لم تهزم (دولة) الإمارات، وحكامها، في الحرب مع الكيان الصهيوني، لأنها لم تخض حربا من حروب العرب مع الكيان الصهيوني منذ نشأته، وقبل تحوله إلى دولة أسسته بريطانيا المنتدبة على فلسطين، ورعتها وسلحتها وحمتها عسكريا وسياسيا وديبلوماسيا و..ماليا بدعم سنوي هائل: أميركا.
و( دولة) الإمارات العربية بعيدة عن فلسطين، وهي ليست بصدد حماية حدودها من أطماع التوسع الصهيوني ممثلا بدولة الاحتلال التي تحتل كل فلسطينن وهضبة الجولان السورية، واراض لبنانية ممثلة بمزارع شبعا.. ناهيك عن القرى السبع.
لم يضح حكام الإمارات يوما بجندي واحد شهيدا على ثرى فلسطين، مع جيوش الدول التي خاضت حروبا مع الكيان الصهيوني، وهذا يعني أنهم لم يخسروا دما في المعارك العربية – ( الإسرائيلية)، رغم أنه يدفعون مليارات الدولارات سنويا لشراء أسلحة أمريكية، وأحيانا بريطانية، وفرنسية، علما أن جيشهم الصغير المتواضع جدا، والذي يضم جنودا وضباطا( متطوعين) من بلاد أخرى..لا يحتاج ( لكل ) هذه الأسلحة التي تشترى بالمليارات والتي لم تستخدم يوما للذود عن أرض عربية.
والحق أن بعض الأسلحة المشتراة بالمليارات يستخدمها حكام الإمارات، أبناء زايد، في تاجيج الحرب في ليبيا، وفي تدمير وتمزيق اليمن أرضا وشعبا..وهي حرب غير مفهومة، وغير مبررة، لأن الإمارات لا تحتاج لمساحات إضافية تتسع لسكان الإمارات قليلي العدد، ولأن دخل الإمارات من النفط يفيض عن حاجة شعبها، في حال رفع أبناء زايد أيديهم عن الثروات الهائلة المتدفقة من النفط...
لا توجد أي مبررات لأبناء زايد ومواليهم في الإمارات أن يطبعوا مع الكيان الصهيوني، وأن يستضيفوا رياضيين صهاينة، وقادة أمنيين، ووزراء ووزيرات، ووفودا دينية..ورغم تحذيرات الفلسطينيين من ضرر هذه الخطوات في الوقت الذي تهوّد فيه القدس، وتقضم أراضي الضفة الفلسطينية، والمناطق التي يفترض أنها من الأرض التي يفترض أن تقوم عليها دولة فلسطين التي ارتضت بها قيادة فلسطينية وقعت على اتفاقات اوسلو، واتفقاية باريس، وشرم الشيخ، وطابا...
ما الذي يدفع بأبناء زايد أن يبرموا، أو يبرم لهم اتفاق برعاية ترامب شخصيا مع نتنياهو شخصيا، وأن يعلن بأن هذا الاتفاق يحمل اسم ( إبراهيم)، في توظيف للدين لتبرير نهب الأرض الفلسطينية، ومحاصرة الفلسطينيين في معازل، وتهويد القدس)..وتحت اسم إبراهيم!
أدانت القيادات الفلسطينية جميعا طائرات ( الأدوية) التي اسهمت شخصيا في فضحها، وورأت فيها أنها غطاء للتطبيع..وقد افتضح أمرها بأنها تنقل الأسلحة ( الإسرائيلية) إلى ليبيا..واليمن.
ورغم الإدانات الفلسطينية، ورفض أدوية طائرات أبناء زايد، فها هي صفقة تعقد برعاية ترامب، هي في جوهرها تبرير لما يسمى( صفقة القرن)..وهنا أذكّر بحضور سفير الإمارات لإعلان ترامب عن صفقة العصر مع زميليه ( العماني) و( البحريني)..وأن هذه ( الدويلات) تمرق على القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، وملايين العرب في كل أقطارهم.
انخراط أبناء زايد في هذا الاتفاق فيه تطاول على الشعب العربي الفلسطيني، وعلى الأمة العربية التي آمنت ملايينها دائما بأن فلسطين هي قضيتها، وأن الصراع في جوهره صراع عربي- صهيوني، وأن قادة أميركا أعداء لفلسطين والعرب، منحازون دائما للكيان الصهيوني.
ما الهدف من هذا ( الاتفاق)؟
هل يمنح الفلسطينيين دولة مستقلة؟
هل ينقذ القدس من التهويد؟
هل يوقف ( قضم) أراضي الضفة الفلسطينية؟!
أبدا، فنتنياهو مباشرة بعد الإعلان أكد على سياسة (الضم)ن وبهذا ضحد كلام أبناء زايد من أنه يوقف سياسة( الضم)..ووضعهم في ( حجمهم) الصغير كتابع لا يعتد به، وبما يمثله.
ترامب أراد بالإعلان عن هذا ( الاتفاق) أن يحسن فرصه في الانتخابات الأمريكية، وكأن لأبناء زايد أي تاثير على الرأي العام الأمريكي! وكأنه صانع سلام في ( الشرق الأوسط)..سلام تاريخي!!.
نتنياهو أيضا يخوض معركة داخلية ضارية مع القضاء، ومع رأي عام يتظاهر ضده يوميا، وهو يخسر بحسب الاستطلاعات لو ذهب إلى انتخابات رابعة، ويتناقص عدد مقاعد الليكود من 41 إلى 27 مقعدا..وهو يريد أن يحسن شعبيته بهذا الاتفاق مع أبناء زايد المطبعين!
المتدينون، قادة الاستيطان، وحتى نواب من الليكود..أدانوا الاتفاق ورفضوه، ولذا أراد نتنياهو تخفيف ردود فعلهم فأعلن بأنه لا تراجع عن سياسة الضم التي وضعها هو شخصيا.
ماذا يريد أبناء زايد، ولا أقول عرب الإمارات، من خطوتهم هذه التي تنم عن استهتار، وتنطع، ومروق على الأمة بكاملها؟
لا شك أن مسيرة التطبيع التي بدأت بالسادات، وتوالت بأوسلو..ووادي عربة، لم تكن بعيدة يوما عن سعي آل سعود لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يعني القضاء على الطرح القومي للقضية الفلسطينية، والتخلّص من جوهر الصراع الذي يفضح عجز وتواطؤ وخيانة الرجعية العربية المتآمرة على فلسطين، وعلى أي إمكانية لوحدة الأمة العربية ونهوضها...
في ظل غياب المشروع القومي العربي، وضعفه، وما لحق به من ضربات ..منذ رحيل القائد جمال عبد الناصر، وحتى يومنا هذا، وجد الصغار أن لهم أدوارا يمكنهم أن يكسبوا في تجشمها، فقفزوا ..للتطبيع برعاية أمريكية، وغير بعيد عن العباءة السعودية المترددة في خوض التطبيع علنا، وفي غياب دول عربية فقدت وزنها ودورها وحضورها وباتت( ملطّة) لجيران العرب القريبين والبعيدين...
تصفية القضية الفلسطينية، هو العنوان لخطوة أبناء زايد، وهم اقتحموا مسار التطبيع، وفي عقولهم المحدودة الوعي والمعرفة والخبرة أنهم سيكونون شيئا بين دول الخليج..وربما أبعد، ولسنا نفصل بين تخريبهم في ليبيا، وحربهم على اليمن..وخطوتهم الخيانية هذه.
الرفض الفلسطيني الشامل، والإدانة التامة، واتهام حكام الإمارات( عيال زايد) عليه إجماع فلسطيني، وهنا أقول: يجب أن نستغني عن العلاقة مع ( دولتهم)، فالموقف يجب أن يتسم بالحزم والحسم مع هؤلاء ( الأولاد) الذين يقفزون من فوق رأس الشعب الفلسطيني، ومن فوق أقدس قضايا الأمة، وفي ظنهم أنهم سينجون من فعلتهم وعقابيلها، وأنهم سيكسبون رضى أمريكيا وصهيونيا أكثر..وبهذا يتميزون عن ( دويلات) الخليج المتواطئة والتابعة والمتنصلة من العروبة، والمتلهفة على إنهاء القضية الفلسطينية التي تفضح عجزها وتبعيتها.
من يتآمر على فلسطين وشعبها، وعلى تبني ملايين العرب للقضية العربية الفلسطينية سيخسر، كما خسر غيره من قبل، و( عيال زايد) وصاحبهم اللدود عيّل سليمان ليسوا جميعا سوى أولاد مرّ كثيرون أكبر منهم قبلهم، ممن تآمروا على فلسطين..وكانت نهاياتهم مخزية، وعقابهم شديدا..أمّا عرب الإمارات فأحسب أن ما يفعله هؤلاء الأولاد جارح لمشاعرهم القومية، ولتبنيهم لفلسطين قضية عربية حملوها دائما في ضمائرهم...
ما يفعله أبناء زايد من خيانة لفلسطين و..للعرب جميعا!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 14.08.2020