أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
في لبنان: زوج وأخ يتبادلان المباركات بعد ذبح الضحية أمام الأطفال… ولكل طائفة توقيتها الصيفي!!
بقلم : مريم مشتاوي ... 30.03.2023

مع كل التقدم والتطور اللذين مرت بهما البشرية في العقود الأخيرة، ما زالت جرائم الشرف تترصد عناوين الصحف والمواقع الإخبارية. جرائم بشعة تلاحق المرأة وحدها، دون أن تطال الرجل. وكأن الشرف صفة لا تمنح وسامها إلا للنساء.
إنها صفة دموية ووحشية تلتصق بفعل «لا أخلاقي» أو «جنسي» قامت به إحدى نساء العائلة، ليقوم الرجال بذبحها غسلاً «للعار» واسترجاعاً لما يسمى بـ»شرف العائلة» المُغتصب. وقد يتعدى الأمر العائلة، ليصل إلى شرف الحي وشرف القبيلة وشرف العشيرة كلها. هكذا تقتل المرأة بضمير غائب ودم بارد، على مرأى من الأهل والأصدقاء. إنها خروف العيد. نعم هو العيد بالنسبة لهؤلاء المجرمين. وهو، حسب التقاليد البالية الموروثة، بمثابة استرجاع لكرامة الأهل. وقد تقتل بتكتم وكأنها لم تكن. فيأتي ما يسمى بالموت الثاني. وهو الموت الروحي بعد طعن الجسد. أو ما يسمى باصطياد الذكريات. فالعائلة تمسح كل ما يتعلق بالضحية. وكأنها تقوم بطعن الذكرى بعد طعن الجسد. أما القاتل فيعتمد مصطلح «الشرف» ليبرر جريمته، التي لا توجد قوانين صارمة لردعها. والفضيحة الكبرى تكمن في تسميته بطلاً لثأره «للرجولة» العقيمة أو المريضة. هكذا يصبح مدعاة للفخر أمام العائلة. ويبقى السؤال: هل القاتل «بلا خطيئة كي يرجمها بالحجر»؟ إن الديانات السماوية كلها تدين فعل الزنى، ولكن الله رحوم وغفور. هو وحده ولا أحد سواه يعلم بخبايا القلوب وخطاياها.
هو وحده من يدين ومن يصفح. أما الإنسان فلا حق لديه بأن يعاقب الآخرين ويصدر أحكامه الإجرامية. لقد انتشرت مؤخراً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي جريمة شرف قام بها زوج بحق زوجته المغدورة، حين شك بأخلاقها بالتواطؤ مع أهلها. وقد تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة مع تلك القصة، لما تحمله من بشاعة، وللتكاثر المخيف لتلك الجرائم في السنوات الأخيرة، وفي عدد من البلدان العربية. فكيف بدأت الحكاية؟ بطلة قصتنا هي السيدة زينب زعيتر. امرأة لبنانية في عز شبابها وأم لثلاثة أطفال. قتلها زوجها ببندقيته أمام أولاده، كما تُقتل عصفورة على مقربة من عش صغارها الدافئ بين أغصان شجرة نائمة. قتلها في منطقتها وبعلم أهلها وقرب أطفالها. عشر رصاصات. فهو لم تكفه رصاصة واحدة ولا اثنتان، بل ربما أراد قتل نساء الكون فيها. وتركها مرمية على الأرض غارقة في دمائها. منظر ارهابي يصعب وصفه، فكيف يكون تأثيره على الأطفال الثلاثة، وما هو الدرس الذي أراد الوالد أن يلقنه لهم؟ إنه وبكل «فخر» أفضل مدرسة لتخريج وحوش مستقبلية أو ضحايا جدد للعنف ومشتقاته! لقد انتشر بعد حصول الجريمة فيديو صادم لأهل الضحية وهم يصافحون القاتل ويحيونه على فعله، الذي أعاد لهم كرامتهم!
لقد قال أخو زينب في مقطع مصور إنه كان على وشك قتل أخته، لو لم يسبقه الزوج. إنها مباراة في الإجرام ومبارزة في القتل. فيديو يظهر مباركات جماعية بعد قتلها وابتهاج وتباهٍ وتوافق تام بأن زينب تستحق الموت بعد «فعلتها المشينة». قال أحدهم للقاتل: ما فعلته يرفع رأسنا عالمياً. جريمة الشرف هذه، لن تكون الأخيرة، التي ترتكب بذرائع أخلاقية. فمتى يستيقظ المجتمع؟ ومتى يحمي القانون أبناءه بشكل جدي؟ لقد أصدرت القوى الأمنية مذكرة بحث وتحر للوصول للقاتل. كما تحدثت مصادر عدة عن إغلاق البيت بالشمع الأحمر. ولكننا ندرك تماماً أنها مجرد إجراءات عابرة، «فالمدعوم» في الوطن لا أحد يصل إليه.
والمواطن اللبناني الصغير قبل الكبير، يدرك أن هناك أماكن في لبنان حتى قوى الأمن لا تصل إليها. إنه القدر الاخر، الذي يبتهج بنفسه ويتباهى ويتراقص فوق الدماء في وطن، يسيطر عليه ملوك الطوائف وأحزابهم. في وطن لم يعتقل فيه حتى الساعة قاتلو ضحايا مرفأ بيروت، في وطن الموت فيه مشاع بالجملة. إما جوعاً بسبب عدم توفر رغيف الخبز، وإما مرضاً بسبب عدم توفر الدواء، وإما غرقاً في البحار أو افتراءً. اليوم زينب وغداً غيرها وغيرها. وطننا موبوء، وفي حالة طوارئ قصوى. لن يقف مسلسل الإجرام طالما هناك دولة داخل أخرى وسلطة أكبر من سلطة الحق تقف في وجه تنفيذ قوانين الوطن.
توقيت إسلامي وتوقيت مسيحي!
ومن بيروت إلى إسكتلندا، حيث فاز منذ يومين حمزة يوسف في انتخابات الحزب القومي الأسكتلندي، خلفاً لنيكولا استورجن. وبهذا يكون يوسف أول رئيس وزراء أسكتلندي مسلم من أصول باكستانية. قبل ذلك فاز صادق خان، من أصل باكستاني أيضا، بمنصب عمدة لندن. ومؤخراً وصل ريشي سوناك، من أصل هندي، لرئاسة حكومة البلاد، التي كانت تستعمر بلاده. وهذا يدل على نجاح النظام العلماني الديمقراطي في المملكة المتحدة. أما في لبنان، فلا نزال نتحدث عن توقيت للمسلمين وآخر للمسيحيين. وما يزال ملوك الطوائف يعبثون بمصائرنا، بعد أن اوصلوا البلد إلى الحضيض، وسرقوا أموالنا على عينك يا تاجر. ليصل لبناننا إلى المركز الأول عالمياً في قائمة البلدان الأكثر تضرراً على الصعيد الاقتصادي والمالي، بعد أن أغرقوه في الديون وأعدموا عملته وجوعوا سكانه. فبيروت تلك المدينة التي تضج بالحياة وضحكات سكانها وسهراتهم وحفلاتهم نامت نومها الأخير...**الصورة المرفقة للمقال لضحية القتل زينب زعيتر

*المصدر : القدس العربي
1