الحرب على مدينة القدس لم تتوقف لدقيقة واحدة،وكل أجهزة الإحتلال امنية ومدنية وسياسية وتشريعية وقضائية ومستوطنين وجمعيات تلمودية وتوراتية متجندة في هذه المعركة والحرب ... فالشهداء حتى في قبورهم يقلقون راحة الإحتلال،ولا يريد لهم ذكرى وتخليد،فهذا من شأنه ان يبقى جذوة النضال والنموذج قائمة ومتجذرة عند أبناء شعبنا وخاصة الشباب منهم،ولذلك تستهدف نصبهم التذكارية بالهدم،كما حصل بنصب الشهيد محمد عبيد في العيسوية،والذي هدمته قوات الإحتلال بامر مباشر من رئيس وزرائها نتنياهو....والأطفال لا يريدون لهم حتى اللعب في قدسهم،او معرفة أي شيء عن وطنهم وأرضهم،ولذلك لا بد من مصادرة وعيهم و"كيه" والسيطرة على ذاكرتهم الجمعية،تنفيذاً لمقولات قادة الحركة الصهيونية من أمثال "بن غوريون"،بان أطفالنا سينسون بعد موت كبارنا، ولتحقيق هذه الغاية والهدف،تمنع الأنشطة والفعاليات الخاصة بالأطفال في مدينة القدس،حتى لو كانت على شكل مخيم صيفي،حيث اقتحم مخيم صيفي للأطفال في بلدة الثوري من قبل جند الإحتلال ...والأسرى المقدسيون من ينهي فترة حكمه،يعاد اعتقاله مباشرة من بعد تحرره،لتنغيص الفرحة على أهله وذويه،وتفرض عليه شروط وقيود،ويبعد الى خارج حدود مدينته،فالأسير وسيم الجلاد الذي اعتقل بعد فترة قصيرة من زواجه،وحكم خمسة عشر عاماً،جرى اعتقاله مباشرة بعد تحرره،وفرض عليه الإبعاد عن مدينته لمدة شهر كامل،مع منع لأي مظهر من مظاهر الفرح والإحتفال...واستهداف الحجر الفلسطيني المقدسي متواصل وبوتائر عالية،في واد الحمص يقترب موعد هدم اكثر من مئة شقة سكنية هناك،ونفس السيناريو يتكرر في وادي ياصول والربابة وبطن الهوى وكرم الجاعوني وكبانية ام هارون،عمليات تطهير عرقي وطرد وترحيل قسري،ضمن مخطط تهويد المدينة،وتحويل سكانها الأصليين الى مجرد جزر متناثرة في محيط اسرائيلي واسع،وبما يقلب واقعها الديمغرافي لصالح المستوطنين ....واوامر الهدم على مدار الساعة .....واقتحامات الأقصى لا تتوقف بل تزداد اتساعاً،ومخططات التقسيم المكاني تنتظر اللحظة المناسبة،فمقبرة باب الرحمة وباب الرحمة في دائرة الإستهداف،والأنفاق التي تزيد عن سبعين نفقاً أسفل الأقصى والبلدة القديمة وبلدة سلوان،والتي شارك في افتتاح احداها بمطرقة حديدية ثقيلة السفير الأمريكي المتصهين فريدمان والى جانبه مبعوث ما يسمى بالعملية السلمية الأمريكي للمنطقة جيسون غرينبلات،أصبحت تهدد أساسات المسجد الأقصى وخاصة الغربية منها بالإنهيار ...والعقارات المقدسية مستهدفة بالإستيلاء عليها عبر ما يسمى بالجيل الثالث واملاك الغائبين وتزوير المستندات ووثائق الملكية وتواطؤ ومشاركة من قبل منْ تجردوا من كل قيمهم وانتمائهم الوطني والديني والأخلاقي ...مافيات من محامين ومهندسين ورجال اعمال وساقطين وطنياً ورجال دين ...ومتعاونين معهم في دوائر تسجيل الأراضي والعقارات هنا وفي الأردن ....حيث تجد مافيات منظمة تسافر الى عمان لكي تبحث وتنبش عن أراض وعقارات عليها خلافات متعلقة بالميراث او ما يسمى املاك غائبين ، شخوص تثري على حساب عقارات وتراب الوطن وتصبح رموزاً وقادة ..؟؟ تحتضن وتوفر لها الإمتيازات والتسهيلات ....والمحاسبة والمساءلة غائبة .لا تستخلص أي دروس وعبر مما يجري النزف متواصل،والإحتلال يتقدم في مشاريع ومخططات التهويد،والخطر أصبح داهم على عقارات البلدة القديمة،فعملية تسريب عقارات ما يعرف بصفقة باب الخليل فندقي امبريال والبتراء وقصر المعظمية،ومجابهة ذلك لا تتم بالبيانات والإستنكارات،او عبر بيانات تنشر في الصحف او وقفات احتجاجية يتيمة من باب رفع العتب او من أجل خلط الأوراق، فلا بد من خطوات عملية وجدية ضمن استراتيجية واضحة من شأنها ان توقف هذا المسلسل المخزي،فلا يكفي عقد لقاءات واجتماعات عائلية وعشائرية او وطنية،ونشر بيانات البراءة ممن سرب أو باع بعد " خراب مالطا"،او أننا بعنا عقارنا الى مواطن فلسطيني ولم نبع للمستوطنين،وهم يعرفون جيداً بان الثمن المدفوع للعقار،يضع مئة علامة استفهام على من قام بالشراء،كفوا عن الخداع والتضليل والكذب،ولنحصن جبهتنا الداخلية،وليكن هناك مواقف جدية وعملية من الحرمان الديني منع للصلاة على المسرب او دفنه في المقابر الى المقاطعة الإجتماعية بعدم المشاركة في الأفراح والأتراح وغيرها..الى اشكال اخرى من العقوبات التي من شأنها أن تضع الأمور على سكتها الصحيحة،وطبعاً وهذا يحتاج الى مواقف جريئة من قبل المستوى الرسمي والوطني،بتسمية الولد باسمه دون مواربة او عبارات مبهمة.
في ظل هذه الحرب المستعرة على المدينة،والتي يحاول الإحتلال الصهيوني،الإستثمار السياسي والإستفادة منها الى أقصى حد ممكن وخاصة من بعد قرارات المتصهين ترامب وفريقه الأكثر صهيونية من حكومة نتنياهو نفسها،بعد قرار نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب والإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال،والمترافق هذا مع مشاركة امريكية مباشرة في العدوان على شعبنا،حيث ما يعرف بصفقة القرن وأداتها الأساسية الورشة المالية التي عقدتها الإدارة الأمريكية في البحرين في الخامس والسادس والعشرين من شهر حزيران الماضي،صورت قضية شعبنا الفلسطيني على انها قضية انسانية يتجمع حولها مجموعة من " المحسنيين" و "الخيرين" يقومون بتسعير كل شيء له علاقة بشعبنا،ثمن الأرض،ثمن الشهيد،ثمن الجريح،ثمن الأسير،ثمن اللاجىء،في صفقة تجارية وقحة يراد منها بيع فلسطين بأبخس الأثمان،يعتبرون قضيتنا ليس قضية وطن وأرض،بل قضية مال ومشاريع اقتصادية،نضال شعب انطلق منذ اكثر من مئة عام،لم ينطلق من اجل مشاريع سياحية او بناء جسر او تخفيض نسبة بطالة او تعبيد شوارع وطرقات،او توفير فرص عمل،نضال انطلق من اجل نيل حقوق وحرية واستقلال وانعتاق من نير الإحتلال.
القدس تحتاج منا نحن المقدسيون أصحاب القضية والمكتوين بنار الإحتلال وقمعه وتنكيله،ان نبقى بكل مكوناتنا وطنية سياسية ومجتمعية وشعبية موحدين،لكي نعمل ونتمكن من مواجهة كل المشاريع المستهدفة طردنا وتهجرينا خارج مدينتنا،وان نرسم استراتيجية موحدة لكيفية حماية أرضنا وعقاراتنا من مخاطر البيع والتسريب والإستيلاء عليها،فلا مناص من تشكيل صندوق او صناديق لهذا الغرض يقوم عليها أشخاص مؤتمنين،وما ينطبق على العقارات والأرض،ينطبق على تعزيز الصمود من خلال مشاريع للإسكان جماعية،تتوزع على طول جغرافيا المدينة،فلا فائدة من وجود حجر ولا وجود للبشر،ولذلك لا بد من تعزيز الوجود والصمود،ولعل إجتراح المبادرات المحلية،التي تشارك فيها المكونات والمركبات المقدسية هامة جداً،فلا رهان على الدعم الرسمي العربي المرتهن للإرادة الأمريكية وصاحب الأثمان السياسية.
الحرب على القدس متواصلة!!
بقلم : راسم عبيدات ... 12.07.2019