**ما يفرق بين الزوجتين هو فن إدارة الحياة الزوجية أو صناعة الإنسان، فعلى عاتق المرأة تقع المسؤولية الأولى في بناء الإنسان، الابن، الزوج، والأب أيضا...
المرأة هي من تصنع نجاح الرجل أو تدفعه إلى الفشل، تنمي ثرواته أو تفسد حياته وتشهر إفلاسه اجتماعيا، نفسيا، ماديا، وأخلاقيا. باختصار المرأة بنظري هي سند الرجل ومهندسة حياته، أو معول هدمه.
فإذا أردت أن تعرف كيف يفكر الرجل وما هي مصادر تعليمه ومعرفته، إجلس إلى أمه، راقبها بحذر وشغف، فهي خزانة الأسرار، وأول مدرسة يتعلم فيها ومنها، وإذا أردت أن ينجز أحدهم لك أمرا فاطلبه من زوجته.
ما يزعجني، ويقلقني تزايد المرأة المتعجرفة والمتكبرة في المجتمع وهو ما يلامسه كتاب الدراما مما جعلها تبدو متجبرة متسلطة، لا ترى غير نفسها دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن نماذج رائعة لسيدات فضليات صنعن مجد الرجال ونهضن بأسرهن.
في مصر مثل شعبي يطلق على الزوجات “سوس المخدة”، فصوتها الأقرب لأذن الرجل، فإذا كان أقرب طريق لقلب الرجل معدته فأقرب طريق لعقل الرجل زوجته أو أمه. ولكي تقرأ عقل رجل وتتغلغل في أعماقه شاهد طموحات ابنته البكر لتعرف كيف كان شبابه، تغزل حلمه من حلمها، باختصار المرأة هي محرك الرجل وصانعة مجده، أو هادمة عرشه.
أقول هذا من واقع مشاهدات كثيرة لحياوات اقتربت مني بالحكي، ففرشت أحداثها في حقيبة عقلي، تاركة لخيالي متعة استكمال ما توارى عني من الأحداث، أو اقتربت أنا منها بالجيرة، أو القرابة، أو الصداقة فلمست عن قرب وبالتجربة صدق مقولتي، وعطل الواقع خيالي إذ كنت ملامسة للأحداث والوقائع حد الرؤية المباشرة من جميع الزوايا وليس من ثقب ضيق.
قصتان لجارتين إحداهما تزوجت من رجل فقير لم يكن يملك غير شهادته الجامعية وموهبة يحاربها الأهل في العزف، آمنت به وبموهبته وظلت تدفعه بالتحفيز وتحمل شظف العيش وضيق الحال خاصة مع وجود أطفال وبيت والتزامات ومتطلبات ضاغطة، عشرة أعوام كاملة تحملت عنه عبء الإنفاق ومسؤوليات الصغار ليتفرغ هو لفنه الذي لم يقتنع به أي من أفراد أسرته، ولكن وحدها الزوجة ظلت تطالبه بالإخلاص في عمله ليجني ثمار مجهوده بعد سنوات، إذ اختارته فرقة عالمية في إحدى زيارتها لمصر وأصبح أحد أهم عازفيها المميزين، سافر إلى كافة دول العالم بصحبة زوجته وقبل بداية كل عرض يقدم زوجته في جملة بسيطة تجلب له احترام الجمهور وتشجيعه: “هذه المرأة صنعت نجاحي، أنا مدين لقلب وصبر زوجتي بما أنا فيه، فإن رأيتموني متميزا فلها الفضل، وإن قصرت فهذا مني وحدي”.
أما الأخرى فقد تزوجت برجل ثري وناجح ولكنها أحبت المظاهر والتكلف والاستمتاع بالحياة الوقتية والنهم لكل شيء، الشراهة بلا شبع من ملذات الحياة والتمتع اللحظي، وممارسة دور “الأنثى” فقط.
اللهث وراء الموضة والأزياء وأفخر الثياب، ومساحيق التجميل، وأفخم محلات الطعام الجاهز دون التفكير في الغد، فلم يكن المستقبل أحد مفرادات قاموسها، ظلت على هذا الحال حتى أفلس الرجل تماما وصار يسأل الناس، هبطت الزوجة بالرجل من الطبقة الثرية للطبقة الفقيرة، حولت نجاحه إلى فشل وغيرت مسار حياته كلية.
ما يفرق بين الزوجتين هو “فن إدارة الحياة الزوجية أو صناعة الإنسان”، فعلى عاتق المرأة تقع المسؤولية الأولى في بناء الإنسان، الابن، الزوج، والأب أيضا.
انتشيت كثيرا حين وجدت الفيلسوف وعالم النبات الشهير، جان جاك روسو أحد أهم كتاب عصر النهضة، يوافقني الرأي من وراء أربعمئة عام بمقولته “الرجل من صنع المرأة فإذا أردتم رجالا عظاما فعليكم بالمرأة تعلمونها ما هي عظمة النفس وما هي الفضيلة”.
الرجل صناعة المرأة!!
بقلم : رابعة الختام ... 14.11.2016
كاتبة من مصر..المصدر : العرب