أحدث الأخبار
الثلاثاء 16 أيلول/سبتمبر 2025
حضور غير مسبوق للنساء في حكومة الجزائر بعيداً عن الوزارات السيادية!!
بقلم :  عثمان لحياني ... 16.09.2025

يبرز تطور لافت لحضور المرأة في الحكومة الجزائرية، حيث تضمنت الحكومة الجديدة التي أعلن عنها مساء الأحد تسع نساء، يشغلن وزارات متفاوتة من حيث ثقلها الحكومي، وهذه المرة الأولى التي يبلغ فيها عدد النساء الوزيرات هذا الرقم، في سياق مساعي سياسية لترقية مشاركة المرأة في المؤسسات والهيئات. إذ ما زال حضور المرأة في الحكومات الجزائرية مقتصراً على مناصب وقطاعات أقل ثقلاً مقارنة مع الوزارات السيادية، فباستثناء مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية بختة سلمة منصوري (سفيرة سابقة في بوركينا فاسو)، وهو منصب مهم بالنظر إلى صلته بالعلاقات الخارجية وباستحقاقات الجزائر في العلاقة مع محيطها الأفريقي، وتركيزها على إعادة بعث علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول القارة الأفريقية، تشغل باقي النساء ثماني وزارات أخرى أقل ثقلاً من الناحية السياسية.
وتشغل أمال عبد اللطيف وزارة للتجارة الداخلية، وهي وزارة استحدثت منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد تقسيم وزارة التجارة إلى وزارتين الداخلية والخارجية، ويشتد عليها الضغط في الفترة الأخيرة بسبب ارتباطها بتموين السوق وتنظيم سلاسل التوزيع ومراقبة المضاربة، ومشكلات ندرة بعض المواد التموينية في السوق المحلية، ما خلق قلقاً لافتاً في الجزائر خلال الفترة الماضية، خاصة بسبب قرارات الحد من التوريد.
في الفترة منن يناير/كانون الثاني 2020 حتى الانتخابات النيابية التي جرت في يونيو/حزيران 2021، كانت مليكة بن دودة تشغل منصب وزيرة للثقافة في حكومة تبون الأولى التي كان يقودها عبد العزيز جراد، وفي ظروف كان فيها الحراك الشعبي ما زال حاضراً بوصفه حدثاً سياسياً وشعبياً، لم يجدد فيها تبون الثقة بحكومته الثانية التي قادها أيمن بن عبد الرحمن، وهذه المرة عادت بن دودة إلى المنصب نفسه بعدما شغل المنصب إثرها كل من صورية مولوجي و زهير بللو الذي لم يبق في منصبه سوى ثمانية أشهر.
وللمرة الأولى، تعين كريمة بكير وزيرة في الحكومة كاتبةَ دولة للمناجم، ومثلها نسيمة أرحاب التي عينت وزيرة للتكوين المهنيين، وهذه الوزارة تقودها وزيرة في تاريخ الحكومات الجزائرية، بينما استبقيت أربع وزيرات من الحكومة السابقة التي كان يقودها نذير العرباوي وهن: وزيرة التضامن صورية مولوجي، ووزيرة السياحة حورية مداحي، بينما جرى تبادل للقطاعات الوزارية بين وزيرة البيئة وجودة الحياة كوثر كريكو (شغلت قبل وزارة التضامن)، ووزيرة العلاقات مع البرلمان نجيبة جيلالي، وهو ما دفع إلى التساؤل عن دوافع هذا الاستبدال الذي لا يبدو له أي مبرر واضح.
وتعتبر الباحثة في علم الاجتماع السياسي وقضايا المرأة سهام رميتة أن تمكين المرأة في المناصب العليا في الحكومة والهيئات هو مؤشر إيجابي لكسر الصور النمطية التي كانت تحصر المرأة في أدوار اجتماعية معينة ومحددة بعينها"، وقالت رميتة لـ"العربي الجديد" إن "هذه الخطوة ضمن سياق التطور السياسي الحاصل في الجزائر، تمثل "فرصة لإعادة تشكيل التوقعات المجتمعية تجاه أدوار متقدمة للمرأة، والنظر إليها شريكاً سياسياً بعد أن كان مهنياً فاعلاً، وهي خطوة تحمل رسالة ضمنية لتقليل حدة المقاومة الموجودة في المجتمع إزاء مختلف الخطوات المتعلقة بمزيد من المساواة وتعزيز الحضور السياسي للمرأة"، وأضافت أنّ "وجود هذه النماذج في مناصب عليا يمكنه أن يسهم في بناء رؤية سياسية واجتماعية جديدة ترى المرأة القائدة"، لكنها تعتبر أن المسألة "تحتاج إلى ضمان مشاركة المرأة في رسم السياسات وليس في تنفيذها فقط".
في مقابل هذا التقدير الإيجابي، يبرز موقف يعتبر أن تطور المشاركة السياسية للمرأة في الجزائر ما زال قيد التشكل فحسب، بحيث إن المرأة الجزائرية التي تبرز من خلال بعض قائدات الأحزاب الفاعلة، كلويزة حنون زعيمة حزب العمال، أو من خلال رئاسة المحكمة الدستورية ( ليلى عسلاوي)، إلا أنها على تماس مع صناعة القرارات ورسم السياسات، بالنسبة للقيادي في حزب جيل جديد فارس بولحية، فإن "ما هو ملاحظ فعلياً هو أن الوزيرات يشغلن قطاعات غير سيادية، وهذا يؤكد أننا ما زلنا لم نصل إلى مرحلة المشاركة الفاعلة للمرأة في صناعة القرار، أعتقد أن المسألة تحتاج إلى بعض الوقت بسبب الخصوصيات الأيديولوجية والمجتمعية، لكن هناك إشارات سياسية عميقة ومشجعة باتجاه ذلك"، ويشدد على أن وجود "تسع وزيرات في الحكومة الجديدة سابقة في تاريخ الجزائر السياسي، وخطوة تعكس بوضوح انتقال الدولة من مجرد الخطاب إلى الفعل في مسار تكريس المساواة وتمكين المرأة من مواقع صناعة القرار، وهذه الخطوة تكتسب رمزية خاصة بعد المصادقة الكاملة على اتفاقية سيداو، لتؤكد أن الجزائر تسير نحو توازن جديد في بنيتها السياسية والاجتماعية".

1