لا أكرر كلاما كتبته مرارا وتكرارا، وكتبه غيري، ودعا له كثيرون في ( الساحة) الفلسطينية، ولذا أتوقف عند ( صفقة القرن)، صفقة ترامب – نتنياهو، التي تبتلع ( كل الأرض) الفلسطينية، ولا تبقى للفلسطينيين أي إمكانية لإنشاء دولة عاصمتها القدس، وسيدة على حدودها ، تحديدا مع الأردن، أي السيادة على ضفة النهر الغربية، وتواصلاً بين المدن الفلسطينية..وبدون مستوطنات انتشرت في الضفة ملتهمة الأرض، ومستوطنين يبلغ تعدادهم ، حاليا، قرابة ال800 ألف مستوطن..والعدد يزداد يوميا!
ما الذي شجّع ترامب على ( صفقته)؟ وما الذي شجّع حكامنا عربا ودولهم، أو دويلاتهم، على ( التطبيع) مع الكيان الصهيوني، و..الترحيب بصفقة ترامب علنا وبدون مداورة؟
وضعنا الفلسطيني المنقسم، المتشظي، الضعيف..والذي ضعف بعد( أوسلو) وازداد ضعفا بعد انقسام غزة عن الضفة، ونشوء سلطتين متنافرتين، متعاديتين، متصارعتين متحاربتين.
الوحدة الوطنية لأي شعب، لأي ثورة في العالم، لكل الشعوب المظلومة الساعية للتحرر من الاستعمار، والهيمنة الأجنبية، كانت، وما زالت، وستبقى: الشرط الأساس للانتصار..وأولاً.
من فيتنام إلى الجزائر، حققت شعوب العالم انتصاراتها بوحدتها الوطنية، وبوحدتها الوطنية، وبرامجها المتفق عليها..مضت قدما، بشعب موحد ملتف حول ( برنامج) واضح محدد يعرفها كل مواطن، ويؤمن به، ويعمل على هديه...
هذا تحقق لنا نحن الشعب العربي الفلسطيني بميثاق منظمة التحرير الفلسطينية القومي، والذي نشأت المنظمة، وبنت مؤسساتاها بناء على التوافق عليه في مجلس وطني ( قوي) رغم أنه غير منتخب، ولكنه متوافق عليه لتميّز أغلب شخصياته المختارة..وكذا اللجنة التنفيذية التي عملت على تنفيذ برنامج المنتظمة.
الاختلاف بدأ معلنا بعد حرب تشرين 73 التي عرفت بحرب أكتوبر، ومع بدء طروحات فلسطينية تنازلت عن شعار التحرير لكامل التراب الوطني الفلسطيني..وتفاقم الأمر بعد أوسلو بحيث تباينت الأهداف، وتصادمت، وافترقت.
بعد صفقة ترامب، والتي يفترض أن لا تفاجئ أي فلسطيني، وعربي – لأنها تمضي على مسيرة رؤساء وإدارات الحكم في أمريكا – ولعوامل عديدة، والتي تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية بقدس موحدة عاصمة للكيان الصهيوني..ووضع يد الكيان الصهيوني على ضفة نهر الأردن الغربية ، والبحر الميت كاملاً من الجهة الغربية والشمالية _ أي لا شئ للفلسطينيين- وكل السهول غربي النهر ..والمياه للكيان ..والمستوطنات كلها تابعة للكيان..مع منحة للفلسطينيين في معازلهم تضاف( لهم) ..هي منطقة المثلث بكاملها وعاصمتها مدينة الطيبة، وبهذا يتخلصون من تكاثر الفلسطينيين في عمق فلسطين المحتالة عام 48...
هذه هي ( نعم) الوسيط الأمريكي ( النزيه)!!
ألا تدفع صفقة ترامب، وعد بلفور الجديد..الفلسطينيين للوحدة الوطنية؟ لوضع برنامج وطني موحّد يجمعهم حوله، ويحدد لهم الطريق والأهداف والوسائل؟!
ماذا تبقى للفلسطينيين؟ أهناك ( أمل) بإمكانية الظفر بدولة في حدود ال67 ؟! بعد صفقة ترامب..وتحقيق برنامج الليكود الذي وضعه مناحم بيغن عام 77 لحل القضية الفلسطينية، وهو: حكم ذاتي للفلسطينيين على أنفسهم..والأرض ( أرض إسرائيل) بكاملها، والذي قدّم كهدية لنتنياهو وما يمثله هو وريث بيغن؟!
بقي للفلسطينيين: مراجعة مسيرة السلام – أوسلو- وموقف حاسم من الدور الأمريكي المعادي، ليس في زمن ترامب، ولكن منذ إدارة ترومان عام 47 ..بل وقبل ذلك، والدور الأمريكي المعادي لعرب فلسطين انحاز مع وعد بلفور وعمل على تثبيته على الأرض بتأسيس( الكيان) الصهيوني تحت الانتداب البريطاني...
والمراجعة لا بد أن يشارك فيها ( الكل) الفلسطيني، وليست الفصائل كما اعتادت في المجالس الوطنية..مراجعة جادة تستخلص النتائج، ويبني عليها ..وتفتح لشعبنا طريقا واضحا صوب فلسطين التي ( تلتهمها) أمريكا والكيان الصهيوني.. شريك السلام الذي لم يبق شيئا بعد مسيرة أوسلو..والوسيط غير النزيه( أمريكا) راعية النهب الصهيوني لما تبقى من فلسطين التي رُضي بها( دولة) على 22% …
هل ستنتهي حقبة الرهانات، والانتظار، ويتم الانتقال إلى حقبة جديدة متفق عليها، ببرنامج وطني وحدوي جامع يعيد الحيوية الثورية لشعبنا بحيث يمضي مع ( القيادة) التي تتم ولادتها مع هذا البرنامج الوطني ..برنامج ( العامل ) الفلسطيني الذاتي الذي سيصد تطاول دول عربية لم يتجرأ حكامها في زمن مضى على عبثهم بالقضية الفلسطينية ..(والتأستذ) على شعبنا..والتفريط والتطبيع ..بل والانحياز للكيان الصهيوني ضد شعبنا، وقضية أمتنا المقدسة: فلسطين...
إضاعة الوقت من جديد ..ستأخذ قضيتنا إلى حيث لا يريد شعبنا، وأحرار أمتنا، وكل الأصدقاء في العالم.
منا، نحن عرب فلسطين يبدأ تصحيح المسار، تستأنف مسيرة شعبنا ظافرة التي تجاوزت المائة عام..ومنا تبدأ هزيمة ( صفقة) ترامب، وبشعبنا الموحد تتحقق الانتصارات على المشروع الصهيوني العنصري المجرم ..وينحصر دور ( الدول اللقيطة)!!
الوحدة الوطنية أولاً!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 03.02.2020