أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
تفوّق أخلاقي صهيوني على الأنظمة العربية…!!
بقلم : سهيل كيوان  ... 22.05.2014

لقد بذل مثقفون وبعثات وطلاب وعمال وتجارٌ عرب، الكثير من الجهود في مواجهة الإعلام الصهيوني المعادي الذي شوه صورة العرب بالدعايات السامة، وقد نجح هؤلاء إلى حد ما بالحدّ من ضرر ماكنة الإعلام الصهيونية الهائلة. إلا أن الأنظمة العربية وممارساتها كانت وما زالت عونًا للصهيونية في دعايتها وخصوصًا في السنوات الأخيرة.
لكي تكون مثارًا للاحترام في عيون وذاكرة الآخرين يجب أن تقنعهم بأن لك حقوقك المضمونة في بلدك، وعلى رأسها حقك بانتخاب حاكمك، وقدرتك على محاسبته، وأن الناس في بلدك حاكمًا ومحكومًا كلهم متساوون أمام القانون، وأن لديك إمكانية إزاحة الحاكم عن السلطة من خلال الصندوق وليس فقط بإراقة الدماء والإنقلاب أو الثورة.
في بداية الربيع العربي تململ الناس وشعروا ببدء استعادة كراماتهم المهدورة منذ قرون، ثار العربي أخيرًا على ظلم حكامه العرب، العالم كله انتبه، وبدأ ينظر إلى الأمة على أنها حية، أنها ترفض واقعها الرديء، وبدأ أعداؤها بإعادة النظر في حساباتهم، بل وشكل الربيع العربي إلهامًا لشعوب غير عربية بالنزول إلى الشوارع مطالبة بالحقوق.
إلا أن هذا الربيع تعرقل وتباطأت حركته عندما وصل سوريا، فقد نجح النظام بعدما كان على شفا الإنهيار من استعادة توازنه وإبطاء هذه الطفرة، نجح بمدّ عمره بتدخّل طيرانه بدون أي رادع لا مما يسمى ‘أصدقاء سوريا’ ولا من أعدائها، وبدعم خارجي مباشر من إيران وحزب الله وروسيا، وغير مباشر من أنظمة عربية أخرى مثل السعودية التي أرعبها الربيع العربي، ولكل منهم أهدافه عملوا على تحويل الثورة من اجتماعية سياسية إلى حرب مذهبية طائفية فئوية.
لقد أعاد النظام النظرة المسبقة للعرب بأسوأ مما كانت عليه، يوم كان يزعم الصهاينة أن للعربي ذيلا، صحيح أنه ليس للعرب ذيول، ولكن لهم أنياب وحشية وعطش لا يرتوي للدماء، العربي يفجّرونه ويسمّمونه بالكيماويات ويذبحونه كما لو كان دجاجة، تارة باسم قتل المتآمرين والخونة، وتارة باسم التكفير والردّة.
أما إسرائيل فقد وقفت متفرجة منتظرة بقلق إلى الربيع العربي، قادتها ومفكّروها يدركون أن العربي عندما يكون حرًا سيكون قادرًا على دعم قضية شقيقه الفلسيطيني معنويًا وماديًا أكثر بكثير من مجرد الشعارات والقرارات التي صار مصيرُها معروفًا. عندما يكون العربي حُرًا في وطنه سيرفض العبودية لأخيه في بلد آخر، وسيرفض الغطرسة الإسرائيلية وعدوانها على تاريخ أمّته ومقدساتها في فلسطين وغيرها، وسيسعى لوضع هذا الكيان المعتدي عند حده ويعيده إلى حجمه الطبيعي، وسيعرف كيف يواجهه، إعلاميًا واقتصاديًا وحتى عسكريًا، وسوف يسعى لعزله وتدفيعه ثمن جرائمه، ولكنه لن يستطيع أن يفعل هذا، عندما يكون رد الفعل على مطلبه بالحرية في بلده هو القتل أو السجن الطويل أو التعذيب حتى الموت أو نبذه وقطع رزقه على أقل تقدير.
لن يستطيع أن يواجه وحشية جنود إسرائيل كما رأينا قبل يومين فقط، حيث قاموا بقنص فتيين فلسطينيين في الطريق العام في (بيتونيا) قرب رام الله، بدم بارد وبدون ذنب اقترفاه، في الوقت الذي يُقتل فيه مئات العرب في اليوم الواحد بالطائرات والصواريخ الثقيلة وحتى الغازات بدون حسيب أو رقيب.
مصلحة إسرائيل العليا أن تظهر نفسها كديمقراطية وحيدة في المنطقة العربية، أن تُظهر شفافية الحكم أمام الغرب، فدول الإتحاد الأوروبي لها شروط للقبول في عضويتها أو التعامل معها كمراقب، وهي مصلحة إسرائيلية عليا اقتصادية وأمنية، لهذا يهتم الإسرائيليون بأن يرى العالم أن رئيس حكومتهم يحاسَب على تجاوزات بحق المال العام، ويُسجن رئيسُهم أو وزيرٌ عندهم بسبب تجاوزات أخلاقية بحق موظفة، ويمكن لصحافي أن يكتب عن زوجة وزير استغلت خادمتها وعاملتها معاملة غير لائقة.
من مصلحة الكيان الصهيوني أن يبدو محافظًا على حقوق العمال الأجانب واللاجئين إليه من أفريقيا، كي يبدو كدولة تعامل المهاجرين معاملة فيها حد أدنى من الإنسانية.
من مصلحة إسرائيل أن تبقى الدولة الوحيدة في المنطقة العربية التي تنتخب حكومتها ورئيسَها من خلال الصندوق ومن خلال تعددية حزبية من اليسار حتى اليمين المتطرّف، والقرارات المصيرية الكبرى يصادق عليها باستفتاء الشعب.
هكذا يبدو هذا الكيان العنصري هو الديمقراطية الوحيدة في المنطقة العربية، رغم كل ممارساته العنصرية على أرض الواقع، ورغم فاشيته تجاه الفلسطينيين، ورغم الجرائم المنهجية من اغتيالات وهدم بيوت وتهجير سكاني يطال عشرات الآلاف من الناس كما في النقب والأغوار، ومصادرة أراض في كل فلسطين، وحتى شرعنة العنصرية من خلال سن قوانين آخرها قانون ‘يهودية الدولة’ الذي يسعى نتنياهو لتمريره، العالم عندما يقارن هذا الكيان بما يجري في الوطن العربي وخصوصًا الآن في سوريا من قتل وهدم تمسكًا بالسلطة، وفي مصر التي يُحكم فيها بإعدام المئات خلال نصف ساعة لمعارضي الإنقلاب، وبالسعودية التي تُقطع فيها رؤوس المعارضين في الساحات العامة، ويُجلد ويُسجن من يتفوه بكلمة ضد الأسرة الحاكمة! وعندما يُحلّ البرلمان والحكومة بإشارة من الملك في الممالك العربية، وعندما تُحكم امرأة سودانية بالإعدام يتهمة الردة عن الإسلام واتباع المسيحية في الوقت الذي نطلب مليون (لايك- يعجبني) على الفيسبوك لإمرأة مسيحية اعتنقت الإسلام! عند مقارنات كهذه يكون الميزان بلا شك في صالح الكيان الصهيوني، مهما تحدثنا كعرب في إعلامنا عن جرائم الصهيونية التاريخية منذ عام النكبة وقبلها إلى يومنا هذا، لأن السؤال الموازي هو..وماذا معكم أنتم يا عرب! كيف تعاملون مواطنيكم؟ وهل أنتم أكثر عدلا من هذا الكيان أم أقل وحشية من وحشيته! وأنت أيها المواطن العربي هل تحصل على احترامك وتقديرك وحقوقك في وطنك الكبير قبل أن تطالب الآخرين بها..الجواب كلنا نعرفه..

1