يدي لهيفاء البيطار بعنوان (امرأة بلا رأس ) ،،وبالنسبة لي يكفي أن أقرأ اسم هيفاء بيطار على أي كتاب أو مقالة لأطير فرحا ونشوة ،، بأني حتما سأقرأ حقيقة ما ،، لم تخضع لعمليّات تجميل ،،،، وابتسمت وأنا أقرأ هيفاء ،، لأني كنت أمتلك الدليل على أن ما قالته صحيح تماما ،، تحدّثت الكاتبة عن المجلات النسائية المُنتشرة في العالم العربي ،، تلك المجلاّت الموجهة خصيصا للمرأة العربية ، والتي تفتقد لمنطِق العقل والتفكير ،، بل تُزيحه جانبا لاعتقاد القائمين عليها أن المرأة العربية لا تستحق أكثر من مجلة أنيقة ، وطباعة فاخرة طافحة بصور الحسناوات ، وأنواع كريمات التجميل ، وأدوات الماكياج ،، مجلات لا علاقة لها برأس المرأة العربية .
وكُنت أبتسم ، لأني كنت قد أشَرت في مقالات سابقة ، لخطورة الاعلام على تزييف وعي المرأة تجاه ذاتها ، واخراجها دائما بمظهرسطحي ، وكأنها ذلك الاطار الجميل ، الذي لا يحتوي بداخلة على أي قيمة ،، وانعدام العقل والكرامة لديها ،، وبأنها امرأة بلا رأس فعلا ، تأكد هذا الأمر بالنسبة لي من خلال بحث أجريته بنفسي لمساق (المرأة والاعلام) أيام الماجستير ،، كُنت قد رصَدت فيه أعداد عامين كاملين ، لاحد أشهر المجلات النسائية في العالم العربي ، وأدخلتها مُختبر الفحص العلمي وتحليل مضمون الصور والمصطلحات وحتى اللغة المستخدمة في المقالات والتحقيقات المُصوّرة ،، وأذكر وقتها أن مُدير مكتب المجلة ، هنا في عمّان ،، طلب لقائي ، ليشكرني على اهتمامي بمجلته ، وقال بأنه ينتظر نتائج البحث بفارغ الصبر ، وأنه سيُخصّص لبحثي ،، ملفّا خاصا حالما أستخلص النتائج وأحلّلها، وكان مُعتقدا أني سأبرز القيمة الثقافية لمجلته الغرّاء ، التي لم أجد فيها قيمة تُذكَر.
وجاءت النتائج فكان أكثر من 80% من صفحات المجلة تهتم بالموضة ، والجمال ، والطعام والأثاث ، والرشاقة ، والعناية بالأطفال ، والأزواج ، على اعتبار أن هذه هي أكثر القضايا التي تهُم المرأة العربية ، وال 20% المتبقية ،، تذهب لمقالات أقل ما يمكن وصفها أنها سطحية ، سخيفة ، ككتابة خاطِرة أو فِكرة ، أو قصيدة شعرية غير موزونة لكاتب أو كاتبة لم نسمع بهم من قبل ، واضح أنهم يعانون من قحط فكريّ ،،، من أجل ايحاء القارىء بأن للمجلة صبغة ثقافية ما .
ثم صفحة حلول المشاكل الزوجية ، والتي رصدتُها لعامين كاملين ، لم تُقدّم حلّا لمشكلة لها علاقة بخلافات زوجية ، أو خيانة ، أو طلاق ، إلّاوكانت جميعها ، وأقول جميعها ،،، مُوجهة لتُصبّر المرأة وتلومها على إهمالها لنفسها ولزوجها ، وعلى الأخطاء التي أرتكبَتها ،، وتدعوها لاستغفار ربها والتزيّن بالرضا والقناعة ،، حتى لو كانت بلا رأس ،، بل أن بعض الحلول كانت تطلب منها ،، أن تنزع عنها هذا الرأس المُثقل بالأوهام وترتاح .
طبعا ، بعد أن أرسلت نتائج البحث لمدير المجلة ،، لم أتلقّ منه أي اتّصال ،، الخطورة في هذه المجلّات ، هي تغييب العقل والمنطق ،،، والكرامة ،، تقول هيفاء بيطار ،، وهنا أقتبس من مقالها ( صدقا أحس بالعار حين أقلب هذه الصفحات الأنيقة وأقرأ هذا الكلام الغريب الذي لا يمت لواقع المرأة بِصلة) .
تحتاج المرأة العربية لمنبر اعلامي ، يرسم لها طريق الخلاص من مشكلاتها التي لا يُسلّط عليها الضوء ،، أن أفقر الفقراء هن نساء ، أكثر من يدفع ثمن النزاعات والحروب هن نساء ، أضعف المخلوقات في العالم هُن نساء ،، أضِف الى ذلك سوط الأخلاق والقيم الاجتماعية البالية التي تَجلِد المرأة ليل نهار ، وتنزع عنها رأسها .
حبذا لو يتذكر الاعلام العربي أن للمرأة رأسا ، و أن أنوثتها لا تساوي شيئا ان لم يلتحم رأسها بجسدها.

المصدر : مركز مساواة المرأه
1