أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
تساؤلات للسيد رمضان..!!
بقلم : سهيل كيوان ... 18.07.2013

رمضان كريم، وكريم جدًا، تسيل فيه الدماء إلى الرُكب، دماء المسلمين، صائمين ومفطرين، مؤمنين ومشكّكين.
في رمضان الكريم بالذات أحلم بفصل الدين عن الدولة، وأبغض أن يرتدي البعض رداء الدين لتحقيق مآرب سياسية، أو من يتغطّون في السياسة لتحقيق مآرب دينية، لا أحب هذا التداخل المتفاقم بين الدين والسياسة، لأن هذا يفشل السياسة ويفسد الدين، بغض النظر عن هذا الدين أو الذين يتبنونه ويعتبرونه ملكية خاصة لهم، فهذه الظاهرة لا تخص صنفًا واحدًا من البشر، وليست حكرًا على المسلمين، فهي موجودة لدى اليهود بشكل وثيق، فكل ساسة إسرائيل يعزفون على وتر أورشليم الموحدة والهيكل والشعب المختار والحق التاريخي التوراتي في’أرض إسرائيل’ أرض الميعاد! ولهذا تجري الآن عملية تهويد هائلة ومصادرات لما تبقى من أرض عربية لا تقل عن ما حدث عام النكبة.
هذه العلاقة موجودة في أمريكا بقوة بين الخرافات الدينية والسياسة وتداخل المسيحية المتجددة مع الصهيونية، وسيطرة اللوبي الصهيوني على القرار الأمريكي، ولا أعرف ماذا يحدث في ديانات أخرى، ولكن أجزم بوجود مثل هذه العلاقة، و’مثل ما عندك في تايوان’.
هناك من يحلم باستعادة أمجاد العرب من خلال الإلتصاق بالدين أكثر وأكثر، ولكن الدين نفسه شُعبٌ وفرق وتفسيرات لا أول لها ولا آخر!
فما هو الصحيح، هل هو اتجاه حزب الله أم اتجاه الأسير والإخوان؟ الفقيه أم المرشد أم الأزهر! السلفية أم الأكثر سلفية أم طالبان أم مجموعات حوار الأديان وتبييض وجه الصهيونية!
كل يدعي أنه يملك الحقيقة، والجميع يقول إن مرجعيته هي كتاب الله وسنة نبيه، فمن نصدّق! الجميع يهنئ الجميع بحلول الشهر الفضيل، والجميع يتمنى الخير واليمن والبركات للمسلمين وحتى للبشرية جمعاء، ولكن الدماء تسيل والمدن تدك بمدافع المسلمين وطائراتهم، لتدفع مئات آلاف المسلمين إلى دائرة الفقر واليتم والترمل والثكل والفساد والذل في هذا الشهر الفضيل بالذات.
في رمضان الكريم كثير من الدعاء وطلب الرحمة والغفران، نرى المساجد والميادين على كثرتها مكتظة، الكتف على الكتف، ويطيح الإمام أن من حقك أن تسجد على ظهر أخيك، ولكن لا شيء يتحرك أو يتغيّرعلى أرض الواقع، بل يزداد الوضع سوءًا، حتى صرنا نشكك بأن الدعوات تنقلب إلى عكسها على الأمة، وأن الله غير راض، وكثرة الصراخ وحشد الصفوف والفقهاء و’العلماء’ لا يغني عن الصدق والحقيقة.
إلى جانب هذا، فإن العداء للإخوان المسلمين والحركات الإسلامية لا يعني أنك ديمقراطي ومتنوّر بالضرورة، وإعلانك بأن’القومية العربية هي ما يوحدنا’ لا يبرر ذبحك لكل من يعترض على بقائك في السلطة، ولا يخفف من وطء جريمتك!
فالجرائم التي ترتكب باسم القومية والوطنية وحتى الديمقراطية لا تقل بشاعة عن تلك التي ترتكب باسم والدين.
وسؤال للسيد رمضان الطيب، رمضان الذي نحبه، رمضان الذي نختار علاقتنا به كعلاقة خاصة جدًا ليس لمخلوق الحق أن يتدخل فيها!هل كان الجيش المصري سيتدخل بهذه الصورة لو كان الحكم بيد فئة أخرى غير فئة الإخوان المسلمين، أما كان سيصبر ثلاثين عامًا كما صبر على النظام السابق الذي كان أقل حرية بكثير من نظام الإخوان، وأكثر فسادًا وتواطؤا مع عدوانية إسرائيل، بل وكان متأهبا للتوريث لولا تدخل الشعب!
وهل كان سيظهر صحافي مثل باسم يوسف يشرشح الرئيس دون أن يسجن أو يتم إخفاؤه أو إرساله إلى العالم الآخر في حادثة ‘عفوية’!
وسؤال آخرللسيد رمضان،هل يرضيك أن يقوم الإخوان المسلمون بأول تجربة لهم في الحكم بتهميش نصف الشعب المصري والاستئثار بمفاتيح السلطة!
وسؤال آخر! لماذا أيدت السعودية ودول الخليج الإنقلاب أو (اللاإنقلاب)! وهل ينتقص هذا من الثورة المصرية الثانية ويشكك بمصداقيتها كما جرى التشكيك بالثورة السورية لأنها ‘دُعمت’ من الجهات نفسها!
حضرة السيد رمضان، هل تذكر عندما كنا نتحلق حول طبق الطعام البسيط بخشوع شديد، ولم يكن في البيت مصلّون سوى الجدّ، لا مساويك ولا دشاديش ولا مسابح تعج بها الأدراج ولا عطور من العُمرة ولا ماء زمزم! هل تذكر كيف كنا نستمع ونستمتع بترتيل القرآن الكريم قبيل الأذان من صوت العرب من القاهرة، ننتظر بتلهف حتى يأتي صوت المؤذن فيهبط الخشوع والسكينة على الأرواح والأنفس كلها!.
هل تذكر سيد رمضان كيف كنا نشعر بالعزة القومية والكبرياء رغم الهزائم، لقد كان هناك أمر ما يقول لنا إن الهزيمة العسكرية أمام العدو هي أمر ثانوي وعابر وممكن التغلب عليه طالما أننا موحدون في الألم والفرح! طالما أننا غير مهزومين من داخلنا.
قد نختلف مع الحركات الإسلامية، ولكن من الظلم الفظيع وتشويه الحقيقة البسيطة اتهامهم بأنهم صنائع أمريكا وإسرائيل، وخصوصًا من قبل جهات لا تستحي بخدماتها غير المحدودة لإسرائيل وأمريكا بالذات، بل ومن جهات لا شك حول خيانتها.
سيد رمضان هل هذا أنت رمضان نفسه الذي كان؟ بالتأكيد أنك أنت أنت، ولكن نحن الذين تغيّرنا ولوينا عنق معادلة الإيمان وفق أهوائنا وأطماعنا وأحقادنا.

1