كنت قد حضرت مقالتي الأسبوعية عن لقاءات المصالحة، ولكن مكالمة صديقتي لمى حوراني غيرت خطتي. فالإعلان عن حملة عالمية للتضامن مع الثائرات المصريات ضد الإرهاب الجنسي يبدو أكثر أولوية وإلحاحية من المصالحة التي تسير كالسلحفاة وتعطيني شهوراً من الوقت للكتابة عنها.
الاتصالات للتحضير لوقفة فلسطينية لدعم رفيقاتنا وأخواتنا المصريات، اعاد لي بعض الثقة في أن فلسطين كانت ولا زالت وستبقى البوصلة، أزددت يقيناً حين عرفت ان المبادرة تأتي من "انتفاضة المرأة العربية" التي اسستها شابة فلسطينية تقيم في لبنان "فرح برقاوي"، مع صديقتيها اللبنانيتين يلدا يونس وديالا حيدر. كم نحن فخورات بك يا فرح، فخورات بجهدك ومثابرتك ومتابعتك، فخورات أن أختاً في مصر تتألم أو تغضب، فتلبي أخواتها في فلسطين ولبنان والوطن العربي وينتفضن، قلنا أن الوطن العربي هو حاضنتنا وبوتقتنا، ونقول للثائرات في مصر وتونس وسوريا واليمن ونحن – فلسطين- حاضنتكن وبوتقتكن متى أردتن رغم التشويه الذي أرادوا به تحييدنا وتمزيق نسيجنا، واستعمالنا في معارك لسنا جزء منها ولا نريد، فلسطين واضحة الهوية والانتماء، فلسطين لا زالت تناضل من أجل الحرية والكرامة على أرضها، ولن تقبل إلا الحرية والكرامة للشعوب العربية ولكل شعوب الأرض التواقة للحرية والكرامة.
الوقفة العالمية للتضامن مع النساء المصريات، هي محلية خالصة، فالجرح المصري الذي لمسناه عبر شهادات النساء اللواتي تم التحرش بهن، وألئك اللواتي اغتصبن، قد نكأ جروحنا نحن. جروحنا قديمة تبدأ بالاستعمار وارهابه للنساء وايقاعه بهن شهيدات وجريحات ومعتقلات ووالدات على الحواجز ومحاصرات، ارهابه يأخذ اشكالاً مقنعة من السيطرة على الأرض، مصادرة الأراضي، سرقة المياه، بناء المستوطنات واغرق المحيط بماء الصرف الصحي- تفنن الاستعمار الصهيوني في ارهاب النساء بشكل مضاعف، وتفننت الأنظمة العربية في استعمال فلسطين أداة وحجة لقمع الأصوات الحرة، وافقار الشعوب وسرقة المقدرات.. هي ذات الآلة وهي ذات المعركة.
خرجنا في 12 فبراير أمام السفارة المصرية، غنينا لمصر وسوريا، سلمنا رسالة حب لأخواتنا المصريات، ورسالة غضب للحكومة المصرية.
"لا لن نمد اجسادنا جسوراً يعبر عليها الطغاة"، و"لا نقبل باستخدام الدين وتزيفيه لقتل النساء"، ونعم لمحاسبة شيوخ المنابر وشيوخ التلفزيونات على دعواتهم التحريضية، ولا وألف لا لاقصاء النساء من ميادين تحريرنا ونقصد كل الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
هي رسالة حب للنساء العربيات في كل الوطن العربي، هي رسالة حب للمرأة الفلسطينية التي قتلتها الة الاحتلال في الحرب التي لا تتوقف، وقتلها الجهل والنفاق الاجتماعي- ثلاث عشرة نجمة سقطن من السماء في العام الماضي على خلفية ما يسمى كذباً بالشرف-
ويأتي المزاودون البكاؤون "تركتم الأسرى والاحتلال والحصار وتوقف الرواتب لتنشغلوا بمصر ونساء مصر؟"
استعير هنا رد زميلي واثق طه عليهم "قضية المرأة المصرية في القاهرة جرح في قلب كل غيور وغيورة .. ومن لديه حساسية تجاه الأسرى الفلسطينيين .. ستكون لديه حساسية مماثلة تجاه "عربية تنتهك" - والساكت متواطئ، والهارب جبان"
أخيراً، يصادف اليوم عيد الحب وفيه نقول كل عام وفلسطين بخير، وكل عام ونحن أكثر قدرة على الحب، ليس حب فلسطين فقط، بل حب الحبيب بغض النظر عن تعريفه..
كل عام ونحن أكثر قدرة على حب الحياة
رسالة حب لنساء مصر.. رسالة حب فلسطينية!!
بقلم : وفاء عبد الرحمن ... 14.02.2013